ترك برس
أفاد تقرير لموقع "المجلة" بأن العلاقات السعودية التركية تشهد خلال الفترة الأخيرة "حرارة اقتصادية"، بهد طيها صفحة الفتور خلال السنوات القليلة المنصرمة، مما حدّ من حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وأضاف التقرير أن عام 2023 مثّل نقطة البداية لعودة العلاقات إلى وضعها السابق، بل وأفضل، وذلك عندما بادرت الحكومة التركية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتراجع عن مواقفها العدائية تجاه السعودية بعدما انخفضت الصادرات بين البلدين، لا سيما في ظل تصاعد التضخم وانخفاض الليرة التركية.
وفيما يلي تتمة التقرير:
حرص الرئيس أردوغان خلال زيارته الرياض العام المنصرم، على تعزيز العلاقات معولا على العامل الاقتصادي الذي يعد الأهم في ترسيخ الروابط بين البلدين. وهو يواجه في مبادرته هذه تيارا تشوبه العنصرية مدفوعا من الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تنادي بعودة القومية التركية وتفوقها على العرب، مع دعوات لنبذ العرب، خصوصا السياح الخليجيين، الذين يقصدون تركيا بغرض السياحة أو الأعمال.
تعاون إيجابي وتفاؤل
كما شهد العالم حوادث متفرقة في الأشهر الأخيرة. وتغامر هذه الأحزاب التركية المتطرفة بهدم ما بنته تركيا مع المملكة من ثقة ومتانة في العلاقات خلال فترة وجيزة.
أدركت أنقرة مدى تأثير الرياض على حركة اقتصادها سواء لحاجتها الى موقع السعودية الاستراتيجي أو لكونها من أغنى دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وصديقا يمكن التعويل عليه خصوصا في ظل الأزمة التي يشهدها الاقتصاد التركي والتي بدأ يتعافى منها تدريجيا هذه السنة.
وقد ساهمت الرياض في هذا التعافي الاقتصادي التركي حيث قدمت العام المنصرم وديعة قيمتها 5 مليارات دولار الى البنك المركزي التركي لزيادة حجم الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية، وفي 24 يوليو/تموز الماضي، تمكن البنك من تسوية الوديعة وإعادتها إلى صندوق التنمية السعودي.
تلقفت السعودية المبادرة التركية لتحسين العلاقات بإيجابية، وأرسلت إلى تركيا وفودا عدة ضمت وزراء ومستثمرين، كان آخرها زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، في يوليو/تموز الماضي، أبرمت خلالها مذكرة تفاهم تفضي إلى إنشاء مجلس تنسيقي بين حكومتي البلدين يهدف إلى تعميق التعاون في شتى المجالات والقضايا الإقليمية والدولية.
كما عقدت عدة اجتماعات كان أهمها المنتدى السعودي – التركي في فبراير/شباط من السنة الجارية، الذي استقطب أكثر من 1240 مشاركا من رجال الأعمال من الجانبين، رصدت فيه السعودية فرصا استثمارية بنحو تريليون و800 مليار دولار مع الشركات العالمية، وفقا لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، الذي عبر عن أمله في "أن تكون الشركات التركية هي المستفيد الأكبر من هذه المجالات الاستثمارية".
وبالفعل حصد كلا البلدين خلال عام فقط نتائج إيجابية، حيث حققت الصادرات التركية إلى السعودية نموا لافتا تجاوز الـ 100 في المئة في 2023، لتصل إلى 2,6 مليار دولار، من 800 مليون دولار فقط في 2022، بحسب رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية براق داغلي أوغلو. ووفق هيئة التجارة الخارجية السعودية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الرياض وأنقرة 7 مليارات دولار. وتركزت صادرات السعودية إلى تركيا على منتجات اللدائن والوقود المعدني، والمواد الكيميائية، فيما كانت الأخيرة تورد إلى الرياض آلات وأجهزة، والسجاد والأثاث.
وتبدو أنقرة متفائلة بمتانة العلاقات مع الرياض مستقبلا، وذلك ما عكسته تصريحات وزير التجارة التركي عمر بولات، الذي وصف العام المقبل بأنه سيكون "عاما ذهبيا مع السعودية". وبحسب بولات، يهدف الجانبان إلى رفع التبادل التجاري بينهما إلى 10 مليارات دولار على المدى القريب، وإلى 30 مليارا على المدى البعيد.
ولا يقتصر تعزيز التعاون مع تركيا على السعودية فقط، بل يشمل جيرانها من دول الخليج التي تشارك في مسار تنمية الشراكة الاستراتيجية مع تركيا، تمثلت أولى خطواتها ببدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بينهما في يوليو/تموز الماضي، التي ستوفر، في حال نجاحها، ميزة إضافية للمنتجات الوطنية من سلع وخدمات، وتيسير تدفقها إلى الأسواق المحلية سواء في تركيا أو في دول الخليج، كما ستساهم في تحفيز وحماية الاستثمارات، مما يرفع نسبة التبادل التجاري بين الجانبين.
"بيرقدار" تعزز الروابط
تميزت أنقرة في السنوات الأخيرة بصناعة الطائرات المسيرة، وباتت طائرة "بيرقدار" من أهم الصناعات التركية، تنتجها شركة "بايكار" المملوكة للدولة، واختبرت كفاءتها في أكثر من ميدان. وبحسب بيانات الشركة، بلغ عدد الدول التي استوردت هذا النوع من الطائرات 30 دولة.
وفي إطار تعميق العلاقات، أبرمت وزارة الدفاع السعودية مع شركة "بايكار" عقد استحواذ في العام المنصرم، يشتمل على توطين صناعة الطائرات المسيرة من طريق نقل الأنظمة والتكنولوجيا المستخدمة في إنتاج هذا النوع من الطائرات إلى شركة "سام" السعودية للصناعات العسكرية. هذا بالإضافة إلى صفقات أخرى بين البلدين في المجال الدفاعي.
ويساهم هذه النوع من الاتفاقات في تحقيق مستهدفات "رؤية المملكة 2030"، المتمثلة في توطين 50 في المئة من الإنفاق الدفاعي، بحسب المهندس وليد أبو خالد، الرئيس التنفيذي لشركة "سام" للصناعات العسكرية.
مليون سائح سعودي في تركيا
تشكل السياحة جزءا كبيرا من الإيرادات التركية، خصوصا في الفترة الحالية، حيث تعاني البلاد من تراجع عملتها، كما يعد السياح مصدرا مهما لتدفق العملة الأجنبية إلى داخل البلاد.
وتعتبر السعودية ضمن قائمة أكثر الدول زيارةً لتركيا في العالم، والثانية عربيا، وقد فاق عدد السياح السعوديين إليها 784 ألف سائح في العام المنصرم، أي بارتفاع وصلت نسبته إلى 70 في المئة، بحسب وزارة السياحة والثقافة التركية. ويأمل وزير الثقافة والسياحة التركي، محمد أرصوي، في أن يصل عدد السياح السعوديون إلى مليون سائح خلال عام 2024.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!