ترك برس

لعب الأتراك الذين هاجروا إلى جنوب إفريقيا في عهد الدولة العثمانية دورا مهما في مكافحة العنصرية خلال فترة نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، الذي كان سائدا بالبلاد بين أعوام 1948- 1994.

في حوار مع وكالة الأناضول تحدث محمد نثري أفندي، أحد أفراد عائلة تركية ذُكر تاريخها في كتاب "الأتراك الذين منحوا الحياة لإفريقيا.. شارع بريي رقم 122" للدكتور حليم غنتش أوغلو، الباحث بقسم الدراسات الإفريقية بجامعة "كيب تاون" بجنوب إفريقيا، عن ما عاشته ومرت به عائلته خلال فترة الفصل العنصري، ودور رياضة الرغبي في مكافحة العنصرية وقتها.

وقال نثري أفندي، المولود في عام 1956 في كيب تاون، إنهم كانوا يتعرضون للتمييز العنصري في جميع المجالات تقريبا في ظل حكم نظام الفصل العنصري القديم، "إلا أن من اجتمعوا تحت ظل رياضة الرغبي نجحوا في القضاء على هذا النظام".

ولفت أنه كان يمارس الرياضة طوال حياته، بسبب الظروف التي وُلد فيها، حيث أن "الرغبي كانت هي الرياضة التي كان لزامًا عليه خوضها، نظرا لأنها كانت أهم عنصر يجمع أفراد الجالية المسلمة في المنطقة التي أعيش بها".

ولسنوات عانت جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري، قبل أن ينتهي فعليا مع الانتخابات متعددة الأعراق في 1994، وذلك إثر حركات العصيان، التي قام بها السود، والضغوط الدولية.

** الرياضة توحد الناس

أكد نثري أفندي، أن التمييز كان سائدا في كافة المجالات بسبب النظام القديم خلال فترة الفصل العنصري.

وأضاف أنه وصل إلى مستويات متقدمة في رياضة الرغبي، حتى أصبح ممثلا لمنطقته ومنطقة كيب الغربية ومدينة ديربان (جنوب شرق)، حيث كان يجمع الناس معا في هذه اللعبة.

وأوضح أن جنوب إفريقيا شهدت تغييرات كبيرة بعد فترة الفصل العنصري، "ومن اتحدوا تحت مظلة رياضة الرغبي نجحوا في القضاء على هذا النظام وذلك بدعم من الموجودين في دول أخرى".

ولفت أن "الناس من مختلف الأعراق والألوان يمكنهم المشاركة في لعبة الرغبي اليوم في جنوب إفريقيا، حيث أصبح بإمكان الجميع إثبات أنفسهم في اللعبة مثل ذوي البشرة البيضاء".

وأردف: "أصبحت الكثير من الفرق تضم لاعبين من أصحاب البشرة السمراء، وبفضل هذه اللعبة أصبح سكان جنوب إفريقيا مرتبطين ببعضهم البعض، وأصبحت البلاد إحدى أكثر الدول شهرة بالعالم".

** الحي الإسلامي

ذكر المتحدث، أن جده الأكبر الحاج حسن الدين أفندي جاء إلى جنوب إفريقيا من الأراضي العثمانية عام 1836 لتعليم الدين الإسلامي ونشره في المنطقة.

وأضاف أنه من بعد ذلك واصل جده درويش أفندي حياته هناك وهو أحد آخر العلماء العثمانيين الذين درّسوا تعاليم الدين الإسلامي للمسلمين في المنطقة، ومن بعده تولى والده محمود منير أفندي الراية. لنشر تعاليم الإسلام.

وقال إن والده وُلد في حي "بو -كيب" الذي يعد حي المسلمين في العاصمة كيب تاون، حيث شهد الصراع الدائر في فترة الفصل العنصري واستخدم رياضة الرغبي لمحاربة العنصرية.

** أطفال الرغبي

وأوضح نثري أفندي، أن والده كان أحد قادة لعبة الرغبي في جنوب إفريقيا، حيث تولى مهمة تدريب الأطفال ممن كانوا يرغبون في أن يصبحوا لاعبي رغبي في سن مبكرة.

وأضاف أن والده كان يصطحب الأطفال إلى بلدة كيمبرلي (جنوب)، ونظم بها العديد من المباريات، وشارك الأطفال في بطولات مع آخرين في مثل أعمارهم.

وأردف: "حتى ذاع صيتهم في لعبة الرغبي على بعد آلاف الكيلومترات من كيب تاون، وأتيحت لهم فرصة الاندماج والاختلاط مع غيرهم بفضل ما توفره اللعبة من روح رياضية".

وتابع: "لم يلعبوا الرغبي في كيب تاون فحسب، وإنما خارج البلاد أيضا، فقد اصطحب والدي بعض اللاعبين الصغار إلى بطولات في أستراليا، حتى أصبح هؤلاء الصغار لاعبين كبار اليوم يتحدثون عن تجاربهم في هذه اللعبة بكل فخر".

وأشار إلى أن "لعبة الرغبي ربطت بين الناس وكانت سببا في إقامة صداقات بين الناس من ثقافات مختلفة".

يُذكر أن السلطات التركية، قبل مؤخرا طلب نثري أفندي للحصول على الجنسية التركية، أما منزله الذي عاش فيه هو وعائلته بحي "بو- كيب" في كيب تاون، فقد تم تحويله إلى متحف.

وأعرب نثري أفندي، عن سعادته هو وعائلته وخاصة أحفاده بالحصول على الجنسية التركية، معلنا أنه سيزور تركيا قريبا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!