ترك برس
تحت عنوان "توسع الصين غربا وتركيا شرقا"، تناول مقال للكاتب والخبير السياسي التركي سليمان سيفي أوغون، أهمية موقع تركيا الاستراتيجي كممر بين الشرق والغرب، وأوروبا وآسيا، ورغبة الصين في إشراك تركيا ضمن توسعها غربا، مؤكدا أن الموقع الجغرافيي منح تركيا مزايا ومخاطر كبيرة في نفس الوقت.
وقال أوغون أن هذا الموقع ارتبط تاريخيا بطريق الحرير الشهير، حيث كانت القوافل تعبر بلاد فارس وصولاً إلى بلاد الروم مع إسطنبول كمحطة نهائية. وأوضح أن طريق الحرير لم يكن خطًا واحدًا، بل كان يتصل بطرق التجارة في القوقاز والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، مما زاد من أهميته الاقتصادية.
وأشار في مقاله بصحيفة يني شفق إلى أن فقدان طريق الحرير بريقه في القرن السادس عشر كان من أسباب تدهور الدولة العثمانية، حيث بدأت التجارة عبر طريق التوابل تكتسب أهمية أكبر، وخسرت الدولة العثمانية المنافسة أمام البرتغاليين في المحيط الهندي.
وأكد أوغون أن التوجه الأصلي للأتراك كان نحو الغرب، مشيرًا إلى أنهم من الشعوب الآسيوية القليلة التي اتجهت نحو الغرب. كما أن الحداثة التركية تبنت القيم الغربية بعد فقدان الهيمنة.
التغيرات السياسية بعد الحرب الباردة
ولفت أوغون إلى أنه في منتصف القرن الماضي، شهدنا تحول عمليات التغريب في تركيا من المعايير الأوروبية إلى المعايير الأطلسية. وأعتقد أن هذا كان انحرافًا لم تقيم أبعاده بعد بشكل كافٍ. بعد انتهاء الحرب الباردة، بدأت تركيا تُدفع تدريجياً خارج النظام الأطلسي الذي أصبح يُدار بعقلية نيوكونية متهورة.
وأردف أوغون أنه في التسعينيات، بدأ نقاش حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن تبين أن هذا الباب مغلق. وبين الضغوط النيوكونية وازدراء الاتحاد الأوروبي، مرت عشر سنوات من التخبط. دفع هذا الوضع السياسة التركية نحو تطوير علاقات تعاونية مع قوى إقليمية أخرى مثل إيران وروسيا، لكن هذه الجهود لم تنجح بسبب عدم وضوح الرؤية لدى صانعي القرار.
طريق الحرير الجديد والصين
وذكر أنه عندما أعلنت الصين عن مشروع طريق الحرير الجديد في عام 2013، ساد شعور بالأمل في تركيا. ولكن هذا المشروع كان يحمل طموحًا لتغيير مركز الثقل العالمي، ولم يكن تحقيقه ممكنًا دون صراعات. الأحداث بين 2013 و2024 أكدت ذلك، حيث لم يساهم المشروع في توحيد الشرق والغرب بل أدى إلى انقسامات وصراعات.
وأوضح أن تركيا في القرن العشرين ركبت سفينة الأطلسي، مما أدى إلى انقطاع صلتها بأرضها التاريخية ومحيطها. أما في القرن الواحد والعشرين، فقد دفعتها الضرورة التاريخية للعودة إلى منطقتها الجغرافية، وبدأت التخبطات بعد ذلك. اليوم، نجد أنفسنا أمام سؤال جوهري: أين ستقف تركيا في الصراع المتزايد بين الشرق والغرب؟.
التحديات المستقبلية
ولفت إلى أن تركيا اتبعت سياسة التوازن في الصراع بين روسيا وأوكرانيا بنجاح. لكن هناك تطورات حالية تهدد هذه السياسة. أولاً، تتجه الحرب بين روسيا وأوكرانيا نحو تصعيد أوسع. والسؤال هو: ماذا ستفعل تركيا إذا تحول هذا التصعيد إلى حرب مفتوحة؟ ثانياً، تدخلت تركيا في صراع غزة بشكل صريح، ما جعلها تواجه تحديات كبيرة على الساحة الدولية.
زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى الصين تشير إلى اهتمام الصين بإشراك تركيا في توسعها غربًا، وهو ما قد يكون نقطة تحول رئيسية في المستقبل، يقول الكاتب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!