إسماعيل ياشا - عربي21
وضعت نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في 14 أيار/ مايو الماضي في تركيا، مرشحَ تحالف الطاولة السداسية ورئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، في موقف حرج للغاية، لأنه بحاجة ماسة إلى كسب جميع الأصوات التي ذهبت إلى المرشح الثالث، سنان أوغان، حتى يتمكن من الفوز في الجولة الثانية التي ستجرى يوم الأحد.
الأصوات التي حصل عليها أوغان معظمها أصوات الناخبين الأتراك القوميين الذين رفضوا تحالف الطاولة السداسية مع الانفصاليين الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني، كما أن نسبة منها جاءت من مؤيدي رئيس حزب البلد، محرم إنجه، بعد انسحاب هذا الأخير من السباق الرئاسي تحت ضغوط شديدة مورست عليه من قبل أنصار حزب الشعب الجمهوري.
رئيس حزب الشعب الجمهوري التقى قبل الانتخابات قادة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، وقطع لهم تعهدات؛ جزء منها جاء في تصريحات مرشح تحالف الطاولة السداسية وجزء آخر لم يُكشف عنه، ليعلن الحزب في مقابل تلك التعهدات عن دعمه لكليتشدار أوغلو. وبفضل ذاك الدعم، حصل كليتشدار أوغلو على نسب كبيرة من الأصوات في المحافظات التي تُعدّ قلاع حزب الشعوب الديمقراطي، إلا أن هذا التحالف دفع نسبة من القوميين من أنصار حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد برئاسة ميرال أكشينار؛ إلى الابتعاد عن كليتشدار أوغلو. وبعد ظهور النتائج، أدرك مرشح الطاولة السداسية أنه لا يمكن أن يفوز في جولة الإعادة دون الحصول على الأصوات التي ذهبت إلى أوغان، فتحول فجأة إلى مناصر للقوميين الأتراك.
كليتشدار أوغلو يرفض الآن تحالفه مع الانفصاليين الأكراد وتعهداته لهم، إلا أن تصريحات قادة حزب العمال الكردستاني الذين ما زالوا يدعون إلى التصويت لصالح مرشح تحالف الطاولة السداسية تشير بشكل واضح إلى وجود هذا التحالف واستمراره. وذكر النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي، الذي خاض الانتخابات البرلمانية باسم حزب اليسار الديمقراطي، سري ثريا أوندر، أن هناك تعهدات قطعها لهم كليتشدار أوغلو حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، كقوله بأن أصدقاءهم (في إشارة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني)، يقبعون في السجون بلا أي ذنب، وأضاف قائلا إنه (أي كليتشدار أوغلو) تحمّل مسؤولية ثقيلة يجب أن يقوم بها إن تم انتخابه رئيسا للجمهورية. إضافة إلى ذلك، سعى أنصار الحزب في أوروبا إلى حشد الناخبين للتصويت لكليتشدار أوغلو في الجولة الثانية.
مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان، دعا مؤيديه إلى التصويت لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ، صرّح بأن دعم أوغان لأردوغان يمثل قراره الشخصي فقط، وأن تحالف الأجداد لم يعد موجودا، مضيفا أنه سيعلن قرار حزبه بعد مفاوضات مع كليتشدار أوغلو. وأما محرم إنجه فنفى الأنباء التي تم ترويجها حول استعداده لإعلان دعمه لكليتشدار أوغلو، ووصفها بـ"إشاعات غير صحيحة". وبعد انحياز أوغان إلى أردوغان وبقاء إنجه محايدا، لم يبق أمام مرشح تحالف الطاولة السداسية غير التحالف مع أوميت أوزداغ.
رئيس حزب النصر أعلن اليوم الأربعاء، دعمه لكليتشدار أوغلو في الجولة الثانية، ويدور الحديث حول تعهد مرشح تحالف الطاولة السداسية له بحقيبة الداخلية. إلا أن تحالف كليتشدار أوغلو مع أوزداغ قد لا يأتي لمرشح تحالف الطاولة السداسية بنسبة كبيرة من أصوات الناخبين؛ لأن أوزداغ سبق أن حذر من أن فوز كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية بدعم حزب الشعوب الديمقراطي يؤدي إلى حرب أهلية في البلاد.
كما أن هناك أنباء عن انزعاج علي باباجان وأحمد داود أوغلو من الاصطفاف مع أوزداغ المعروف بعنصريته ومعاداته للاجئين. ومن المؤكد أن انضمام أوزداغ إلى التحالف لن يسر أكشينار أيضا، لأنه اتهمها بدعم جماعة غولن بعد انشقاقه عن الحزب الجيد.
الأحزاب التي شكّلت تحالف الطاولة السداسية وعدت الناخبين التراجع عن النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني، إلا أن هذا الوعد لم يعد الوفاء به ممكنا في ظل سيطرة تحالف الجمهور على أغلبية مقاعد البرلمان. وهو ما أكده النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري، عبد اللطيف شنر، حين قال إن كليتشدار أوغلو لن يفي بأي شيء من وعوده بسبب عدم فوز تحالف الطاولة السداسية بالأغلبية البرلمانية.
وكان من أهم وعود التحالف أيضا أن رؤساء الأحزاب الستة سيتخذون القرارات الهامة بالتوافق، على أساس أن "اللجوء إلى التشاور والعقل المشترك أفضل وأكثر ديمقراطية من التفرد بالقرار". إلا أن تفرد كليتشدار أوغلو بالتحالف مع أوزداغ أكد هذا الوعد كان فقط مجرد شعار براق لذر الرماد في عيون المؤيدين لأحزاب التحالف.
كليتشدار أوغلو كان يفتقر إلى المصداقية في كثير من تصريحاته قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية، لخلو سجله من أي نجاح. وبعد تقمصه هويات مختلفة وإطلاق تصريحات متناقضة خلال أسابيع، فإنه فقدَ مصداقيته تماما. كما أنه قد يفقد نسبة من الأصوات التي حصل عليها في الجولة الأولى بسبب محاولته الحصول على أصوات القوميين الأتراك المؤيدين لحزب النصر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس