برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تختلف الحملات الانتخابية لانتخابات 2015 عن سابقاتها، بأنها لا تنحصر حول موضوع معيّن، فكل حزب ينفّذ إستراتيجية انتخابية تختلف كليا عن باقي الأحزاب.
لكن يبقى موضوع الاقتصاد يحتل المرتبة الأولى على سلّم أولويات الأحزاب السياسية في تركيا، فبرامجها الانتخابية تلتقي على هدف وصول تركيا لأقوى 10 دول من الناحية الاقتصادية.
مع كل مشروع اقتصادي يكشف عنه حزب العدالة والتنمية، نجد أنّ حزب الشعب الجمهوري المعارض يكشف عن مشروع آخر، فهم يتنافسون بقوة حول المشاريع الاقتصادية، ولهذا أعلن حزب الشعب الجمهوري عن مشروعه المتمثل بـ"تركيا المركز"، في مقابل مشاريع حزب العدالة والتنمية التي تتطلع إلى أنْ تكون تركيا قوة مركزية وعالمية.
ما يلفت النظر في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية التي تروّج لها قبل دخول انتخابات 2015، هو أنّ حزب الشعب الجمهوري يقدّم وعودا اقتصادية متنوعة، بينما يقوم حزب الشعوب الديمقراطي ببناء إستراتيجيته الانتخابية بناء على العرق والهوية وحتى على نقاشات الدين والديانة، وهذا الأمر مستغرب بعض الشيء.
لأول مرة يتحول موضوع الديانة والدين والشؤون الدينية إلى إحدى مواضيع الحملات الانتخابية في تركيا، ولأنّ حزب الشعوب الديمقراطي يسعى للحصول على أصوات من العلمانيين، فإنه كان يطالب بإلغاء وزارة الشؤون الدينية، إلى أنه يطالب الآن بضرورة توفير ترجمة للقرآن الكريم باللغة الكردية، ووصلت النقاشات موضوع السيارة الرسمية لوزير الشؤون الدينية محمد غورماز وكذلك موضوع الزعامة الدينية.
***
كانت النقاشات الدينية ضمن الحملات الانتخابية ذات بُعدين. الأول، هو أنّ حزب الشعوب الديمقراطي وأثناء دفاعه عن نفسه فيما يتعلق بالمواضيع الدينية، أهدى حزب العدالة والتنمية أصوات المتدينين الأكراد دون أنْ يقصد. والبُعد الثاني، هو أنّ النقاشات المتعلقة بالشؤون الدينية وصلت لأنْ تكون نقاشات شعبية تدور في الشارع التركي.
فعندما صرّح اردوغان بأنّ "محمد غورماز ليس زعيما دينيا لتركيا فحسب، وإنما في العالم الإسلامي بأسره، وهو زعيم ديني مُحترم لهذه المنطقة"، نقل بذلك اردوغان النقاشات إلى مستوى أكثر تقدما، لتصل ردود المعارضة إلى حدّ وصفها أنّ ما يسعى إليه اردوغان هو تحويل وزارة الشؤون الدينية إلى "فاتيكان" جديد.
من المعروف أنه لا يوجد رهبانية في الإسلام، ومن المعروف أنّه لا تلاقي أبدا بين وزارة الشؤون الدينية وبين الفاتيكان، لكن ماذا يعني وصف اردوغان لمحمد غورماز بأنه "زعيم ديني مُحترم لهذه المنطقة"؟
بالنظرة الأولى نقول أنّ اردوغان أراد استغلال ذلك كجزء من الترويج لحزب العدالة والتنمية وللضغط أكثر على المعارضة، لكن عندما ننظر بصورة أكثر شمولية، نستطيع القول أنّ وزارة الشؤون الدينية ستختلف مع اختلاف منظومة تركيا الجديدة، فهي ستتحول مع تحوّل تركيا أيضا.
ولهذا نعتقد أنّ وزارة الشؤون الدينية ستنتقل من مرحلة وجود علماء أقرب للعلمانية، إلى مستوى أكثر فعالية، ومنها المساعدة في تقديم الخدمات الدينية لمحيط تركيا والدول الإسلامية، وكذلك لعب دور أساسي في المسائل الحساسة في العالم الإسلامي مثل الصراعات المذهبية والإسلاموفوبيا والتطرف وغيرها، وكانت خطبة غورماز من القدس، أول خطوة على هذا الطريق.
لا يمكن حصر الشؤون الدينية بحدود تركيا فقط، خصوصا في ظل انفتاح تركيا على المنطقة والعالم، وما يقصده اردوغان، هو انفتاح أيضا لوزارات الشؤون الدينية و التربية والتعليم العالي وغيرها على دول الجوار، وكما أنّ ذلك من متطلبات الوقوف في وجه الجماعات السلفية المتشددة التي خرجت في محيط تركيا.
ولهذا تسعى تركيا إلى أنْ تقود قائدة لحراك إسلامي يقف في وجه التطرف، وهذه هي مهمة ورؤية جديدة لوزارة الشؤون الدينية التركية، وموضوع مناقشة وزارة الشؤون الدينية خلال الحملات الانتخابية بيّن لنا بصورة واضحة معالم هذه المهمة والرؤية الجديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس