نهاد علي أوزجان - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس
في الأيام القليلة الماضية رأينا الكثير من المتغيرات على الساحة السورية وبالذات في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردي (فرع حزب العمل الكردستاني الإرهابي في سوريا) مع تنظيم الدولة الإسلامية، فقد تقدمت وحدات الحماية الكردية في تل أبيض واستولت عليها بينما انسحب تنظيم الدولة الإسلامية منها ليضرب بشكل مفاجئ في كوباني، ليظهر للمتابع أن وحدات حماية الشعب الكردية غير مستعدة للمفاجئات ولما قد تحمله لها متغيرات الواقع في الساحة السورية. أما الغريب والمستهجن في الحادثة هو إلقاء التهم المفتراة على تركيا كعادتهم، فبدل دراسة الهجوم على كوباني بكل موضوعية والبحث عن حقيقة ما حدث فضلوا الهروب إلى بر أمانهم باتهام تركيا بما لم تفعل.
أما حقيقة ما حدث هو أن وحدات حماية الشعب الكردية بعد أن استولت على تل أبيض وبعض المناطق الأخرى أصبحت تتوزع على مساحات كبيرة مما أدى إلى تناثرهم في مساحة جغرافية واسعة، الأمر الذي زاد من فرص وإمكانية وسهولة استهدافهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي نفس السياق نرى أن الحاجة لزيادة القوة العسكرية على الأرض بالتزامن مع زيادة الرقعة الجغرافية التي يسيطرون عليها يكون أمرا أساسيا، وقد بدأ يشكل هاجسا متزايدا لدى وحدات حماية الشعب الكردي لأن هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على كوباني ومناطق أخرى لن يكون الأخير بل سيستمر وقد يزيد من وتيرته لاستغلال حالة الضعف والتردد التي تعيشها وحدات حماية الشعب الكردي. وفي طرف آخر من الصورة نرى بداية أزمة بين مجموعات المعارضة السورية ووحدات حماية الشعب الكردي بالذات في المناطق التي تخلو من الأكراد وتقوم وحدات حماية الشعب الكردي بدخولها والسيطرة عليها وقد يحدث بها تطهير عرقي. تكمن المشكلة هنا بالحاضنة الشعبية إذ أن الحاضنة الشعبية مهمة جدا للتمكين في المنطقة وهي أكثر أهمية من دعم التحالف الدولي بالغطاء الجوي لوحدات حماية الشعب الكردي.
في كوباني لم يستطع تنظيم الدولة السيطرة عليها في هجومه الأخير بسبب الحاضنة الشعبية التي ترفضه، فقد نجحت وحدات حماية الشعب الكردي بإدارتها لحرب العصابات في استعادة كوباني بالحرب الإعلامية ونشر البروباجاندا في الأوساط الكردية لجعلها معادية لتنظيم الدولة الإسلامية، كما ونجحت في استعادتها للمدينة بهجمات الكر والفر.
لكن في الصورة الأخرى نرى الفشل الذريع لوحدات حماية الشعب الكردي في تل أبيض ذو الأغلبية العربية والتركمانية التي ترى وحدات حماية الشعب كمحتل لأرضها، وكذلك نرى وحدات حماية الشعب تتصرف كمحتل في تل أبيض وفي المناطق ذو الأغلبية غير الكردية عندما تقوم بعمليات التطهير العرقي، نرى هنا أن موقف وحدات حماية الشعب الذي يتبنا دائما موقف المظلوم والضعيف والمسكين المجني عليه قد سقط في فخ الإرهاب والإجرام وبهذا يخسر أي حاضنة شعبية محتملة والتي بدورها تزيد من فرص عودة تنظيم الدولة الإسلامية لهذه المناطق وخصوصا عندما نعلم أن التنظيم يعتمد على استراتيجية الكر والفر والخديعة في إدارته لحرب العصابات، التي بدورها لن تستطيع وحدات حماية الشعب مجابهتها ما لم تزيد من نفوذها العسكري في المناطق التي تسيطر عليها، ولهذا فإن تبادل السيطرة على المناطق بين وحدات حماية الشعب وتنظيم الدولة الإسلامية سيستمر.
وفي سياق آخر نرى أن عمليات حماية الشعب تدار بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ولهذا فإن ما يتم تحقيقه ليست أهداف وحدات حماية الشعب الكردي وإنما أهداف وأجندات الداعمين لهذه الوحدات، والسؤال هنا هل ستستطيع وحدات حماية الشعب الموافقة بين أجنداتها واجندات الداعمين؟ وهل ستُعطى الوحدات الكردية فرصة المبادرة وتترك لها نوع من حرية القرار في المستقبل القريب؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس