غونغور منغي – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
نجحت تركيا حتى وقت قريب بإبقاء نفسها بعيدة عن الحرب المذهبية الدموية القائمة في الشرق الأوسط، وسبب نجاحها في أن تنأى بنفسها بعيدا عن الصراعات الدينية هو أنها دولة صاحبة نظام حُكم علماني ديمقراطي، برغم أنّ الأغلبية الساحقة من الشعب هم من المسلمين.
لكن الوضع تغير الآن، فقد وصلت رياح المجازر الوحشية التي تسببت بها الصراعات الدينية والمذهبية في الشرق الأوسط، إلى تركيا بكل أسف، وسبب ذلك هو سياساتنا الخاطئة.
ضد عدويين اثنين!
لو أنّ تركيا اتخذت سياسة صحيحة من البداية تجاه المنظمات المتطرفة مثل داعش وحزب العمال الكردستاني، ولو أنها لم تتدخل في الحرب المذهبية الأهلية في سوريا، ولو أنّ تركيا اتخذت الاجراءات الوقائية اللازمة على الحدود عند بدء الحرب الأهلية، لما عشنا اليوم خطر الارهاب المحدق بنا.
وخلال الفترة الماضية، لم نولِ أي اهتمام حول انتقادات المجتمع الدولي لسياسة تركيا فيما يتعلق بموضوع داعش التي يصفها الجميع لأنها أخطر منظمة ارهابية، وكان نتيجة ذلك أننا اليوم نواجهها، ونقول أنه مهما كانت أسماء تلك المنظمات، فكلها ارهابية ويجب محاربتها.
ما وصلنا إليه الآن، هو مشهد أكثر خطورة، لأنّ الخطوات التي نقوم بها الآن متأخرة، فنحن نعيش الآن تحت خطر وتهديد داعش في داخل الدولة التركية وليس من خارجها فقط، كما أننا نجد أنفسنا مضطرين لمواجهة العديد من المنظمات الجهادية المتطرفة الأخرى، وذلك بخلاف حزب العمال الكردستاني.
ولم يعد باستطاعة الدولة التركية إخفاء حالة القلق والخوف والخطر من قبل هذه المنظمات المتطرفة وتحديدا بعد مجزرة سوروج، ولهذا فإنّ القوات المسلحة التركية قد ضربت أهدافا لتنظيم داعش وأهدافا أخرى لحزب العمال الكردستاني.
كلمات أرنتش
التعزيزات العسكرية التي تم إرسالها إلى الحدود التركية هي الأضخم في تاريخ الجمهورية التركية، حيث تم إرسال 20 ألف جندي، وبالنسبة لتنظيم داعش فإنّ عناصره تنتشر في منطقة جرابلس الأقرب لحدود تركيا.
لن يكون من السهل ضبط الحدود التي كانت "غير متحكم بها منذ فترة طويلة"، ولن يكون سهلا معرفة وضبط العناصر التي تسربت عبر الحدود خلال هذه المدة، وتركيا تقف الآن في مواجهة داعش على الحدود، ومواجهة عناصر داعش وحزب العمال الكردستاني داخليا أيضا، واليوم تفكر تركيا في تشكيل جدار آمن على حدودها، ولا أدري لماذا لم يتم التفكير في ذلك من قبل؟
لماذا كان المسؤولون يتحدثون دوما عن "صعوبة حماية الحدود الطويلة"؟ ولماذا لم يتم ضبط عناصر المنظمات الارهابية التي كانت تتسرب بين ملايين اللاجئين الذين دخلوا تركيا؟ الشعب يسأل هذه الأسئلة.
والكلمات التي قالها بولنت أرنتش نائب رئيس الوزراء حول مجزرة سوروج لا يمكن نسيانها، حينما قال "لا يوجد بين القتلى أي مسؤول من البلدية، ولا أي مسؤول أو شخص يتبع لحزب الشعوب الديمقراطي، وهؤلاء لم يتواجدوا وسط الناس هناك، وبقوا بعيدين عن موقع الحادث، وهذا موضوع استخباراتي بحد ذاته".
أرنتش ليس أي شخص، وإنما هو نائب رئيس الوزراء، فماذا يريد أنْ يوصل لنا بكلماته هذه؟ وبرغم علمه بأنّ من قام بمجزرة سوروج هو تنظيم داعش، لكنه يتساءل لماذا علم حزب الشعوب الديمقراطي بوقوع الحادث؟ وما هو الرابط بين الاثنين؟
يجب أنْ يتم الكشف عن إجابة هذا السؤال، ويجب أنْ تكون الإجابة مقنعة للشعب، لأنّ الإجابة عن هذا السؤال لا تعني الكشف عن علاقة بين حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي وداعش فحسب، وإنما تحمل أهمية بالغة لكشف الذين يقفون خلفهم ويدعمونهم من الخارج.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس