
ترك برس
يحذّر إبراهيم قالن، رئيس جهاز الاستخبارات التركي حاليا، من المخاطر الأخلاقية والوجودية التي تفرضها التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والعوالم الافتراضية، مشيراً إلى أن البشرية قد تكون في طريقها لفقدان إنسانيتها في خضم هذا الانبهار التكنولوجي.
في مقال تحليلي له بصحيفة ديلي صباح، (نُشر عام 2017 عندما كان متحدثا باسم الرئاسة التركية) يتساءل قالن: "هل يمكننا كبشر أن نعيش بين هذه العوالم البديلة مع الحفاظ على إنسانيتنا؟"، معتبراً أن الانغماس في الصور الافتراضية قد يعمّق ابتعاد الإنسان عن الطبيعة وعن ذاته الحقيقية.
ويضيف أن خلق "واقعيات بديلة" ليس بالضرورة سيئًا، لكنه قد يتحول إلى "وسيلة وهمية للهروب من الواقع الذي يحدد حالتنا البشرية"، في حال لم يقترن بمسؤولية أخلاقية ووعي نقدي. وقال: "نهرب من الواقع لأننا لم نعد نتحمل ما صنعناه بأيدينا".
ويستعرض قالن مجموعة من الأعمال الفنية التي عالجت هذه الإشكاليات، من بينها أفلام "ذا ماتريكس"، و"إكس ماشينا"، و"بليد رانر"، وغيرها، والتي وصفها بأنها "تحذر من عواقب تجاوز الإنسان لنفسه وتحوله إلى أسير لإبداعاته". كما ذكّر برواية "فرانكنشتاين"، معتبراً إياها نموذجاً كلاسيكياً لسؤال: كيف نتعامل مع وحوشنا الخاصة؟
وفي سياق تحليله لفيلم "غوست إن ذا شيل" (2017)، يقول قالن إن الفيلم "يطرح أسئلة أخلاقية خطيرة حول استخدام البشر كأدوات لمصالح الشركات والحكومات"، محذراً من خطر التلاعب بعقول الناس وذكرياتهم، وتحويلهم إلى أدوات طيّعة. وتابع: "من له الحق في إعادة تصميم ذكريات الناس ومشاعرهم حتى لا يتذكروا أي شيء ويطيعوا الأوامر؟"
ويذهب قالن أبعد من ذلك فيقول إننا "لا نحتاج إلى ديستوبيا مستقبلية لرؤية هذه الكوابيس تتحقق، لأننا نعيشها اليوم بالفعل"، في إشارة إلى ممارسات الشركات الكبرى التي تسعى، بحسب قوله، "لإعادة تشكيل رغبات الناس وأذواقهم ليصبحوا خدماً للرأسمالية الاستهلاكية".
ويختم قالن مقاله بالتأكيد على أن السبيل لمواجهة هذه التحولات يكمن في مراجعة أولوياتنا الحديثة، قائلاً: "بدلاً من خلق عوالم خيالية للهروب من الواقع، علينا تغيير حالة عقولنا وأرواحنا حتى نتمكن من العيش في وئام مع واقعنا"، مشيراً إلى أن جوهر الإنسانية لا يتمثل في بناء آلات أفضل، بل في "معاملة الطبيعة وأقراننا بذكاء ورعاية وحب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!