فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
اتفقت كل الأطراف والأحزاب على أن الانتخابات القادمة مهمة حتى وصل بهم الأمر إلى وصفها بأنها انتخابات حياة أو موت. ودعا أردوغان كل الشعب للتصويت. فالمتوقع أن تكون نسبة المُصوتين عالية وأن يكون الإقبال كبيرًا بسبب الحساسية الكبيرة التي تتمتع بها هذه الانتخابات. قد تُشير أرقام المنتخبين الكبيرة إلى أن الوضع الديمقراطي في البلاد ممتاز، لكن الوضع بالنسبة للنتائج لن يكون كذلك؛ لأن حزب الشعوب الديمقراطية لن يتكلم عن شرعيته وشعبيته الواسعة في حال فشل في تجاوز الحد الانتخابي.
لقد لاحظنا عدم التكافؤ في التنافس بين الأحزاب المختلفة، فحزب العدالة والتنمية يمتلك القدرة على مخاطبة كل الشعب التركي بينما الأحزاب الأخرى لا تملك مثل هذه القدرة. فكل من حزب الشعوب الديمقراطية والحزب الجمهوري والحزب القومي يخاطبون فئات معينة من الشعب ويُركزون في خطاباتهم على محاولات التبخيس والتقزيم من حزب العدالة والتنمية. الفرق في القوة التنافسية واضح، فبينما نرى حزب قادر على مخاطبة الشعب نرى الأحزاب الأخرى يخاطب كل منها فئة معينة فقط.
فمن عام 2002 نرى أحزاب المعارضة تتخذ وسائل غير مقنعة وطرق ملتوية في تنافسها مع الحزب الحاكم. فهم يُفضّلون معارضة حزب العدالة والتنمية في شخصيات الحزب والطّعن فيهم بدل معارضتهم في السياسات. ويفضلون الاختلاف على الوسائل بدل المضمون. فهم يُعارضون ليُعارضوا لا ليتمكّنوا. فمع اقتراب يوم الانتخابات نرى الأحزاب المعارضة تتلوى في كلامها وخطابها وتتلون لكي تستميل الناخب التركي، فهم يستخدمون خطابات الخُصوم ليضعوها في سياقات تقرّبهم الى الجماهير في محاولات ما قبل لحظة الحقيقة.
في الماضي كان الحزب الجمهوري والحزب القومي هم من يتحالف من أجل إسقاط أردوغان، لكن اليوم نرى تحالف حزب الشعوب الديمقراطية مع الحزب الجمهوري، والجديد في قصة التحالفات ما كشف عنه التنظيم الموازي كناتج لمجهوداته وهندسته السياسية بأن تحالف بين ألد الأعداء من حزب الشعوب الديمقراطية والحزب القومي قد يكون قيد الإنشاء بعد نتائج الانتخابات القادمة.
يعتقد التنظيم الموازي الذي يظهر كمهندس للتحالفات السياسية بأن الشعب ذو ذاكرة قصيرة ولن يتذكر البلاوي القديمة، لكن خاب ظنه فكما علمتنا التجارب السابقة فإن الشعب التركي لا يعتمد على الوعي الذي يحاول الإعلام والأحزاب المعارضة أن يقدموه له وإنما يعتمد على وعيه الذاتي الذي أنشأه من المتابعة الذاتية للأحداث والتي رأى فيها أدوار المخربين من أمثال التنظيم الموازي ومن شابهه. فلولا هذا الوعي الحاد للشعب التركي الذي يُمثّل الأمل والمُنقظ لحزب العدالة والتنمية لكنا نتحدث اليوم عن سقوط مدوي محتمل للحزب الحاكم.
فلو نجح حزب العدالة والتنمية وفاز بأربع سنوات جديدة فإنها ستعتبر الامتحان الحقيقي للحزب، فأن كانت مثل سابقاتها سنوات خُضر يحملن تركيا نحو الأعالي، وسنوات من الحضارة والرقي فإنه النجاح بحد ذاته، لكن إن كانت سنوات من التخاذل والأداء الهزيل ستودي بالحزب بلا رحمة.
ينبغي أن تكون السنوات الأربع القادمة سنوات الحقيقة للحزب، ويجب نقل الوضع من المتقلبّ الضبابي لوضع أكثر استقرارًا، ويجب القضاء على آخر بؤر التنظيم الموازي ومن شابهه من التنظيمات الإرهابية، ونقل البلاد لحالة أكثر سلمية وهدوء. فالأربع سنوات القادمة هي فرصة الحزب الأخيرة، فإما يستمر وينجح في بناء تركيا الجديدة وإما أن يفشل وتكون مسمارًا أخيرًا في نعشه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس