ترك برس
تناول النائب السابق في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ياسين أقطاي، في مقال تحليلي، خطورة الإسلاموفوبيا ودورها الكبير في احتلال أراضي المسلمين، معربا عن أمله في أن يتحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال على غرار ما جرى في إقليم "كاراباخ" الأذربيجاني.
وقال أقطاي في مقاله بموقع الجزيرة مباشر إنه بعد إعلان الأمم المتحدة عام 2022 يوم الـ15 من مارس كل عام يومًا عالميًّا لمكافحة الإسلاموفوبيا، استضافت العاصمة الأذربيجانية باكو العام الماضي مؤتمرًا تحت عنوان “الإسلاموفوبيا شكل خاص من أشكال العنصرية والتمييز: قضايا عالمية عابرة للحدود”، وهذا العام انعقد المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة الإسلاموفوبيا حول حماية التنوع ومواجهة الكراهية ضد الإسلام (الإسلاموفوبيا) يومي 8 و9 مارس 2024.
وأضاف: بالطبع، لا يمكن القول إن هناك يقظة ووعيا حقيقيا في مجال جرائم الإسلاموفوبيا وما يترتب عليها. بل على العكس، شهد العام الماضي أمثلة كثيرة من الانتهاكات والجرائم، مثل وقائع حرق المصحف الشريف المتكررة بشكل علني وسط أوروبا، بموافقة مسبقة من السلطات الرسمية، إلى جانب تزايد الهجمات على المسلمين وأعمال التمييز ضدهم بسبب دينهم في الهند الدولة التي تسير بخطى سريعة نحو الفصل العنصري. إضافة إلى معاناة مواطني تركستان الشرقية لسنوات عديدة لمجرد أنهم مسلمون.
وأوضح أنه لم تعد القضية قاصرة على مجرد تصورات بعض المتشددين ومشاعرهم اتجاه الإسلام، بل أصبحت قضيةً سياسية مدروسة ومنظمة في العديد من الأماكن.
وفي هذا السياق انعقد مؤتمر الإسلاموفوبيا بالعاصمة الأذربيجانية باكو في وقت ترتكب فيه إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضد غزة بأبشع الطرق على مرأى ومسمع المجتمع الدولي؛ لتضيف هذه الأحداث بُعدًا ساخرًا لكل ما وصلت إليه المؤسسات الدولية. وقد جاء عنوان هذا العام “احتضان التنوع” في حين يتراجع العالم بسرعة عن قبول التنوع والتعددية؛ ليكون هذا العنوان بمثابة جرس إنذار للسبب ذاته الذي يتمثل في عدم انتفاض العالم لمواجهة الوحشية غير المسبوقة التي يتعرض لها أهل غزة لمجرد أنهم مسلمون.
وقال أقطاي إن ذلك العالم الذي يرى المعايير المزدوجة التي تستخدمها أوروبا وأمريكا والتناقض الواضح في التعامل مع أحداث أوكرانيا وأحداث غزة. ولا يمكن أن نعزو برودة الرد اتجاه سكان غزة الذين أصبحوا ضحايا للإبادة الجماعية، إلى أي سبب آخر غير كونهم مسلمين. وبالتالي فإن كراهية الإسلام هي الموقف الفعلي لأوروبا بأكملها.
فالخطاب الغربي الذي يحاول تبرير العدوان الإسرائيلي بعد عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول يرى أن هذا العدوان الذي استمر قرابة مئة عام تقريبًا حقٌّ طبيعي للاحتلال، ومن ثَمّ فإن مقاومة هذا الاحتلال عمل يستحق العقاب. وهنا تتجلى العنصرية بوجهها القبيح، إذ لا تعترف بحق الضحايا في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة القوات المحتلة، فالوجه الحقيقي للحضارة الأوروبية ودعاوى التنوير لا يقدم شيئا سوى العنصرية التي ترى في الاستعمار والاحتلال حقًّا طبيعيًّا لمن يملك القوة والتفوق العسكري.
وقال أقطاي: لهذا فإن الإسلاموفوبيا وانتشارها في الأساس أمر مرتبط بالعنصرية التي لا ترى مكانا اسمه فلسطين، ولا تعتبر أهل غزة بشرًا على أي حال، بل إنهم في أحسن الأحوال كائنات ليس لعواطفهم وألمهم ومعاناتهم أي معنى يذكر. ولذلك استمر الاحتلال طوال قرابة قرن في محاولة تغيير التوزيع الديمغرافي لإحلال المستوطنين اليهود محل السكان الأصليين. وهذا الفكر المتطرف لا يقتصر على اليهودية الإسرائيلية كما نعتقد، بل إن تاريخ الاستعمار بأكمله كان هدفه الاستيلاء على الأراضي التي تسكنها كائنات غير بشرية، وبالتالي غير مأهولة، وجعلها مِلكًا لأوروبيين بشر حقيقيين.
وقد أكد هذه الفكرة سانديو هيرا، الذي حضر المؤتمر من هولندا وهو مؤلف كتاب “إنهاء استعمار العقل” الذي صدر مؤخرا، وقدم أمثلة غنية عن العنصرية التي أوجدت لنفسها مكانًا في أوروبا في المقام الأول في الخطابات اللاهوتية اليهودية المسيحية، التي صارت مع الحداثة فلسفة علمية، ومثلت أحد الأسباب التي تجعل الأوروبيين اليوم لا يتحدثون علنًا ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها الصهيونية ضد أهل غزة؛ لأنهم لا يجدون أي غرابة فيما يحدث للفلسطينيين.
وتابع المقال:
شهد مؤتمر الإسلاموفوبيا الثاني الذي نظمه مركز باكو الدولي للتعددية الثقافية ومركز تحليل العلاقات الدولية ومجموعة مشاريع باكو، بالشراكة مع منتدى حوار الأديان لمجموعة العشرين، مشاركة واسعة جدًّا من جميع أنحاء العالم، تمامًا مثل النسخة الأولى من المؤتمر. ويهدف موضوع هذا العام إلى جمع النشطاء والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين للتحقيق في الأبعاد العالمية والتاريخية واللاهوتية والسياسية التي تُحرِّك كراهية الإسلام، وبالتالي معالجة الجذور الفكرية للتحيز ضد المسلمين والإسلام. وكان الهدف هو إيجاد بيئة يعيش فيها الناس من جميع الأديان معًا في وئام، وزيادة قيمة التنوع؛ لتسود مبادئ العدالة والمساواة.
ومما لا شك فيه، في تقييمنا للنسخة الأولى من المؤتمر، أن عقد مثل هذا المؤتمر لأول مرة في أذربيجان يزيد من أهمية المؤتمر. ففي نهاية المطاف، لا يمكن لأحد أن يدَّعِي أن احتلال ناغورنو كاراباخ مدة 30 عامًا تحت رعاية الدول الغربية، لا علاقة له بكون أذربيجان مسلمة. ولا شك في أن هذا الاحتلال الأرميني والدعم الغربي أو التزام الصمت اتجاهه له تأثير على الأذربيجانيين، حيث يذكرهم بهويتهم الإسلامية وينقل مشاعرهم المعارضة (الرهاب) إلى الجانب الإسلامي.
إن هذا التاريخ الذي نحن فيه في أذربيجان يتزامن مع وقت مليء بالعديد من الأحداث المهمة، وفي مقدمتها الإبادة الجماعية في غزة، واليوم العالمي للإسلاموفوبيا، والتطورات التي تذكرنا بأهمية الوحدة الإسلامية ودورها في رفع الظلم عن المستضعفين، ولا سيما ونحن في مطلع شهر رمضان المبارك الغني بالوقائع الإسلامية العظيمة. ولعلنا نعيش الأيام القادمة فرحة انتصار أهل غزة المؤمنين واندحار القوات الغاشمة، كما تحررت الأراضي الأذربيجانية من الاحتلال الأرميني.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!