برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
أصدر قادة الانقلاب العسكري في مصر، حكما بالإعدام على الرئيس المنتخب محمد مرسي، ورئيس جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، بالإضافة إلى ما يزيد عن مائة شخص آخرين، وقد صدر هذا القرار ضمن قضيتي "التخابر مع حماس" وقضية "الهرب من السجون".
لم تكن تلك القرارات مرتبطة بالمصريين فقط، وإنما كان من بين المتهمين، رائد العطار، وهو أحد قادة كتائب الشهب عز الدين القسام، الذي استشهد في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، كما كان أيضا اسم يوسف القرضاوي، رئيس اتحاد علماء المسلمين، على قائمة الأشخاص الذين حوكموا بالإعدام.
تهدف هذه القرارات، وهذه الحملة العشواء، إلى التأكيد على قرار الإعلان بأنّ حركة الإخوان المسلمين حركة إرهابية، كما يهدفون إلى إضعاف تواجدها ونفوذها في كل المنطقة، وخصوصا في فلسطين.
لا شكّ أنّ أكثر المستفيدين من قرارات السيسي، هم الإسرائيليون، وذلك بعد تسليم قرار الإعدام بحق مرسي إلى المفتي، وسيتم الإعلان عن القرار النهائي بتاريخ 2 حزيران، وهنا يجب علينا قراءة وتقييم ما جرى من خلال ثلاثة جوانب:
من الملفت للنظر، أنّ القرار الذي تم اتخاذه بحق رئيس الجمهورية المصرية، والذي وصل إلى سدة الحُكم عبر صناديق الاقتراع بنسبة 52%، قد كان قاسيا، وهذا يدل على خوف الانقلابيين في مصر في حال اتخاذهم لقرار أخف وطئا من قرار الإعدام، ولهذا أرادوا الظهور بقرارات حازمة، مع أنّ موضوع مشروعية نظام السيسي موضوع جدل، فمثلا تركيا لا تعترف بالسيسي رئيسا لمصر، وإنما تعتبره قائدا لانقلاب عسكري، وتشترط إخراج مرسي وكل المساجين، والسماح لهم بالمشاركة في الانتخابات، كشرط لإعادة العلاقة بين مصر وتركيا إلى سابق عهدها، وسيبقى سكوت العالم ومؤسساته على الانقلاب في مصر، موضع انتقادات حادة من قبل الشعوب.
لا يتمثل نجاح الحراك الدولي بإعاقة وتعطيل قرارات الإعدام التي صدرت بحق مرسي وإخوانه، لأنّ جُرم الغرب يتمثل أيضا بسكوته عن الانقلاب الذي قاده السيسي، وعن الاضطهاد الذي يقوم بها بحق الشعب المصري.
ردة الفعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذه القرارات، كانت ضعيفة جدا، فقد قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي السيد "موغريني" :"القرارات التي اتخذتها مصر لا تتوافق مع المسئوليات القانونية الدولية، ونحن نؤمن بأنّه سيتم استئناف هذا القرار"، بينما اكتفت الخارجية الأمريكية بالإعلان عن "قلقها العميق" تجاه هذه القرارات.
هذا السكوت "العميق" تجاه ما يجري في مصر من قبل الغرب، هو ليس بالأمر الجديد عليهم، فهم من كانوا يدعمون الأنظمة الدكتاتورية القائمة في الشرق الأوسط، وهذا الدعم كان دوما في سبيل المحافظة على مصالحهم، بغض النظر عن صناديق الاقتراع وما تفرزه، فهم لا يلقون لها اعتبارا.
مصدر قلقهم ورعبهم يكمن أصلا في تحوّل الحراك الإسلامي إلى حراك ديمقراطي تفرزه صناديق الاقتراع، فما حصل في الجزائر كان مثالا لذلك، عندما جرت الانتخابات عام 1992 واكتسحها الإسلاميون، قاموا بإفشال نتائج تلك الانتخابات من خلال إدخال الجزائر في حرب داخلية دموية عن طريق الجيش الجزائري، وتسببت الحرب بين الجيش الجزائري وجماعات راديكالية بمقتل ما يزيد عن مئة ألف شخص.
كان الربيع العربي، فرصة جديدة لترسيخ الديمقراطية في المنطقة، فلو استمرت ثورة التحرير، لقاد المسلمون هذه الدول إلى مستقبل مختلف تماما، فالجانب الثالث لقرار إعدام مرسي يتمثل بتوغل التدخل الغربي في بلادنا الذي لم ينته، وهذا التدخل السافر في بلادنا، ودعم الأنظمة الدكتاتورية ضد صناديق الاقتراع، سيغذي بلا شك كراهية الشعوب للغرب، وبالتالي تهيئة بيئة خصبة للجماعات المتشددة.
صوت تركيا المرتفع في اعتراضها على ما يجري في مصر، يهدف إلى انتقاد الغرب بصورة علنية، وإلى محاولة تنبيههم بأنّ صمتهم سيقود المنطقة إلى ما هو أسوء، فما يجب على المجتمع الدولي معرفته، هو أنّ ما يجري في الشرق الأوسط من نزاعات وما ينتج عنها من كوارث، لن تنته في دولنا فحسب، وإنما ستصل إليهم إلى دولهم أيضا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس