ترك برس
ألغت المحكمة الدستورية العليا في تركيا، مؤخرأً، مواد في مراسيم رئاسية أصدرها الرئيس رجب طيب أردوغان في عام 2018 بعد توليه منصب الرئيس في النظام الرئاسي الجديد.
واستندت المحكمة الدستورية في إلغاء المواد التي اعتمد عليها أردوغان في تنظيم أمور حكمه، ومنها تعيينات وصلاحيات عديدة، إلى مجموعة من المبررات، منها أن رئيس الجمهورية لا يمتلك صلاحيات وفق الدستور، وأن هذه المواد بحاجة لإصدار قوانين فيها.
ومن المواد التي ألغتها المحكمة ومنحت الحكومة تسعة أشهر لإصدار قوانين بحقها، صلاحيات تعيين الموظفين في رئاسة الجمهورية، وتنظيم رواتبهم، وتعيين القضاة وأعضاء النيابة العامة من قبل الرئاسة، وجمع المعلومات عن كبار المسؤولين التنفيذيين، ومنح صلاحيات البلديات لوزارة البيئة، بحسب تقرير لـ "العربي الجديد".
وجاءت قرارات المحكمة استجابة لدعوى قضائية رفعها حزب الشعب الجمهوري للمطالبة بإلغاء مواد من المرسوم الرئاسي الذي نشر في 10 يوليو/ تموز من عام 2018، ونشرت في الجريدة الرسمية.
ومن ضمن المواد أيضاً ما يتعلق بـ"جمع المعلومات" من قبل المديرية العامة لشؤون الموظفين التابعة لرئاسة الجمهورية، وجمع المعلومات عن كبار المسؤولين التنفيذيين المسؤولين عن تنظيم وإدارة الدولة والاحتفاظ بملخصات سجلاتهم وسيرهم الذاتية.
وجاء في تبرير قرار الإلغاء أن الحق في طلب حماية البيانات الشخصية مكفول دستورياً، وأن ذلك من بين المسائل التي لن ينظمها المرسوم الرئاسي.
وبموجب المرسوم الأول، مُنح رئيس الجمهورية سلطة تعيين الموظفين في الرئاسة، وهذه المادة ألغيت من قبل المحكمة الدستورية على اعتبار أنها "مسألة ينبغي تنظيمها بقانون وليس بمرسوم"، بالإضافة إلى ذلك، حُكم على عدم دستورية النص الذي يسمح بتعيين الموظفين المتعاقدين في مديرية الشؤون الإدارية دون التقيد بأحكام قانون الموظفين المدنيين.
وأبطلت المحكمة الدستورية تعيين رئيس الشؤون الإدارية والسكرتير الخاص لرئيس الجمهورية وكبار المستشارين والمديرين العامين الذين سيعملون موظفين دائمين في الجهاز المركزي للرئاسة والذين يعينهم الرئيس، واعتبرته غير دستوري. كما قررت المحكمة إلغاء النص الذي يقضي بعدم جواز حسم رواتب المعينين من قبل الرئيس من مؤسسات الضمان الاجتماعي.
ومن المواد التي ألغتها المحكمة الدستورية صلاحية الرئيس بندب القضاة وأعضاء النيابة العامة العاملين في الجهاز القضائي والإداري كل 3 سنوات، ووجدت أن "الواجبات الرسمية والخاصة لأعضاء السلطة القضائية والإدارية -ولو كانت واجباتهم ذات طبيعة إدارية- فإن مسألة تعيينهم وحقوقهم وواجباتهم وترقيتهم في المهنة، المؤقتة أو التغيير الدائم لواجباتهم وأماكن عملهم يجب أن تنظم وفق القانون".
وقضت المحكمة الدستورية بإلغاء مادة صرف مستحقات أعضاء مجالس السياسات التابعة لرئاسة الجمهورية، كما أكدت عدم دستورية المادة التي تنص على أن واجبات وصلاحيات ومسؤوليات وإجراءات عمل هيئة التفتيش والمفتشين التابعين لوزارة العدل يتم تنظيمها بموجب المرسوم، كما تم إلغاء مادة المرسوم المتعلقة بالمدفوعات المقدمة للقضاة وأعضاء النيابة العامة المعينين من قبل الوزارة في مناصب بالخارج.
المحكمة في قرارها ألغت أيضاً صلاحيات ممنوحة لوزارة البيئة والتغير المناخي في ما يتعلق بالبيئة والتقسيم والبناء والمسوحات والخرائط والمخططات البيئية بجميع أنواعها وأحجامها ومخططات التنظيم الرئيسية والتنفيذية ومخططات التقسيم ورخص البناء وتصاريح إشغال المباني، وفتح الأعمال وتراخيص العمل.
كذلك أُلغيَت مادة تنظيم الإدارات المحلية وعلاقتها بالإدارة المركزية، وجاء في القرار أن الحكم الذاتي الممنوح للبلديات المحلية مكفول في الدستور، وأنه ينبغي وضع اللوائح ذات الصلة بموجب القانون، وأُلغيَت بعض الصلاحيات الممنوحة للإدارة العامة للتخطيط، وصلاحيات أخرى.
من جهة أخرى، ألغيت صلاحيات منحت لوزارة الداخلية، منها إلغاء "تقسيم البلاد إلى أقسام إدارية وتنظيم الإدارة العامة للأقاليم والمديريات"، بحجة أنها لم تُسَنّ بقانون، كما أن النص الذي ينص على أن واجبات وسلطات ومسؤوليات وإجراءات عمل المفتشين المدنيين التابعين لوزارة الداخلية سيتم تنظيمها من طريق اللوائح، غير دستوري.
وقضت المحكمة الدستورية بأن قرارات الإلغاء تدخل حيز التنفيذ بعد تسعة أشهر من نشرها في الجريدة الرسمية، وإلى أن تنتهي هذه المدة، سيكون على الحكومة سنّ القوانين المتعلقة بالأحكام الملغاة في مواد المرسوم.
وتأتي قرارات المحكمة الدستورية في وقت يشهد فيه القضاء مواجهة بين المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا، حيث رفضت الأخيرة الرضوخ لقرارين صدرا من الأولى، وأسفرت عن إسقاط عضوية نائب برلماني من المعارضة، ما اعتبرته المعارضة انقلاباً من الحكومة على السلطة القضائية.
وفيما لم ترد الحكومة على القرار مباشرةً، إلا أنها استغلت، الذكرى الـ27 للانقلاب الأبيض في تركيا الذي وقع على حكومة القيادي نجم الدين أربكان، وردت عليه بشكل مبطن عبر رسائل عديدة.
وقال أردوغان في منشور له على منصة "إكس": "شعبنا لم ولن ينسى الانقلابيين ومن ساندهم، الذين استهدفوا وحدة الشعب وتضامنه وديمقراطيته وإرادتهم في 28 فبراير، ولن يسمح لأحد بإحياء هذه العقلية المظلمة في بلادنا مرة أخرى". وتبعه معظم الوزراء والمسؤولين بمنشورات مماثلة.
من ناحيته، قال رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري غوغهان غونايدن في تصريح بالبرلمان: "نحن بالتأكيد ضد الدبابات، لقد كان حزب الشعب الجمهوري دائماً يؤيد حرية الدين والمعتقد كما هو موضح في الدستور، ودولة القانون العلمانية والديمقراطية والاجتماعية، كان موقف الحزب نفسه بعد انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016، إلا أن مناصب الدولة تمتلئ بالموظفين غير الجديرين وتهيمن في الوزارات وآليات القضاء والجيش والشرطة، كنا ضد ذلك بالأمس ونحن ضدها اليوم، وسنكون ضدها غداً".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!