ترك برس
أشار تقرير لشبكة الجزيرة القطرية إلى أن مرسوم العفو العام الجديد الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، الأحد، لقي موجة تشكيك واسعة في أوساط السوريين اللاجئين في تركيا ولا سيما النشطاء والمعارضين.
ووفقا للتقرير، وصف معارضون سوريون المرسوم بأنه محاولة لـ"خداع المجتمع الدولي" بشأن الحل السياسي في البلاد، فيما ربط آخرون بينه وبين مساعي التقارب بين تركيا وسوريا.
ويمنح المرسوم الجمهوري "عفوا عاما" عن جرائم الفرار من الخدمة العسكرية والجنح والمخالفات المرتكبة قبل 22 سبتمبر/أيلول 2024، وفق قيود تخرجه عن كونه إجراء يصب في المصالحة الوطنية، بحسب معارضين. بحسب الجزيرة.
ويرى مراقبون أن العفو الجديد يأتي تكرارا للعفوَين السابقَين الصادرين في عامي 2023 و2022، لكنه أقل شمولية منهما، خاصة فيما يتعلق بالشروط المفروضة على المنشقين عن قوات النظام. كما أنه لا يشمل المعتقلين السياسيين أو المتهمين بجرائم "الإرهاب"، وهو ما يمنع اللاجئين المقيمين في تركيا بشكل خاص من التعامل معه بجدية.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أفرج النظام بموجب المراسيم الـ23 السابقة عن 7351 معتقلا تعسفيا، بينما لا يزال يعتقل نحو 135 ألفا و253 آخرين.
في تعليقه على قرار العفو، أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، أن النظام يحاول التظاهر أمام المجتمع الدولي بدعمه للمصالحة الوطنية والسعي لتخفيف العقوبات المفروضة عليه.
وأشار مصطفى إلى أن "هذا العفو لا يشمل المعارضة العسكرية أو السياسية، ولا الجنود الذين انشقوا عن الجيش النظامي بأسلحتهم"، مما يحد من فعاليته ويعكس نية النظام في استبعاد الفئات الأساسية التي تعارضه.
وفي السياق، قال أحمد جميل بكورة، عضو الهيئة السياسية ومنسق مجموعة عمل اللاجئين والنازحين في الائتلاف الوطني السوري للجزيرة نت، إن "قرار العفو الأخير الصادر عن النظام السوري هو جزء من سلسلة طويلة من المراسيم التي لا تهدف إلى إيجاد حلول حقيقية، بل تأتي في إطار استمرار النظام في خداع المجتمع الدولي وتخفيف الضغوط المتزايدة عليه".
فرغم إصدار النظام لأكثر من 24 مرسوما منذ 2011، لا يزال هناك مئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين قسريا في السجون، وإطلاق سراحهم "يجب أن تكون الأولوية لأي عفو حقيقي"، بحسب بكورة.
وأضاف أن "بشار الأسد يفتقر للشرعية لإصدار عفو عن الشعب السوري، الذي ارتكب الجرائم بحقه".
وحول تأثير العفو على المشهد السياسي، يرى بكورة أن "تأثير القرار سيكون محدودا وربما سلبيا. فالنظام يستخدم مثل هذه المراسيم للتلاعب السياسي وكسب الوقت، دون الالتزام بحل سياسي حقيقي. وهو ما يعطل الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تحقيق تسوية سلمية، ويزيد من معاناة الشعب السوري".
ولفت إلى أن "النظام تعمد تعطيل عمل اللجنة الدستورية وأفشل المسارات السياسية التي كان من الممكن أن تحقق حلا سلميا". وأكد بكورة أن قوى الثورة والمعارضة السورية تواجه تحديات إضافية في كشف نوايا النظام ومواصلة الضغط لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يدعو إلى انتقال سياسي شامل.
وأثار العفو العام الجديد نقاشا بين اللاجئين السوريين في تركيا، حيث يرى البعض فيه محاولة لتجميل صورة النظام أمام المجتمع الدولي، بينما يشكك آخرون في مصداقيته.
من جانبه، أشار الناشط الحقوقي السوري ياسين الطاهر في حديثه للجزيرة نت، إلى أن العفو العام قد يُعتبر محاولة لإقناع المجتمع الدولي بإجراء إصلاحات وهمية.
وقد يُفسَّر، كما يقول الطاهر، على أنه جزء من التحضيرات لما قبل المصالحة المحتملة بين سوريا وتركيا، والتي ستنعكس بشكل أو بآخر على وضع اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا منذ سنوات.
وأكد الطاهر أنه، ورغم هذه الرؤية، إذا تم التعامل مع هذا العفو بجدية وتم تطبيقه بشكل فعلي، قد يستفيد منه العديد من السوريين الذين يسعون لتسوية أوضاعهم والعودة إلى وطنهم.
وفي السياق ذاته، قال عبد القادر اليافعي، وهو مواطن سوري مقيم في مدينة غازي عنتاب التركية للجزيرة نت، إن مثل هذه الخطوات لا تحظى باهتمام كبير بين السوريين المقيمين في تركيا أو أوروبا.
ويرى اليافعي أن التجارب السابقة مع مراسيم العفو هذه تؤكد غياب أي ضمانات حقيقية للعائدين، مما يعمق من حذر اللاجئين السوريين في التعامل مع هذه القرارات التي تبدو وكأنها مجرد محاولات لتحسين صورة النظام دون تقديم حماية فعلية للمواطنين.
ولفت اليافعي إلى أنه مع بدء تداول خبر العفو العام في الصحف التركية، سارعت أحزاب المعارضة المناهضة للوجود السوري في تركيا إلى الترويج لهذا العفو بأسلوب مضلل، يوحي بأن الحرب في سوريا قد انتهت وأن العودة أصبحت ممكنة للجميع، وهو ما أعاد المطالبات بترحيل السوريين للواجهة مجددا.
وحذّر اليافعي من أن مثل هذه الأمور تنعكس بشكل مباشر على حياة السوريين في تركيا، حيث ازدادت التجاذبات السياسية حول ملف اللاجئين في الفترة الأخيرة، مضيفا أن هذه التحركات قد تؤدي لتحفيز بعض فئات المجتمع التركي ضد السوريين، مما يزيد من تعقيد أوضاعهم ويعزز مناخ الكراهية تجاههم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!