ترك برس
تناول تقرير لشبكة الجزيرة القطرية الأسباب التي دفعت تركيا لفرض قيود على تصدير مجموعة واسعة من المنتجات إلى إسرائيل لحين إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويُقدِّم التقرير عرضا للخطوة التركية الأخيرة، وردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية عليها، ولماذا اتُخذت في هذا التوقيت بالذات؟
كما يُقدّم عرضا مختصرا لأهم قرارات تركيا الاقتصادية ضد إسرائيل منذ بدء الحرب.
صباح الثلاثاء، أعلنت وزارة التجارة التركية -في بيان- تقييد تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل اعتبارا من اليوم الموافق 9 أبريل/نيسان الجاري.
وأوضحت الوزارة أن القيود على الصادرات إلى إسرائيل ستظل سارية حتى تعلن تل أبيب وقفا فوريا لإطلاق النار بقطاع غزة والسماح بتوصيل مساعدات كافية ومتواصلة للفلسطينيين.
وأضاف البيان أن القرار يشمل تقييد 54 منتجا منها وقود الطائرات وحديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك.
وأكد البيان أن تركيا لم تقم منذ فترة طويلة ببيع إسرائيل أي منتج يمكن استخدامه لأغراض عسكرية.
وبعد ساعات، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل دعم الشعب الفلسطيني حتى تتوقف إراقة الدماء في غزة، وتقام دولة فلسطينية على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال أردوغان -في رسالة تهنئة بمناسبة عيد الفطر- إن العالم واجه مشهدا وحشيا، تم فيه قصف المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد التي يجب عدم المساس بها حتى في زمن الحروب.
وعلى الفور، رحب وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد العامور -الثلاثاء- بقرار وزارة التجارة التركية تقييد تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل.
واعتبر القرار التركي، خطوة في الاتجاه الصحيح لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية، بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات والإغاثة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ودعا الوزير الفلسطيني جميع الدول إلى الامتثال الفوري لقرارات المؤسسات الأممية، والترجمة الفورية لها، خاصة أن حكومة الاحتلال مستمرة في تنفيذ الإبادة الجماعية واستخدام التجويع سلاحا ضد أهلنا في القطاع.
وفي المقابل، وفي رده على إعلان وزارة التجارة التركية فرض قيود على تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن "الرئيس التركي يضحي بالمصالح الاقتصادية للشعب التركي من أجل دعم حماس".
وأوضح كاتس أن إسرائيل سترد على ما وصفها بالخطوة التركية أحادية الجانب، بإعداد قائمة أوسع من المنتجات التي لن تستورد من تركيا.
وأضاف أن بلاده ستتوجه إلى الكونغرس الأميركي، لفحص انتهاك قوانين المقاطعة وإمكانية فرض عقوبات على تركيا بناء على ذلك.
وادعى وزير الخارجية الإسرائيلي -في بيان- أن القرار التركي انتهاك أحادي للاتفاقيات التجارية.
من جانبها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن رئيس اتحاد المصنعين الإسرائيليين قوله إن على إسرائيل ضمان استقلالها التجاري، ووقف اعتمادها على تركيا.
لكن رئيس قطاع الأعمال في إسرائيل دوبي أميتاي عبّر عن وجود مخاوف حقيقية من أن دولا أخرى قد تحذو حذو تركيا في فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل أو مقاطعتها.
ودعا أميتاي الحكومة الإسرائيلية لعقد مناقشة طارئة بشأن هذه القضية، وصياغة خطة عمل مناسبة. وأضاف أن تقييد تركيا الصادرات إلى إسرائيل يتطلب فحصا واسعا، ونظرة إستراتيجية للقيود التجارية التي تتراكم كتعبير اقتصادي عن فرض العزلة السياسية على إسرائيل.
وأضاف أن الصعوبات التي ستنجم عن فرض المقاطعة ستؤثر على عمليات التوريد، وستخلق فجوات تؤدي إلى زيادة في الأسعار، مما سيؤثر بشكل فوري على تكلفة المعيشة ونشاط الاقتصاد الإسرائيلي بأكمله.
ورصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الثلاثاء، على نطاق واسع، تداعيات قرار تركيا تقييد تصدير بعض منتجاتها إلى إسرائيل.
واهتمت جل وسائل الإعلام الإسرائيلية بالقرار التركي، وأبرزته ضمن عناوينها الرئيسة على صفحاتها الإلكترونية.
وقال موقع "واينت" -النسخة الإلكترونية لصحيفة يديعوت أحرونوت- "تدهور آخر في العلاقات: أنقرة تواصل اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل في أعقاب الحرب في غزة".
وأكد الموقع أن إسرائيل تخشى من أن القيود التي تشمل منتجات الحديد والبناء، ستمتد إلى النفط وتضر برحلات شركة "العال" فوق الأراضي التركية.
وعددت صحيفة إسرائيل اليوم قوائم المواد التي قررت تركيا منع تصديرها والمتوقع أن تؤثر على حياة المواطن الإسرائيلي اليومية.
وتحت عنوان "انتقام أردوغان: تركيا تعلن فرض قيود على صادرات المنتجات إلى إسرائيل"، قالت إن الصناعات الرئيسية التي قد تتأثر بمثل هذه الخطوة هي المنتجات الكهربائية والأزياء، حيث تستورد العديد من سلاسل الأزياء البضائع من تركيا.
بدورها، نشرت صحيفة غلوبس الاقتصادية قائمة كاملة بالمواد الـ54 التي حظرت تركيا تصديرها إلى إسرائيل كإجراء عقابي.
وذكرت الصحيفة أن القرار جزء من قرارات كان آخرها أن الخطوط الجوية التركية، التي كانت تسير 10 رحلات يومية بين إسطنبول وتل أبيب حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت عدم العودة إلى إسرائيل حتى مارس/آذار 2025.
وقالت إن تأثير قرار الخطوط الجوية التركية إلغاء رحلاتها إلى إسرائيل ملموس جدا في إسرائيل، وخاصة في الرحلات التي تسيرها إلى وجهات في أوروبا والشرق، لأنها تسير رحلات إلى 340 وجهة عبر 4 قارات، وهي الرائدة في العالم في رحلات الربط.
بدورها، حذرت جمعية المقاولين الإسرائيليين من أن قرار تركيا سيكون له تأثير مباشر على أسعار الشقق السكنية في إسرائيل.
ونقلت صحيفة إسرائيل اليوم عن جمعية المقاولين أن تأثير قيود التصدير من المتوقع أن يؤثر على أسعار الشقق، مبينة أن العديد من المستوردين الإسرائيليين يستوردون المواد من تركيا.
من جهته، حذر رئيس نقابة المصنعين ورئيس هيئة رئاسة أرباب العمل والشركات، رون تومر، من تأثير القرار التركي خاصة في مجال الصلب والإسمنت.
وفي تفسير أسباب الخطوة التركية في هذا الوقت تحديدا، فإن ثمة 3 أسباب رئيسية تُفسّر الخطوة التركية:
أولا: إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أمس الاثنين أن بلاده ستتخذ إجراءات جديدة بعد رفض إسرائيل السماح لتركيا بإسقاط جوي للمساعدات الإنسانية على قطاع غزة.
ثانيا: تأتي الخطوة التركية أيضا بعد مظاهرات شعبية تركية طالبت بقطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، خصوصا بعد الأنباء التي تحدثت عن ارتفاع الصادرات التركية إلى إسرائيل مؤخرا، وهي الأنباء التي نفتها لاحقا وزارة التجارة التركية.
ثالثا: يشار أيضا في هذا السياق إلى نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم عددا من الدوائر المهمة، وقد عزا عدد من المحللين أسباب ذلك -ضمن أسباب أخرى- إلى موقف الحكومة التركية من العدوان الإسرائيلي على غزة.
وعدّد الصحفي التركي راغب صويلو الأسباب التي دفعت الرئيس أردوغان إلى ما وصفه بـ"التحرك ضد إسرائيل" الآن، وهي:
أولا: وقبل كل شيء، أشارت الانتخابات المحلية إلى أن القاعدة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان يريدون فرض هذه القيود التجارية.
ثانيا: كان من الضروري أن يؤدي رفض إسرائيل لإسقاط المساعدات الإنسانية التركية من الجو إلى غزة إلى اتخاذ إجراء.
ثالثا: تغير البيئة القانونية الدولية؛ فهناك الآن قرارات لمجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى أحكام محكمة العدل الملزمة التي تجبر إسرائيل على اتخاذ كل التدابير لحماية حياة المدنيين، والتي تضفي الشرعية على الخطوة التركية.
رابعا: بدأ حلفاء تركيا الغربيون أيضا تغيير موقفهم من إسرائيل.
خامسا: أصبحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر تشددا بشكل متزايد ضد الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، بما في ذلك التهديدات بحجب المساعدات العسكرية، مما يقوي موقف أنقرة.
ووضعت الحرب الإسرائيلية على غزة حدا للتحسن التدريجي للعلاقات التركية الإسرائيلية الذي بلغ ذروته مع إعادة تعيين سفراء في 2022.
واستدعى أردوغان سفير أنقرة لدى إسرائيل وطالب بمحاكمة شخصيات قيادية في الجيش الإسرائيلي ومسؤولين أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما هاجم الرئيس التركي إسرائيل مرارا.
ومع الموقف السياسي التركي المناهض لحرب إسرائيل تصاعدت الضغوط التجارية لأنقرة تدريجيا. وهذه أهم قرارات تركيا الاقتصادية ضد إسرائيل منذ بدء الحرب:
1- تعليق التعاون الطاقي
أعلنت تركيا في 25 أكتوبر/تشرين الأول تعليق خطط للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، كما ألغى وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار زيارة كانت مقررة لإسرائيل.
2- خارج قائمة الدول المستهدفة بالتصدير
استبعدت تركيا إسرائيل من قائمة الدول المستهدفة بالتصدير، وفق ما سلطت عليه الضوء صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
3- عرقلة الصادرات
نقلت غلوبس عن مصدر لم تسمه، قوله إن الصادرات من تركيا إلى إسرائيل إما تأخرت أو لم تتم الموافقة عليها منذ أواخر الشهر الماضي.
4- تعليق الطيران
أعلنت الخطوط الجوية التركية عقب اندلاع حرب إسرائيل على غزة وقف رحلاتها إلى إسرائيل حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.
5- تمديد التعليق
يوم الخميس الماضي ألغت الخطوط الجوية التركية الحجز الإلكتروني المسبق لرحلاتها إلى إسرائيل حتى مارس/آذار 2025، مما يعني أن الشركة ربما مددت الوقف 5 أشهر إضافية.
وبعد، فهل تقف الخطوات التصعيدية التركية عند هذا الحد، أم تتخذ أنقرة مزيدا منها في ظل استمرار الحرب على غزة، مخلفة عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!