ترك برس
في اجتماع عقدته الخميس، قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير (عند 50 في المئة) للشهر الثالث على التوالي، نتيجة للاستمرارية في الضغوط التضخمية.
وقالت اللجنة في بيان إن "مسيرة تراجع التضخم الشهري توقفت مؤقتاً خلال مايو، فيما يستمر الطلب المحلي بالتباطؤ، لكنه ما يزال عند مستويات مرتفعة". كما أن توقعات التضخم والمخاطر الجيوسياسية وأسعار المواد الغذائية تغذي هذه الضغوط التضخمية.
ولفتت اللجنة إلى أن تشديد السياسة النقدية سيستمر طالما كان هناك تدهور كبير ومستمر في توقعات التضخم.
ويأتي قرار الإبقاء على سعر الفائدة الحالي وسط ترجيحات باستمرار ذلك المعدل معظم العام الجاري أو حتى بعد ذلك، في ظل مساعي أنقرة لإبطاء نمو الاقتصاد، وسط معاناتها من أحد أعلى مستويات التضخم حول العالم. كما يتوافق مع توقعات جميع الاقتصاديين الذين استطلعت وكالة بلومبرغ آراءهم. حسبما نقلت صحيفة الشرق المصرية.
وتقدّر مصارف وول ستريت، مثل "بنك أوف أميركا"، إجراء الخفض الأول للفائدة التركية بالقرب من نهاية هذا العام، في حين أجل "مورغان ستانلي" توقعاته لذلك الإجراء إلى الربع الأول من 2025.
تباطؤ الاقتصاد التركي
قال محللو "بنك أوف أميركا"، بمن فيهم زومروت إمام أوغلو، عبر مذكرة: "الاقتصاد التركي يتباطأ. ومن المهم جداً مواصلة تشديد السياسة النقدية لضمان استمرار تراجع التضخم حتى عام 2025 وما بعده"، وفق ما نشرته بلومبرغ.
أدى رفع أسعار الفائدة -الذي بدأ قبل عام- إلى تباطؤ الاقتصاد التركي وتراجع وتيرة نموه، لأسباب منها أن الظروف المالية الأكثر تشديداً لم تكن متزامنة مع التدابير المالية السخية مثل زيادة الأجور التي أقرتها الحكومة.
ويتراجع زخم الاقتصاد حالياً مع تشديد السياسة المالية، كما يسير التضخم على المسار الصحيح نحو بدء التباطؤ اعتباراً من هذا الشهر بعد أن بلغ ذروته فوق 75% خلال مايو الماضي.
على الجانب الآخر، يتراجع مقياس نشاط الصناعات التحويلية التركي دون حاجز 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش منذ شهرين، وصار استغلال المصانع لإمكاناتها أقل من أي وقت مضى منذ أغسطس الماضي. كما أظهر مسح أجراه البنك المركزي أن التشاؤم بين الشركات آخذ في الارتفاع.
قال محمد مرجان، كبير الاقتصاديين في "آي إن جي بنك" ( ING (Bank في تركيا: "من المتوقع أن يفقد النمو قوةً دافعةً كبيرةً مع تشديد الأوضاع المالية، وتباطؤ نمو الأجور الحقيقية، مما يؤدي إلى زيادة محتملة في معدل البطالة"، بحسب بلومبرغ.
مسار أسعار الفائدة التركية
يدقق المستثمرون في مسار أسعار الفائدة بعد الإفراط في شراء أصول محلية هذا العام، ويُتوقع أن تكون تركيا أقل عرضةً لأزمات التضخم لتبنيها سياسات أكثر تقليديةً.
ويستهدف المسؤولون معدل تضخم عند 38% في نهاية العام، مع الحفاظ على ميلهم للتشديد النقدي، وحذروا من أنهم قد يشددون السياسات النقدية أكثر إذا تدهورت توقعات نمو الأسعار.
كما أن مؤشر التضخم المفضل للبنك المركزي التركي، الذي يقيس تغير التضخم على أساس شهري، كان أعلى بكثير من متوسطه على المدى الطويل مع بقائه عند أكثر من 3% طوال هذا العام.
وقال اقتصاديون في شركة "غارانتي بي بي في إيه ريسيرش" (Garanti BBVA Research )، بما في ذلك غول يوسيل: "الطلب القوي يمنع حدوث تعديل أسرع في اتجاه التضخم والميزان التجاري"، حسبما نقلته بلومبرغ.
ويتوقع البنك التركي مزيداً من التعديلات المالية في النصف الثاني من العام لدعم إعادة التوازن للاقتصاد بعيداً عن الإنفاق الاستهلاكي. وصاغت السلطات بالفعل مقترحات ضريبية جديدة، ضمن ما يمكن أن تكون أكبر عملية إصلاح منذ جيل.
مخاطر التشديد النقدي في تركيا
أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد توقعات البنك المركزي أيضاً هي كيفية تعامل الحكومة مع التأثيرات السلبية لتشديد السياسات النقدية على الأسر والشركات. ويدعو حزب المعارضة الرئيسي إلى الإبقاء على زيادة الحد الأدنى للأجور خلال الشهر المقبل، وهو تعديل أجرته الحكومة في السنوات القليلة الماضية للتعويض زيادة عن التضخم.
قال وزير العمل، وداد إشيق هان، أمس الأربعاء، إن تركيا تستبعد بشكل قاطع مثل هذه الزيادة. ومن شأن ذلك أن يتجنب تغذية الطلب المحلي والضغوط التضخمية، كما كان الحال بعد زيادة 49% في بداية هذا العام، وفق بلومبرغ.
لكن شركات مثل "أويصال سيكرليم" (Uysal Sekerleme)، وهي شركة حلويات كبرى في مدينة قونية بوسط تركيا، تشعر بمصاعب على نحو متزايد، خاصة مع تراجع الطلب في الداخل والخارج.
وقال أحمد يالسينتاس، مدير "أويسال سيكيرليم"، إنه في مواجهة تكاليف الاقتراض المرتفعة والمواد الخام الأكثر كلفة، ظلت الأعمال راكدة خلال الأشهر الأربعة إلى الخمسة الماضية، مما جعلها "خائفة" من المستقبل.
وأضاف في تصريحات عبر الهاتف مع بلومبرغ: "العبء كله يقع على عاتق الشركات الصغيرة والمتوسطة. فمعظم الشركات التي حصلت على قروض غير قادرة على سدادها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!