عربي 21
رأى مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونر چاغاپتاي، أنه من المرجح أن يضغط الرئيس أردوغان من أجل إجراء انتخابات مبكرة، وسوف يبدأ العد التنازلي لهذا السيناريو، الذي أمده خمسة وأربعين يوما، بمجرد اجتماع البرلمان لاختيار نواب الرئيس، الذي من المتوقع أن يحدث قريبا.
وقال چاغاپتاي في تقرير حول ذلك، ونشره موقع معهد واشنطن الإلكتروني أنه "ليس هناك شك بأن أردوغان يأمل بمنح حزبه مرة أخرى الأغلبية التشريعية والسيطرة الكاملة على السلطة التنفيذية.
في حين تبين المؤشرات الأولية في هذا السياق، أن الانتخابات المبكرة قد تلوح في الأفق بالفعل".
واعتبر مؤلف كتاب "صعود تركيا: أول قوة مسلمة في القرن الحادي والعشرين"، أن أردوغان في السنوات الأخيرة "حوّل المؤسسات التنظيمية التركية إلى هيئات لفرض الرقابة والعقوبات. ومع ذلك، ففي ظل غياب أغلبية لـ "حزب العدالة والتنمية" في البرلمان أو مجلس الوزراء، سيضطر أردوغان إلى القبول بتقليص سلطاته تدريجيا، بينما تخضع هذه المؤسسات لتغييرات في عضويتها".
وتابع في استعراض الأسباب التي رأى من خلالها أن أردوغان سيضطر إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة أنه "في بعض الوكالات (على سبيل المثال، "المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون")، يمكن لـ "حزب العدالة والتنمية" أن يفقد هيمنته بشكل تام، أما في أخرى، فإن الوصول إلى حالة من الجمود مع المعارضة قد تكون وشيكة. وفي النهاية، سيشكّل إقرار قوانين جديدة تضمن استقلالية هذه الهيئات عن السلطة التنفيذية أفضل وسيلة لضمان حياديتها".
وذكر چاغاپتاي أنه "في الانتخابات التي جرت في 7 حزيران/يونيو في تركيا، خسر "حزب العدالة والتنمية" الأغلبية التشريعية التي حافظ عليها لمدة ثلاثة عشر عاما، ونتيجة لذلك يواجه الحزب حاليا واقعا جديدا يكمن في العمل مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة ائتلافية.
ويمكن للمفاوضات الجارية مع فصائل المعارضة أن تضعف من سيطرة "حزب العدالة والتنمية" على مؤسسات الدولة التنظيمية، بالإضافة إلى تأثيرها على السياسة التركية حول مجموعة واسعة من القضايا الداخلية والخارجية (راجع سلسلة المرصد السياسي الأخيرة "المشهد السياسي عقب الانتخابات التركية"، على سبيل المثال).
وفي معرض سرده لتاريخ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، واصل بالقول بأنه "بعد وصول "حزب العدالة والتنمية" إلى السلطة في عام 2002، سيطر الحزب على نحو متزايد على مختلف الهيئات التي تنظم وسائل الإعلام والإنترنت والجامعات والمحاكم والسلطة القضائية والقطاعين المصرفي والمالي في تركيا. ومن خلال سيطرته على البرلمان والرئاسة، عيّن الحزب غالبية الأفراد الذين يشكلون هذه الهيئات، واستخدمهم أدوات للرقابة (في حالة وسائل الإعلام)، والسيطرة السياسية (في حالة الجامعات)، والانتقام من الأعمال غير الودية (في حالة القطاع المالي)".
لكنه رأى الآن أن الحزب "فقد الأغلبية التشريعية، وأُجبر على تقاسم السلطة التنفيذية، الأمر الذي قد يفقد "حزب العدالة والتنمية" تدريجيا جزءا على الأقل من قدرته على تعيين المسؤولين التنظيميين بمفرده. وبعد ذلك قد نشهد إضعافا أوسع لهيمنته التنظيمية، إذا افترضنا أنه لن يستعيد أغلبيته البرلمانية عبر انتخابات مبكرة ستتوجب الدعوة إليها إذا لم تتشكل الحكومة المقبلة خلال مدة خمسة وأربعين يوما التي يفرضها الدستور، والتي من المفترض أن تبدأ هذا الأسبوع".
وبين چاغاپتاي أن "مسؤولية "المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون" تتمثل في ضمان نزاهة محتوى بث هاتين المؤسستين في تركيا. ويختار البرلمان أعضاء المجلس التسعة بناء على عدد المقاعد الخاصة بكل حزب. ويشغل الأعضاء منصبهم لمدة ست سنوات، وينتخبون رئيسهم ونائب الرئيس كل عامين.
ويتكون المجلس حاليا من خمسة أعضاء من "حزب العدالة والتنمية"، وعضوان من "حزب الشعب الجمهوري"، وعضو واحد من كل من "حزب الحركة القومية" الذي يعرف أيضا بـ "حزب العمل القومي"، و"حزب ديمقراطية الشعوب".
وأشار إلى أن "أغلبية بسيطة فقط هي المطلوبة لانعقاد "المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون" وإقراره القرارات، فإن الحصول على خمسة مقاعد قد أعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و"حزب العدالة والتنمية" سلطة فعلية على المجلس".
وطبقا لچاغاپتاي، فقد أصبح "المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون" منصة لرقابة الحكومة في ظل حكم "حزب العدالة والتنمية". وخلال احتجاجات "ميدان تقسيم" في إسطنبول ضد الحزب الحاكم عام 2013، حاول المجلس إغلاق قناة "الحياة" التلفزيونية، التي تدعم "حزب الشعب الجمهوري" - حزب المعارضة الرئيسي في تركيا. كما أن "المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون" كان أداة بيد "حزب العدالة والتنمية" لتعزيز أخلاقيته المحافظة من خلال الرقابة على محتوى البث، مثل مشاهد القبلات وتصوير مجتمع المثليين.
وتابع چاغاپتاي الحديث عن أهمية الهيئات التي تنظم وسائل الإعلام والإنترنت والجامعات والمحاكم والسلطة القضائية والقطاعين المصرفي والمالي في تركيا، حيث أكد أنه "تقع على "هيئة التعليم العالي" المسؤولية عن نظام التعليم العالي، وتنظيم التمويل للجامعات، وتدريب المعلمين، وانتخاب رؤساء الجامعات (المعروفين بصفة "عمداء" في تركيا).
وبالتالي، فبين تعيينات أردوغان وتلك التي قامت بها حكومة "حزب العدالة والتنمية"، يسيطر الحزب على أربعة عشر مقعدا. وعلى الرغم من أن تعيينات "المجلس المشترك بين الجامعات" هي أكثر تحررا في التصرف بشكل مطلق، إلا أنها تصبح غير مجدية في ظل الأغلبية التي يتمتع بها "حزب العدالة والتنمية".
في حين رأى چاغاپتاي أن ""حزب العدالة والتنمية"، استخدم "هيئة التعليم العالي"، من بين وكالات أخرى، لتعزيز سيطرته السياسية على القضايا الداخلية الساخنة في البلاد، ففي وقت سابق من هذا العام، على سبيل المثال، عمل المجلس على منع الأكاديميين من إجراء أبحاث مستقلة حول اللاجئين السوريين في تركيا الذين يقارب عددهم مليوني شخص، بإصراره على حصول الباحثين على موافقة من الوزارات الحكومية قبل تطرقهم إلى موضوع مثير للجدل. وفي كانون الثاني/يناير 2014، منع المجلس الأكاديميين من إجراء بحوث "خارج مجال عملهم المباشر"، وفقا لتقرير أصدرته مؤخرا "مؤسسة فريدوم هاوس".
أما في شأن وكالة "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية"، فتقع عليها مسؤولية الرقابة على مواقع الإنترنت في تركيا، وعلى محتواها.
فيما يُشار إلى أن الرئيس أردوغان و"هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"، التي تقع تحت مسؤولية مكتب الرئيس، يتمتعان بسلطة مشتركة على هذه الوكالة. ويتكون مجلس إدارة "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية" من سبعة أعضاء، ويتم اختيار جميعهم من قبل وزراء النقل، والشؤون البحرية، والاتصالات، ويصادق الرئيس على تعيينهم. ونظرا إلى مدة ولايتهم التي تبلغ خمس سنوات، التي يمكن تمديدها من قبل مجلس الوزراء، يختار هؤلاء الأعضاء كامل طاقم موظفي الوكالة. ونتيجة لذلك، كان فريق عمل تابع لـ "حزب العدالة والتنمية" يدير "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية" منذ إنشائها عام 2005.
في حين أوضح چاغاپتاي أنه يمكن للوكالة أن "تمنع الدخول إلى موقع ما على شبكة الإنترنت من خلال أمر من المحكمة، أو بناء على تعليمات من أردوغان، أو داخليا من خلال قرار الأغلبية.
وقبل أربعة أشهر، حجبت الوكالة مؤقتا الوصول إلى مواقع "تويتر"، و"فيسبوك"، و"يوتيوب" بسبب نشر صور للحادث الذي اتُخذ فيه المدعي العام محمد سليم كيراز رهينة من قبل أعضاء "حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري" العنيف، وقاموا بعد ذلك بقتله. ووفقا للمعلومات المتوفرة في آذار/ مارس، كانت "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية" قد منعت الوصول إلى 77521 موقع إلكتروني منذ تأسيسها قبل عشر سنوات".
وحاليا، هناك ثلاثة شواغر متاحة في "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية"، من بينها منصب الرئيس، الذي انتهت فترة تفويضه قبل وقت قصير من الانتخابات التي جرت في 7 حزيران/ يونيو. وإذا تم تشكيل حكومة ائتلافية، سيتمكن الحزب الذي يتولى وزارة النقل من تسمية المرشحين لهذه المناصب، على الرغم من أن الرئيس أردوغان سيبقى متمتعا يحق النقض لاختياراته. وإذا ما فقد "حزب العدالة والتنمية" هذه الوزارة، سيتم إيقاف التعيينات الجديدة على الأرجح، ما سيؤدي إلى بقاء أربعة أعضاء في مجلس "رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية".
أما عن "وكالة التشريع والرقابة المصرفية"، فقد تم تحديدها بصفة السلطة المسؤولة عن الأنظمة المصرفية والمالية في البلاد.
فهي تسيطر على "صندوق التأمين وضمان الودائع" التركي الذي ينفذ الإجراءات التأديبية بحق البنوك التي ترتكب عمليات احتيال أو غيرها من الانتهاكات. ومن خلال قائمة من المرشحين يُعدّها وزير المالية، يعيّن الرئيس الأعضاء السبعة لمجلس إدارة "وكالة التشريع والرقابة المصرفية" لفترة ولاية مدتها خمس سنوات. ونتيجة لذلك، لعب المسؤولون الموالون لـ "حزب العدالة والتنمية" دورا متزايد الأهمية في هذه الوكالة.
وفي شباط/ فبراير على سبيل المثال، تعاونت "وكالة التشريع والرقابة المصرفية" مع "صندوق التأمين وضمان الودائع" للسيطرة على "بنك آسيا"، وهي مؤسسة يُزعم أنها تتبع لفتح الله كولن، الحليف السابق لأردوغان الذي اختلف معه في أواخر عام 2013.
وفي هذا الإطار، لطالما اتهم أردوغان أعضاء "حركة كولن" بإنشاء "دولة موازية"، تسعى إلى "تقويض الأمة التركية"، كما أطلق العديد من الحملات لتطهير الأشخاص الذين يُزعم أنهم من أتباع كولن، من المناصب الحكومية.
وقد برر "صندوق التأمين وضمان الودائع" ما تم في شهر شباط/ فبراير عبر الادعاء بأن "بنك آسيا" كان على حافة الفشل، وكان لا بد من حماية المساهمين فيه. وحاليا، يُقاضي 99 من هؤلاء المساهمين "وكالة التشريع والرقابة المصرفية" على أضرار بلغت تريليون ليرة تركية.
وختم چاغاپتاي تقريره بالقول إنه "على مدى العامين المقبلين، ستنقلب الأغلبية في مجلس إدارة "وكالة التشريع والرقابة المصرفية"، بما فيها منصب الرئيس، ما يسمح للأحزاب المُعارِضة بملء الشواغر إذا تولى مسؤول من غير "حزب العدالة والتنمية" وزارة المالية. وحتى ذلك الحين، من المحتمل أن يكون بإمكان وزير مالية من المعارضة إبطال قرارات الوكالة، مثل حجز البنوك وتجميد الأصول".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!