يوسف دينتش - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

في النظام العالمي الجديد، ستنقرض العديد من نماذج الأعمال، وعلى رأسها النظام المصرفي بالشكل الذي نعرفه اليوم. إما أن تختفي البنوك تحت وطأة رياح التغيير العاتية، أو ستضطر إلى تغيير هويتها جذريًا.

لقد فشلت البنوك في معالجة الانتقادات الموجهة إليها منذ قرن، والتي تتهمها بنقل الثروة من الفقراء إلى الأغنياء، بل زادت الأمر سوءًا. عندما تنخفض الفائدة، تمنح القروض للأثرياء، وعندما ترتفع، تقبل الودائع من الأثرياء أيضًا - وهي ودائع ناتجة عن القروض السابقة. هكذا يدور النظام في حلقة مفرغة: يعمل لصالح الأثرياء صباحًا ومساءً. بينما يزداد المرابون وطالبو الريع ثراءً يومًا بعد يوم، يُستنزف جهد أولئك الذين يعتمدون على كدحهم وعرق جبينهم، ليصبحوا ضحايا البنوك والرأسمالية المتوحشة المتعاونة معها.

لنأخذ مثالًا: لو بدأ شخصٌ ما الادخار في البنك لشراء منزل. في الواقع، لماذا يدخر الناس أساسًا؟ لأجل شراء منزل! لكن البنوك تأخذ مدخرات هذا الشخص وآخرين من أمثاله، وتمنحها كقرض لثريٍ ما ليشتري منزله العاشر. هذا الثري يشتري المنزل بثلاثة قروش بفضل القرض البنكي، ثم يعرضه للبيع بخمسة قروش بحجة تكاليف الفائدة غير المدفوعة بعد. عندها، يكتشف المدخر أن الأسعار ارتفعت، فيقرر مواصلة الادخار. لكن البنك يأخذ مدخراته الجديدة ويعيد إقراضها لثريٍ آخر، الذي يشتري منزله الخامس عشر بعشرة قروش. وهكذا تستمر الدائرة الجهنمية.

كلما ادخر الشخص، كلما استفاد غيره، وكلما ابتعد حلم المنزل عنه. باختصار، كلما وفر في البنك، عمل ضد مصلحته. ومع ارتفاع أسعار المنازل، ترتفع الإيجارات، وتقل القدرة على سداد القروض أو الإيجار، حتى يفقد الشخص مصداقيته أمام البنوك. بينما يستفيد البنك والثري، يُستنزف الشخص العادي. هذا هو الاستغلال الحقيقي: ليس الاستغلال في الأجور المنخفضة، بل استغلال النظام المالي الذي لا مفر منه.

لقد مضى قرن على هذا الوضع، ولن يستمر قرنًا آخر. هذا النموذج محكوم عليه بالزوال. نرى أمثلة على انهيار النظام، مثل بنك "سيلكون فالي" الأمريكي المرموق الذي أفلس لأنه استثمر في سندات "خالية من المخاطر"! قصة تشبه تمامًا قصة "دمير بنك" التركي الذي أفلس لأنه حول موارده إلى ديون حكومية. إذا تعاونت مع الرأسمالي، فسينتهي بك الأمر خاسرًا.

إذن، ما البديل عن البنوك الربوية؟

الجواب الوحيد حتى الآن هو التمويل الإسلامي، وهو أفضل نموذج مالي يحمي مصالح الأطراف بعدل. في الواقع، الصيرفة الإسلامية ليست "بنوكًا" بالمعنى التقليدي، بل تقع في منطقة بين البنوك وأسواق المال. هذا هو مستقبل القطاع المصرفي: نموذج هجين بين البنوك وسوق رأس المال.

لدينا الحل الذي يبحث عنه العالم. لكن السؤال هو: هل نقدّر قيمته حق قدره؟ هل نطبقه بشكل صحيح دون تشويه؟ لقد بدأنا للتو، وما زال أمامنا طريق طويل. لكن في المستقبل، إما أن تصبح البنوك مشابهة للصيرفة الإسلامية، أو ستفقد مبرر وجودها.

لماذا نحتاج إلى التمويل الإسلامي الآن؟

أولًا، لأنه لا يوجد حل مالي آخر.

ثانيًا، لأن التمويل الإسلامي ضروري لرفع مكانة تركيا الاقتصادية في النظام العالمي الجديد.

السؤال الذي يشغلني هو: كيف ستشارك تركيا اقتصاديًا في النظام العالمي الجديد؟ يجب أن نفكر في هذا السؤال يوميًا. الفرق بين الدول النامية والمتقدمة ليس فقط في نصيب الفرد من الدخل، بل في قوة الأسواق المالية. الاقتصادات التي تعتمد على البنوك هي "اقتصادات ناشئة"، أما تلك التي تعتمد على أسواق رأس المال فهي "متقدمة".

البنوك لا تحول الاقتصادات إلى أنظمة قائمة على رأس المال، بل تقيدها بديون لا تنتهي. إذا أردنا لتركيا أن تصبح اقتصادًا متقدمًا، فلا يمكن الاعتماد على البنوك. نحتاج إلى "درجة سلم" للانتقال، وهذا الدرج هو التمويل الإسلامي.

الحل والخلاص في التمويل الإسلامي. بينما يراقب العالم انهيار النظام المالي الحالي، يجب على تركيا أن تتحرك.

الأسبوع الماضي كان أسبوع مؤتمرات التمويل الإسلامي. لو أدرك المشاركون فيها ما يمكنهم تحقيقه حقًا، ولو آمنوا به، لتغير العالم. بينما يرسل النظام المالي الربوي إشارات إفلاسه، يمكن للتمويل الإسلامي - القائم على الشراكة - أن يبني النظام الاقتصادي الجديد لتركيا وخريطتها الاقتصادية المستقبلية.

عن الكاتب

يوسف دينتش

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس