ترك برس

تتضمن الخطة التركية للتطبيع مع النظام السوري نهجًا من ثلاث مراحل يهدف إلى إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها بعد سنوات من التوترات، وهي تعكس رغبة تركيا في تحقيق استقرار أوسع في المنطقة واستعادة دورها كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط، رغم التحديات التي قد تواجهها.

وقال متحدث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشليك، يوم الثلاثاء، إن آلية التطبيع مع النظام السوري تتكون من 3 مستويات، استخباري ووزاري ورئاسي. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة التركية أنقرة، ذكر فيه أن الجهود مستمرة على صعيد أجهزة المخابرات، ولم تصل بعد إلى المستوى الوزاري، وسيجري وضع الشروط المتبادلة من الطرفين، ومحاولة إيجاد النقاط المشتركة منها.

ووفقا لصحيفة العربي الجديد، أوضح المتحدث مفصلاً أن "أجهزة الاستخبارات ستطور الملفات، ولاحقاً سيجري اجتماع وزاري للخارجية والدفاع، وستقدم الملفات بعدها للرئيسين في البلدين، وسيجري تقييمها وإعداد تقويم حولها، وحالياً تستمر المشاورات على المستوى الاستخباري، ولم تصل للمستوى الوزاري، وبالتالي لا يوجد شيء حالياً ليتخذ القرار فيه من قبل الرؤساء".

وأكمل: "سيجري نقاش شروطنا (تركيا) وشروطهم (النظام)، ويجري وضع الشروط بشكل متقابل، وهذا ما يطلق عليه تفاوض، ويجري التفاوض للوصول إلى نقاط مشتركة، وسيعقد لقاء الرئيسين بناء على تقويم هذه التطورات".

في موازاة ذلك، كشفت صحيفة مقربة من النظام السوري أن موسكو أنجزت بالفعل تحديد جدول أعمال اللقاء المرتقب بين تركيا والنظام السوري وأكدت أن اللقاء متوقع أن يكون نهاية هذا الشهر. ونقلت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية، الثلاثاء، عن مصدر دبلوماسي عربي رفضت الكشف عن اسمه أن أجندة جدول الأعمال تتضمن "الإشارة إلى تسمية من هم الإرهابيون، وتحديد آلية للتعاون بين دمشق وأنقرة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى تحديد جدول زمني لانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وذلك بعد إنجاز النقاط السابقة الخاصة بمكافحة الإرهاب لضمان أمن الحدود المشتركة".

ولفت المصدر إلى أن إعادة البحث في تعديل اتفاقية أضنة والتي سبق أن جرى طرحها كصيغة جديدة للتعاون السوري- التركي المشترك لضبط أمن الحدود، قد تكون أيضاً على جدول أعمال المباحثات المرتقبة. وبحسب الصحيفة فإن هذه النقاط في حاجة إلى موافقة الأطراف المعنية ولا سيما النظام السوري. وأكدت أن موسكو كانت حريصة على أن يكون انسحاب القوات التركية أهم بند في جدول أعمال أي مباحثات مرتقبة، وذلك كما يطالب النظام السوري الذي يسعى لاستعادة سيادته على كامل أراضيه.

والسبت الماضي، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو مهتمة بتطبيع العلاقات بين شركائها في دمشق وأنقرة، مؤكداً أن اجتماعاً جديداً سيعقد في المستقبل القريب. وقال لافروف في مقابلة على قناة روسيا اليوم: "بشق النفس تمكنا العام الماضي من عقد مباحثات حاولنا عبرها بحث شروط تساهم في الوصول إلى تطبيع العلاقات بين سورية (النظام السوري) وتركيا، وكانت المباحثات مفيدة رغم أننا لم نتمكن من الاتفاق على المضي قدماً".

وأضاف: "تعتقد الحكومة السورية (حكومة النظام) أن الاستمرار في عملية التطبيع تتطلب تحديد إجراءات انسحاب القوات التركية من سورية، أما الأتراك فهم مستعدون لذلك ولكن لم يجر الاتفاق على معايير محددة حتى الآن". وقال إنه"من الضروري التحضير الآن لاجتماع جديد روسي- سوري- تركي- إيراني"

وتعليقاً على كلام لافروف، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كجلي لصحيفة ديلي صباح التركية الناطقة بالإنجليزية، إن أنقرة "ترحب بجهود موسكو لتطبيع العلاقات بين تركيا وسورية بعد سنوات من التوتر". وأضاف: "نريد أن نرى سورية حيث يعود شعبها وتعيش في سلام مع سكانها، مع تحقيق تسوية وطنية حقيقية، واتخاذ خطوات في نطاق المطالب والتوقعات المشروعة المذكورة في مجلس الأمن الدولي".

وأكد: "نحن نهدف إلى هذا، ليس فقط لتركيا، ولكن لسورية التي تصدر الاستقرار بدلاً من عدم الاستقرار لمنطقتها، والتي يتطور اقتصادها على أساس المنفعة المتبادلة، وتعزز ازدهار شعبها، ولهذا يجب بذل الجهود لتنفيذ ذلك بنوايا حسنة، دون شروط مسبقة وبنهج واقعي، وستستمر الجهود لإعداد الأرضية اللازمة في هذا الإطار".

وامتدح وزير الدفاع التركي يشار غولر، السبت الماضي، التصريحات الأخيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد واعتبرها "إيجابية للغاية". وجاءت هذه الإشادة بعد أيام من تسريبات تركية أفادت بأن أنقرة وضعت أربعة شروط للتطبيع مع نظام الأسد. في حين أبدى رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، استعداده للقاء رئيس مجلس الشعب التابع للنظام حمودة صباغ، معتبراً أن الشعبين السوري والتركي ليس بينهما أي عداء.

وفي تصريحات لصحيفة "حرييت" التركية، أكد يشار غولر أن إنهاء الصراع واستعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة سيكون في مصلحة البلدين، مشيراً إلى أنه لا توجد مشاكل لا يمكن حلها بين الطرفين، وأن تصريحات الأسد الأخيرة في "مجلس الشعب" حول عودة العلاقات بين تركيا وسورية كانت "إيجابية جداً".

تأتي هذه التصريحات بعد يومين من بيان وزارة الدفاع التركية الذي أكد أن الوجود التركي في سورية "يمنع تقسيم الأراضي السورية وإنشاء ممر إرهابي". وفي خطابه أمام مجلس الشعب في 25 أغسطس/آب الفائت، طرح الأسد رؤية لبدء لقاءات مع الجانب التركي من دون اشتراط الانسحاب التركي من الأراضي السورية، مشدداً على ضرورة وجود مرجعية واضحة للتفاوض.

وأضاف الأسد أن "هذه المرجعية يمكن أن تستند إلى نقاط عدة يتفق عليها الطرفان، مثل قضايا اللاجئين والإرهاب والانسحاب التركي". وأشار إلى أن البيان المشترك بين الجانبين يجب أن يتحول إلى "ورقة مبادئ" تنظم المفاوضات وتحدد الإجراءات المستقبلية، بما في ذلك تطبيع العلاقات والانسحاب ومكافحة الإرهاب.

وفي 14 أغسطس/آب الماضي، أكد وزير الدفاع التركي أنه لا يمكن مناقشة انسحاب القوات التركية من سورية إلا بعد الاتفاق على دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود. ومنذ يوليو/تموز الماضي، وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رسالة علنية إلى دمشق، بإمكانية اللقاء بينه وبين بشار الأسد، بعد قطيعة مستمرة منذ نحو 13 عاماً.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!