ترك برس

ذكر الكاتب والخبير المصري ممدوح الولي، أن الدول العربية احتلت مراكز متقدمة على خريطة دول الفائض التجاري لتركيا مع العالم في العام الماضي.

وتحت عنوان "فائض تركي غير مسبوق في تجارتها مع العرب"، كتب الولي مقالا بموقع الجزيرة مباشر، تطرق فيه إلى مستقبل التجارة التركية-العربية.

وذكر الكاتب أن تركيا سجلت العالم الماضي عجزا تجاريا مع أوروبا وأسيا والأمريكتين، ولم تحقق فائضا تجاريا صغيرا سوي مع إفريقيا ومنطقة استراليا ونيوزيلندا، إلا أنها بتجارتها مع الدول العربية تحقق فائضا مستمرا.

وأوضح أن تركيا حققت فائضا مع 19 دولة عربية، مقابل عجز مع ثلاث دول عربية فقط هي مصر وسلطنة عُمان والبحرين، الا أنه كان عجزا محدودا بلغ مجموعه للدول الثلاثة 768 مليون دولار، ليسفر ميزانها التجاري مع العرب عن فائض بلغ حوالي 26 مليار دولار وهو رقم غير مسبوق تاريخيا.

وفيما يلي نص المقال:

يمثل العجز التجاري السلعي بتركيا نتيجة انخفاض الصادرات عن الواردات مشكلة رئيسية للاقتصاد التركي، بسبب امتداده التاريخي الذي يعود لعام 1947 واستمراره بالسنوات التالية بلا انقطاع، مع تزايد قيمته عبر العقود الماضية، وصعوبة التخلص منه قريبا بسبب تدني نسب الاكتفاء الذاتي من الوقود سواء النفط او الغاز الطبيعي او الفحم، والحاجة لاستيراد كميات كبيرة من الوقود بلغت في العام الماضي 30 مليون طن من النفط الخام، وبلوغ قيمة واردات الوقود بكل انواعه 66 مليار دولار.

ونظرا للتأثير السلبي للعجز التجاري السلعي على تراجع سعر صرف الليرة التركية امام الدولار الامريكي، تسعي السلطات التركية من خلال اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الأخرى لتشجيع الصادرات، وفتح اسواق جديدة لها وكذلك احلال الواردات، الامر الذي مكّنها من خفض قيمة العجز التجاري للعام الثاني علي التوالي، لتصل قيمته بالعام الماضي 82 مليار دولار بنسبة تراجع 23 % عن السابق، نتيجة زيادة الصادرات للعام الرابع وخفض الواردات للعام الثاني.

وفي العام الماضي حققت تركيا عجزا تجاريا مع أوروبا وأسيا والأمريكتين، ولم تحقق فائضا تجاريا صغيرا سوي مع إفريقيا ومنطقة استراليا ونيوزيلندا، وهو امر متكرر بالسنوات الماضية، الا انها بتجارتها مع الدول العربية تحقق فائضا مستمرا، أمكن رصده من خلال البيانات المتوافرة لتجارتها الخارجية بالسنوات الثمانية عشرة  الاخيرة، وبالعام الماضي حققت فائضا مع 19 دولة عربية، مقابل عجز مع ثلاث دول عربية فقط هي مصر وسلطنة عُمان والبحرين، الا أنه كان عجزا محدودا بلغ مجموعه للدول الثلاثة 768 مليون دولار، ليسفر ميزانها التجاري مع العرب عن فائض بلغ حوالي 26 مليار دولار وهو رقم غير مسبوق تاريخيا.

في حين نجد ان تركيا قد حققت عجزا تجاريا في العام الماضي بلغ 41.5 مليار دولار مع الصين وحدها، و35.5 مليار دولار مع روسيا و10 مليارات مع سويسرا و8 مليارات مع كوريا الجنوبية، و7 مليارات مع المانيا و6 مليارات مع ايطاليا و5.5 مليارات دولار مع الهند.

لتشغل الدول العربية مراكز متقدمة على خريطة دول الفائض التجاري التركي مع العالم في العام الماضي، حيث جاء العراق بالمركز الاول بقيمة 11 مليار دولار وليبيا بالمركز السابع بقيمة  ملياري دولار، والمغرب بالمركز العاشر بنفس القيمة وأكثر من مليار دولار مع كلا من سوريا والجزائر ولبنان، وقرب المليار مع كل من السعودية والإمارات.

وجاء هذا الفائض التجاري التركي رغم انخفاض قيمة صادراتها الي 13 دولة عربية بالمقارنة مع العام السابق، مقابل زيادة قيمة صادراتها لتسع دول عربية، الامر الذي نجم عنه زيادة قيمة صادراتها للعرب بنسبة 5 %، وهو الامر الذي يوضح خصوصية حالة التجارة التركية العربية، من حيث تركزها بعدد قليل من الدول العربية، وبالتالي فالعبرة بتغير قيمة التجارة مع تلك الدول اساسا وليس مع كل الدول العربية، حيث يغلب على كثير من الدول العربية  قلة قيمة تعاملاتها التجارية، مثل : جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والصومال  والبحرين والسودان واليمن.

بينما نجد خمس دول عربية قد استحوذت على 71 % من مجمل تجارة تركيا مع العرب، بقيمة 51 مليار دولار من اجمالي 71.5 مليار دولار، وهي دول: الإمارات بنصيب 16 مليارا والعراق 15 مليارا ومصر 9 مليارات والسعودية 7 مليارات والمغرب 5 مليارات دولار، حيث تشترك معظم تلك الدول سواء في النصيب الأكبر من صادرات تركيا للعرب او من وارداتها منهم. حيث بلغ نصيب الدول الخمس الأكبر بالصادرات التركية للعرب وهي العراق والإمارات ومصر السعودية والمغرب 68 %، والدول العربية الخمس الأكبر بالواردات التركية وهي: الامارات ومصر والسعودية والعراق والجزائر 80 %.

وساهم وجود اتفاقيات تجارة حرة بين تركيا وعدد من الدول العربية في تعزيز التجارة معها، وهي الإمارات ومصر وتونس والمغرب وفلسطين، كما توجد اتفاقات مع دول اخري قيد التوقيع هي لبنان وقطر والسودان ووجود مفاوضات مع مجلس التعاون الخليجي، الا ان العوامل السياسية تؤثر سلبا علي تلك التجارة حيث تسبب الخلاف الخليجي مع تركيا قبل عدة سنوات، بظهور دعوات لمقاطعة السلع التركية بدول خليجية وهو ما تكرربمصر بعد عام 2013.

حيث انخفضت قيمة التجارة التركية مع الإمارات في 2018 وبالسنوات الثلاث التالية، لكن تحسن العلاقات السياسية أعاد معدلات التجارة للارتفاع لتصل اقصاها عام 2023، وهو ما تكرر مع السعودية حيث انخفضت قيمة التجارة التركية معها بعام 2017 والسنوات الاربع التالية، لكنها عادت للارتفاع في السنوات الاخيرة لتصل لأقصى معدلاتها في العام الماضي.

وتسببت العوامل السياسية بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا والاردن عام 2018، وبتعليق اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسوريا عام 2011، ورغم دعوة رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية احمد الوكيل بتجنيب التجارة آثار الخلافات السياسية، فقد ظهرت دعوات إعلامية مصرية وقت الخلاف لتعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا رغم دخولها حيز النفاذ منذ عام 2006، لكن تحسن العلاقات السياسية نجم عنه زيادة التجارة بالسنوات الثلاث الاخيرة.

وبعد أن ظل حجم التبادل التجاري يدور حول الخمسة مليارات من الدولارات منذ 2013 وحتى 2020، زادت التجارة لتتخطي الستة مليارات عام 2021 ثم السبعة مليارات عامي 2022 و2023، ثم الاقتراب من التسعة مليارات دولار في العام الماضي حسب البيانات التركية، وبعد أن ظلت تركيا تحقق فائضا مستمرا في تجارتها مع مصر منذ عام 2007 وحتى 2022، فقد تحول الامر لعجز تجاري تركي مع مصر في العامين الاخيرين، الي جانب زيادة معدلات زيارات رجال الأعمال والمسؤولين من البلدين، الأمر الذي انعكس علي زيادة الاستثمارات.

ومع الجوار الجغرافي البري والبحري لدول عربية مع تركيا، وحاجة تركيا للنفط والغاز الطبيعي بكميات كبيرة، وجودة الصناعات التركية وتنوعها، وحاجة البترول العراقي للموانئ التركية للوصول لأوروبا، والتقارب السوري التركي الحالي وتحسن العلاقات السياسية، فان فرص نمو التجارة التركية العربية متزايدة، وربما يتحقق المشروع القطري لوصول الغاز القطري الي أوروبا عبر الموانئ السورية، أو البديل العراقي التركي للممر الاقتصادي من الهند عبر ميناء حيفا الي أوروبا، لتتزايد فرص التبادل التجاري.

خاصة وان حصة العرب من الصادرات التركية ما زالت أقل من 19 %، وحصة الواردات التركية من العرب أقل من 7 %، ونصيب العرب من التجارة التركية أقل من 12 % بالعام الماضي، بينما كانت حصة العرب من التجارة التركية أكبر من ذلك عام 2012 وخلال سنوات تالية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!