ترك برس

أكد الكاتب والإعلامي التركي طه قلينتش، أن "حزب الله" اللبناني كان يستخدم أثناء هجماته على المدنيين في سوريا ذرائع مشابهة لتلك التي تستخدمها إسرائيل اليوم لتبرير الإبادة الجماعية في غزة.

وفي مقال نشرته صحيفة يني شفق، قال قلينتش إن رفع حزب الله إلى مرتبة "الراعي الوحيد للبنان" بفضل إسرائيل، سهل أيضًا حصار العديد من المدن والقرى في سوريا عندما بدأت عواصف الربيع العربي المدمرة.

وأضاف: "أرسل حزب الله أعدادًا كبيرة من المقاتلين إلى سوريا، وقد قامت قياداته الاستراتيجية بتجريب تكتيكات الحرب على المدنيين السوريين وتحسينها".

وذكر أنه في تلك الفترة، التي قُتل فيها آلاف من النساء والأطفال السوريين وكان الناس يموتون جوعا، كان بيان حزب الله مشابهًا للجمل التي تستخدمها إسرائيل اليوم لتبرير الإبادة الجماعية في غزة؛ "الإرهابيون يستخدمون المدنيين كدروع بشرية".

وفيما يلي نص المقال:

في صباح يوم 14 فبراير 2005، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت أحد أفظع الاغتيالات في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، حيث لقي رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري حتفه في انفجار استهدف موكبه بالقرب من فندق سان جورج الشهير على ساحل بيروت.

كان رفيق الحريري، المعروف بقربه من المملكة العربية السعودية، قد لعب دورًا محوريًا في إعداد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، وشغل منصب رئيس الوزراء مرتين في الفترة بين عامي 1992 و1998 ومرة أخرى بين عامي 2000 و2004. وبفضل ثروته الطائلة وعلاقاته الواسعة في العالم العربي، كان الحريري القوة الدافعة وراء إعادة إعمار بيروت، وكان يعتبر أبرز ممثل للسنة في الساحة السياسية اللبنانية. ومع تزايد شعبيته بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، بدأ الحريري يطالب برحيل القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان منذ عام 1976. وواجه الحريري توترات متزايدة مع رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك، إميل لحود، الذي كان يعمل بتوجيهات من النظام السوري. وفي نهاية المطاف أجبر الحريري على الاستقالة من رئاسة الحكومة، ولم يمضِ وقت طويل حتى اغتيل في التفجير الذي هز لبنان.

وأدى اغتيال رفيق الحريري إلى اندلاع مظاهرات حاشدة استمرت أسابيع في لبنان، مما أدى في النهاية إلى انسحاب القوات السورية. وبعد ذلك، غاص لبنان في صراع مرير حول هوية قاتل الحريري، حيث تركزت أصابع الاتهام بشكل كبير على حزب الله، الجماعة الشيعية المسلحة. وبالنظر إلى موقف الحريري المعارض للتدخل السوري والإيراني في لبنان، ووزنه السياسي الكبير، كان من المتوقع أن يكون حزب الله المشتبه به الرئيسي. وقد أشارت التقارير الأولية للجان التحقيق الدولية الدولية إلى تورط حزب الله في الاغتيال.

تأسس حزب الله عام 1982 خلال حصار بيروت، ليقوم بدور المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكنه تحول بعدها تدريجياً إلى قوة موازية للدولة اللبنانية، وامتدت نفوذه إلى جميع المجالات من السياسة إلى التجارة، ليتحول إلى ذراع لإيران في المنطقة. ومع انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، بدا أن سبب وجود حزب الله قد زال، ولكن الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 منحت حزب الله فرصة للتجذر في لبنان، وحمته من الاتهامات المتعلقة باغتيال الحريري.

وبعد أن أسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في الفترة بين 12 يوليو و14 أغسطس 2006، والتي عُرفت باسم "حرب تموز"، عن وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، أصبح حزب الله هو "حامي لبنان". وبذلك طويت صفحة اغتيال الحريري، وتوحد اللبنانيون خلف حزب الله. وأصبحت جميع الأناشيد والأغاني والقصائد تتغنى بمدح حزب الله.

وبعد حرب تموز، تشكل تحالف قوي بين حزب الله والمسيحيين اللبنانيين الذين اعتادوا على الحماية الفرنسية. بل إن العديد من المسيحيين الذين قاتلوا ضد حزب الله وإيران وسوريا خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أصبحوا يتبوؤون مناصب سياسية بدعم من الحزب ويشتركون معه في تقاسم الغنائم. وأبرز مثال على ذلك ميشال عون الذي عُرف بمواجهته لحزب الله وإيران وسوريا خلال الحرب الأهلية. وكان قد فر إلى فرنسا بعد اتفاق الطائف، ثم عاد إلى لبنان عام 2005 ليتولى رئاسة الجمهورية عام 2016 بدعم من حزب الله."

إن رفع حزب الله إلى مرتبة "الراعي الوحيد للبنان" بفضل إسرائيل، سهل أيضًا حصار العديد من المدن والقرى في سوريا عندما بدأت عواصف الربيع العربي المدمرة. حيث أرسل حزب الله أعدادًا كبيرة من المقاتلين إلى سوريا، وقد قامت قياداته الاستراتيجية بتجريب تكتيكات الحرب على المدنيين السوريين وتحسينها. وفي تلك الفترة، التي قُتل فيها آلاف من النساء والأطفال السوريين وكان الناس يموتون جوعا، كان بيان حزب الله مشابهًا للجمل التي تستخدمها إسرائيل اليوم لتبرير الإبادة الجماعية في غزة: "الإرهابيون يستخدمون المدنيين كدروع بشرية."

نظراً لضعف ذاكرتنا، فإن متابعة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتغير الأجندة بسرعة، بطريقة عقلانية وهادئة تمثل تحديًا صعباً. وقد كتبت هذه السطور بهدف تجديد ذاكرتنا ومساعدتنا على قراءة الأحداث بشكل صحيح. لذا عند متابعة الهجمات الإسرائيلية المستمرة على لبنان في هذه الأيام، تذكروا الخلفية المذكورة أعلاه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!