د. أحمد موفق زيدان – موقع المسلم
ليس مصادفة أن تتكثف الحملة على تركيا بعد التوقيع على الاتفاق النووي الأميركي ـ الإيراني، إن كان بالمفخخات أو باستهداف عناصر جيشها على الحدود مع سورية أو بمحاولة زرع عبوات في مقرات حكومية تم الكشف عنها بفضل الله، فإيران تدرك تماماً أن الخصم والعدو الحقيقي لها اليوم هو تركيا لمواقفها المشرفة من الثورات العربية في سورية ومصر واليمن وليبيا، بعد أن اختارت طهران الاصطفاف مع الثورات المضادة ودعمها ولو على جثث الملايين من الشعوب ودمار أوطان كاملة..
لن تألو إيران جهداً ولن تدع حجرة واحدة دون أن تقلبها من أجل الإضرار بالأمن القومي التركي، ولها أدواتها إن كان من التيار العلوي أو الكردي أو اليساري وحتى من جماعة فتح الله كولن الذي انقلب بقدرة قادر مؤيداً ومدافعاً ومصوتاً بالانتخابات الأخيرة لصالح الحزب الكردي الذي كان ينتقد اتصالات اردوغان معه قبل أشهر فقط..
إيران تعي تماماً بعد تخلصها من عدوين جارين مهمين وهما أفغانستان والعراق، أنه لم يبق أمامها إلا خطر تركيا الماثل والقريب وخطر باكستان كدولة مجاورة أخرى أيضا تملك قدرات نووية وعسكرية هائلة، ولذا فهي تعمل بكل قوة على النخر بالأخيرة انتظاراً للانقضاض عليها كما فعلت بالعراق وسورية واليمن وووو...
وما لم تتحرك تركيا عاجلاً صوب باكستان وتعمل على وضع إطار إقليمي بالمشاركة مع المملكة العربية السعودية والراغبين بالانضمام إلى هذا الحلف فإن المنطقة مهددة بسورية أخرى وعراق ويمن ثان وثالث ، فالغارة الإيرانية على ما يبدو تبحث لها عن صيد جديد، وكرة النار الإيرانية تواصل زحفها لالتهام مناطق جديدة، وكأنه تفويض دولي بعد الاتفاق النووي الأخير، فقد بدت طهران كنعامة خلال المفاوضات النووية مع ما كانت تصفه بالشيطان الأكبر، فكان لا بد لها من تعويض ذلك بالاستئساد على الدول المجاورة ...
التعاون التركي ـ الباكستاني تاريخي وللأسف نجد أن هذا التعاون التاريخي الذي وقفت فيه الشعوب إلى جانب بعضها في الملمات نراه اليوم شبه غائب، فديبلوماسية البلدين غائبة تجاه بعضهما بعضاً، فبمقدور إطار إقليمي يتكون من باكستان وتركيا مع السعودية أن يضع حداً للانكشافات الخطيرة التي يتعرض لها العالم العربي والإسلامي أمام الجنون الإيراني الذي لا مندوحة ولا مهرباً من وقفه عند حده... التحرك التركي ـ الباكستاني العاجل الآن هو تحرك استباقي حتى لا يقول أحدهما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض أولاً، وثانياً فإن طهران التي تسعى للترويج على أن الخلاف بين العجم والعرب سيتلاشى مع هذا الإطار الذي يبرز تحالف باكستان مع تركيا في مواجهة الأعاصير على كل منهما، فكل التوقعات في باكستان اليوم هو أن طهران ستكثف من نشاطاتها وتدخلاتها في أفغانستان بما يضر بالسياسة الباكستانية ، يضاعفه قلقل باكستاني من أن تكون الاعتداءات الهندية الأخيرة على حدودها تتناغم مع التصعيد الإيراني المرتقب في أفغانستان، لا سيما وأن التنسيق الإيراني ـ الهندي على أشده منذ عقود..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس