ترك برس

أكد الكاتب والأكاديمي التركي يوسف قابلان، أن الأتراك بعد اعتناقهم الإسلام ساهموا في إثراء الحضارة الإنسانية بشكل كبير في مجالات العلم والفكر والفن والأخلاق والسياسة والجماليات، بينما كانت مساهماتهم قبل الإسلام محدودة نسبيا.

جاء ذلك في مقال للكاتب التركي نشرته صحيفة يني شفق، حول توقيع رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن 35 قانونا بدعوى حماية قيم الثقافة الوطنية للشعب الطاجيكي بما فيها قانون يحظر ارتداء الملابس "الدخيلة" على ثقافة البلاد "كالحجاب".

 

وقال قابلان إن "ديكتاتور طاجيكستان إمام علي رحمن قام بحظر الحجاب والأعياد الإسلامية. كان ينبغي على هذا الشخص المتبقي من جهاز المخابرات السوفيتي الشيوعي وعميل الصين، أن يبدأ الحظر بتغيير اسمه أولا. لقد صادفت أشخاصا في طاجيكستان فرحين بحظر الحجاب والأعياد الإسلامية، ويطالبون بحظره في تركيا أيضا. ابحثوا وتحققوا، ولن تتفاجأوا إذا اكتشفتم أن هؤلاء لا ينتمون إلى أصول تركية ولا إسلامية".

من يكره الإسلام لا يمكن أن يكون تركيا

وأشار قابلان إلى أنه "لا يمكن لمن يكره الإسلام أن يكون من أصول تركية، فالأتراك لا يكرهون الإسلام، لأنهم ليسوا ناكرين للجميل".

وأضاف: بعد أن تشرف الأتراك بالإسلام، صنعوا تاريخ العالم لمدة ألف عام في ثلاث قارات، وقدموا للبشرية أفضل نموذج وأروع مثال للعدالة والرحمة والعيش بسلام مع مختلف الديانات والمعتقدات والثقافات والتقاليد الفكرية. لكن المأساة تكمن في أن هذه الحضارة العظيمة والرائعة والراقية التي نجح الأتراك في بنائها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق أقصى إمكانياتها، فلم يفهمها أبناؤها بشكل صحيح، ولم تنتشر بعد على نطاق عالمي.

لقد ساهم الأتراك بعد اعتناقهم الإسلام، في إثراء الحضارة الإنسانية بشكل كبير في مجالات العلم والفكر والفن والأخلاق والسياسة والجماليات. بينما كانت مساهماتهم قبل الإسلام محدودة نسبيا".

وتابع المقال:

نحن اليوم نمتلك القدرة والإمكانيات والتجربة التاريخية والخبرات والأفق الواسع لطرح مفهوم حضاري ينير درب الإنسانية، ويضمن حق الحياة للجميع، ويتيح للجميع العيش بسلام في ظل نظام العدالة والقانون والرحمة. في هذه المرحلة التي ينظر فيها إلى تركيا كأمل وأمل للعالم، تعد أي محاولة لإطفاء هذا الأمل وتعتيم هذا الأفق إما ناجمة عن قلة بصيرة أو جزءا من مخطط أكبر.

ليكن راسخا في أذهان الجميع أننا حولنا هذه الأرض إلى وطن بفضل الإسلام. فكل اعتداء على الإسلام هو اعتداء على وحدة هذا البلد واستقراره وتآخي أبنائه. إن كل هجوم على الإسلام هو هجوم دنيء وخبيث يهدف إلى تقويض حقيقة أن هذا البلد هو أمل العالم وآفاقه.

من يتخلى عن الإسلام يتخلى عن الوطن بسهولة

إن المسلمين الذين فقدوا إيمانهم هم أشخاص عقيمون وعديمو المشاعر سيتخلون عن هذا البلد بسهولة، ولن يترددوا في جعله فريسة للذئاب والطيور الجارحة وغربان الجيف والإمبرياليين. قوموا بإجراء بحث سريع، وسترون هذه الحقيقة وستقشعر لها أبدانكم.

لقد منحني الإنجليز جواز سفر، لكنني رميته في وجوههم. لم أر أو أسمع عن علماني أو كمالي في تركيا يرمي جواز سفر منحه إياه الإنجليز أو الأمريكيون في وجوههم؛ إذا كان هناك أحد فليتقدم، حتى أقبله من جبينه. ابحثوا عن أصول الذين يهاجمون الإسلام في هذا البلد، ستجدون على الأرجح أنهم ليسوا أتراكا ولا أكرادا.

كما أننا بتنا ندرك جيدا الآن أن من يفقد الإسلام لا بد أن يفقد قوميته التركية أيضا، انظروا حولكم وسترون هذه الحقيقة الصادمة، هل البلغار والمجريون والرومانيون أتراك الآن؟ فكروا مليا في سبب عدم قدرتهم على الحفاظ على هويتهم التركية.

في زمن أصبح فيه الإسلام أمل الإنسانية

الإسلام هو الدين الوحيد والتجربة الحضارية الوحيدة، التي تمنح الناس من مختلف الأديان والمعتقدات والأعراق والثقافات الحق في الإيمان والعيش وفقا لما يعتقدون به طالما أنهم لا يلحقون الضرر بالإسلام أو بالإنسان أو بالنظام العام. لقد أثبتت المقاومة المشرفة في غزة بما لا يدع مجالا للشك أن المسلمين هم الوحيدون الذين حافظوا على كرامة الإنسانية حتى في ظل أحلك الظروف. لقد رأى شباب هارفارد وشيكاغو والسوربون وجامعة لندن هذه المقاومة، وأعجبوا بها، لكن شبابنا وأبناءنا لم يتمكنوا من رؤيتها.

هل هؤلاء هم أبناؤنا، أبناء الإسلام، أبناء هذه الأرض؟ أم أنهم جراد مقيد وقعوا في حب جلادهم ولا يدركون حتى ما الذي أصابهم؟ فكروا جيدا.

في الوقت الذي يشعر فيه العالم بأمس الحاجة إلى صوت الإسلام الشامل الرحيم الذي يحتضن الجميع ويعترف بحقهم في الحياة، ونفحاته المنعشة كالحاجة إلى الخبز والماء، وفي الوقت الذي يرى فيه شباب الغرب ذلك ويتجهون نحو الإسلام بعاطفة كبيرة واهتمام متزايد، بل ويعلنون إسلامهم بأعداد غفيرة كما رأينا في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، في هذا الوقت بالذات نرى في بلد حمل لواء الإسلام لألف عام هجوما على الإسلام والقيم الإسلامية والمقدسات الإسلامية، ونرى هجوما على نبي الرحمة، وعلى الأحاديث النبوية الشريفة، وعلى التصوف، بل ونرى أخيرا منع القيم الإسلامية في بلدان مثل طاجيكستان، إن لم يكن هذا هو الجنون، فماذا يكون إذن؟ لا مجال للعبث هنا.

ينبغي ألا يُشجَع على السخافات، فالإسلام يتمتع بمصادر قوية ومتينة. لقد ناقش الإسلام دائما القضايا المثيرة للجدل، وطور تقليدا نقديا قويا في جميع المجالات. إنه دين ووجهة نظر عالمية وتقاليد فكرية وتجربة حضارية عالمية تتمتع بثقة عالية بالنفس.

ولهذا لو كان هناك ضعف أو تدهور في القيم الإسلامية يجعلها موضع شك، لما تمكن هذا الدين من البقاء متماسكا طوال 1400 باعتباره الدين ذا المصادر الأكثر رسوخ وموثوقية.

لا يمكن لهذيان بضعة أطفال لا يفقهون ما يقولون أن ينال من قيم الإسلام الأصيلة. يجب على الدولة أن تحمي الإسلام، وقيمه المقدسة، ونبي الرحمة محمدا صلى الله عليه وسلم، بالقانون، فالإسلام هو الذي حافظ على هذا المجتمع، و جعل هذه الأرض وطنا لنا، وهو الذي وحد هذا المجتمع لألف عام، وهو الضمان الوحيد لهذا المجتمع. وإلا فلن تتمكن الدولة من منع المجتمع من الانحدار إلى حافة الفوضى، وستكون كأنها أطلقت النار على قدمها بنفسها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!