ترك برس
استعرض تقرير لموقع قناة الحرة آراء عدد من الخبراء حول التنافس القائم بين الأحزاب السياسية للفوز ببلدية إسطنبول الكبرى، والانعكاسات المحتملة في حال فوز رئيس البلدية الحالي المعارض أكرم إمام أوغلو، بالمنصب مرة ثانية.
ولفت التقرير إلى صعود نجم أكرم إمام أوغلو في تركيا قبل 5 سنوات عندما تمكن من إنهاء حكم حزب "العدالة والتنمية" لبلدية إسطنبول، وبينما يواجه الآن ذات الاستحقاق، يرى مراقبون وخبراء أن معادلة "الربح والخسارة" الخاصة به هذه المرّة قد تؤسس لمرحلة جديدة.
وبحسب التقرير، لن تنسحب تفاصيل هذه المرحلة وحيثياتها على الصعيد الشخصي لإمام أوغلو فحسب، وهو مرشح رئاسة البلدية الحالي عن حزب "الشعب الجمهوري"، بل على المشهد السياسي الداخلي للبلاد ككل.
ويتنافس إمام أوغلو في انتخابات يوم 31 من مارس مع مراد قوروم القادم من وزارة البيئة والتحضر العمراني مرشح "تحالف الجمهور"، الذي يضم الحزب الحاكم وحليفه حزب "الحركة القومية".
ورغم وجود مرشحين آخرين مستقلين ويتبعون لأحزاب أخرى ينظر إلى اسمه مع قوروم بعين الأهمية والتركيز، وذلك من زاوية الصراع الذي احتدم في السابق في 2019 ومساعي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الحالية مع حزبه لاستعادة إرثهم في إسطنبول.
كما يُنظر إليه وهو السياسي المحسوب على فئة الشباب من معادلة يحكم حلّها سؤالان، الأول: ماذا لو حظي مرة ثانية بكرسي البلدية؟ والثاني: ما الذي ينتظره لو خسر إن كان داخل حزبه أو في المشهد السياسي ككل؟
من هو إمام أوغلو؟
وفقا لسيرته الذاتية ولد إمام أوغلو في طرابزون، وهي منطقة تقع على شواطئ البحر الأسود عام 1970، ودرس إدارة الأعمال في جامعة إسطنبول وحصل على شهادة ماجستير في الإدارة.
وعمل في شركة بناء تملكها عائلته قبل أن يدخل السياسة قبل نحو 15 عاماً في صفوف حزب "الشعب الجمهوري".
في عام 2014 انتخب رئيسا لبلدية بيليك دوزو التابعة لإسطنبول.
ورغم أنه عضو في "الشعب الجمهوري" العلماني أتاحت له قاعدة شعبية في 2019 الحصول على دعم حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي وعلى دعم حزب "الجيد" القومي الليبرالي.
لكن ما حاز عليه سابقا لم يعد متاحا الآن، حيث يخوض المواجهة منفردا ودون أي تحالفات، ما يزيد من تعقيدات معادلة الفوز والخسارة المرتبطة به، حسب مراقبين.
في الانتخابات المحلية لعام 2019، كان أحد أكثر الأمور التي تم الحديث عنها بعد انتخاب أكرم إمام أوغلو عمدة بلدية إسطنبول هو ما إذا كان سيكون مرشحا للرئاسة وما إذا كان سيفوز إذا كان كذلك.
واستمر الأمر خلال عملية اختيار المرشحين لانتخابات 2023. ومع ذلك، عندما كان المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو، لم يكن من الممكن اختبار الطرح المذكور.
ويقول الخبراء الآن ومن بينهم المحلل السياسي فراس رضوان أوغلو وعلي أسمر إنه وإذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى (دون الحاجة إلى تحالف) فإن يده ستكون أقوى بكثير وستحدد الانتخابات مستقبله السياسي.
وفي حالة غير ذلك قد يستقر به الحال للانسحاب من المشهد السياسي.
"جدل ودعاوى"
لا تعرف حتى حظوظ فوز إمام أوغلو مرة أخرى برئاسة بلدية إسطنبول، وتظهر بعض النتائج التي تعرضها شركات استطلاع الرأي نسب متقاربة مع منافسه مراد قوروم.
قبل انتخابات الرئاسة والبرلمان كان إمام أوغلو قد تعرض لدعاوى قضائية، ساهمت إلى حد كبير في عملية إبعاد اسمه عن قائمة منافسي إردوغان.
وجاءت الدعاوى بناء على كلمات ألقاها عقب قرار "اللجنة العليا للانتخابات" بإعادة إجراء الانتخابات المحلية في إسطنبول للمرة الثانية في 2019، قائلا إن الذين ألغوا الانتخابات (الأولى) هم "أغبياء" (حمقى).
علاوة على ما سبق كان اسمه محط جدل كبير خلال السنوات الماضية.
ولأكثر من مرة تحول إلى هدف لوسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، من منطلق "سوء إدارته للبلدية" و"الإجازات التي كان يقضيها في أوقات الكوارث".
لكن في المقابل دائما ما كان إمام أوغلو يؤكد على أنه "مستهدف" من الحكومة، وتوصلت بعض الأوساط المعارضة في وقت سابق أنه يشكل تحديا بالنسبة للرئيس التركي على نحو خاص.
يعتبر الصحفي والباحث السياسي التركي، علي أسمر أن إمام أوغلو "رابح على الحالتين".
ويوضح حديثه بالقول: "إن فاز بالانتخابات سيصبح رئيس بلدية اسطنبول وإن خسر سيصبح رئيس (الشعب الجمهوري) وسيكون من مرشحي الانتخابات الرئاسية التركية القادمة".
"يمكن القول إنه منذ زمن بعيد لم يأت منافس لحزب العدالة والتنمية بميزات إمام أوغلو"، كما يضيف أسمر لموقع "الحرة".
ويشير إلى أنه "من عائلة محافظة، وهذا ما يميزه عن باقي شخصيات حزب الشعب الجمهوري العلمانية المتشددة".
قبل أن يتسلم منصب رئيس البلدية كان إمام أوغلو معروفا بغناه المادي، وهو ما زاد له أهمية في مشوار تطوره السياسي.
ويعتقد أسمر أنه وفي كلا الحالتين "سيلعب دورا مهما في المشهد السياسي التركي مستقبلا".
"الموازين ستتغير"
ويرى الكاتب والمحلل السياسي التركي، فائق بولوت أنه في حالة فوز إمام أوغلو أو خسارته "ستتغير موازين القوى المحلية والسياسية في البلاد".
وقد "تجرى تغييرات كبيرة جدا في حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري)"، وفق حديث بولوت لموقع "الحرة".
بولوت يعتبر أن فوز عمدة البلدية الحالي مجددا هي "معادلة صعبة وستسفر عن نتائج في كلا الحالتين".
ويعتقد أن التغييرات التي قد نراها ستكون "في حالة فوز إردوغان ومرشحيه أو إمام أوغلو وباقي مرشحي الشعب الجمهوري".
ويشير الباحث أسمر إلى أن إمام أوغلو "أصبح أيقونة للمعارضة التركية، كونه الوحيد الذي استطاع سلب مدينة إسطنبول من كنف العدالة والتنمية".
ومن جانب آخر لديه فريق إعلامي قوي جدا، ويحاول دائما "إتقان دور الضحية والتأكيد على أن الحكومة هي من تعرقله، ما يكسبه تعاطفا شعبيا"، حسب الباحث.
"الصراع الآن أكبر"
وستبدأ عملية الاقتراع صباح يوم 31 من مارس.
وسيكون اليوم الأول من أبريل تاريخا جديدا على صعيد بلديات المقاطعات، خاصة إسطنبول وأنقرة.
ويحاول إردوغان وحزبه الحاكم في هذه الانتخابات استعادة إرث حزبه في إسطنبول، ورغم بقاء تحالفه مع "الحركة القومية" خسر دعم حزب "الرفاه من جديد" الذي يتزعمه فاتح إربكان.
من جانب المعارضة وبالتحديد "الشعب الجمهوري" تعتبر هذه الانتخابات الأولى التي يخوضها بعد الخسارة التي مني بها رئاسيا وبرلمانيا، في مايو 2023.
الحزب المذكور الآن بزعيم جديد هو أوزغور أوزيل، والذي خلف كليتشدار أوغلو بعد هزيمته أمام إردوغان.
ويحاول الآن تثبيت أقدام إمام أوغلو من جديد في إسطنبول ومنصور يافاش في أنقرة، مع غياب أي ملامح لما ستكون عليه النتائج في يوم 31 من مارس.
ويوضح المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو أن "الأدوار القادمة للمعارضة في تركيا ستختلف"، وأن الأحزاب على هذه الضفة تدرك وتعرف أن إردوغان لن يترشح مرة أخرى، ولذلك لابد من حسابات أخرى.
الحسابات لا تقتصر على الأحزاب الكبرى بل تشمل أيضا الأحزاب الصغيرة التي تحاول تثيبت نفسها، كما يقول رضوان أوغلو لموقع "الحرة".
فيما يتعلق بإمام أوغلو يرى المحلل أن "نجاحه وفشله مرتبط بحزبه (الشعب الجمهوري) وما إذا كان الأخير بصدد دعمه لأمور قادمة أم لكونه تحول إلى اسم فاعل".
ويضيف أن فوزه واستمراريته في بلدية إسطنبول سيكون "قويا"، فيما يريد "العدالة والتنمية" الاستفادة من انتصاره في الرئاسة والبرلمان لاستعادة البلدية الكبرى.
"البلديات هي مقياس ومعيار رأي الناخب في كل منطقة وفي كل مدينة، وترسم الرأي المستقبلي في الانتخابات القادمة"، كما يتابع رضوان أوغلو، مشيرا إلى أن الاحتمالات ما تزال مفتوحة حتى الآن.
ويعتقد الباحث علي أسمر أن "حظوظ إمام أوغلو مرتفعة، لكن يجب أن لا ننسى أن التحالفات الحزبية تتغير بسرعة في تركيا، وهي الفيصل بين الرابح والخاسر".
وإذا ما تراجع حزب "الرفاه من جديد" عن مرشحه في اسطنبول وعاد لدعم مراد قوروم سيؤثر ذلك بالسلب على إمام أوغلو، حسب الباحث.
ويشير من جانب آخر إلى العنصر الكردي في الانتخابات"، وما قد يشكله في حال تكرر السيناريو الخاص به في 2019.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!