ترك برس
صرح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأمريكية، في لقاء صحفي له مع قناة بي بي سي في تاريخ 24 تموز/ يوليو 2015، بأن "تركيا قبلت اعتبارًا من اليوم استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لقاعدة إنجيرليك في سبيل تحقيق اتفاق مبدئي يتبعه توافق أمريكي تركي متناسق ومنسجم فيما يخص الملف السوري".
لم تكن هذه الإشارة الأمريكية هي الإشارة الوحيدة في قضية طرح إمكانية توافق آراء الولايات المتحدة وتركيا في القضية السورية، فقد جاءات إشارات تركيا أيضًا على إمكانية التوافق التركي الأمريكي فيما يخص القضية السورية إذ صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو "بأنه في الفترة الحالية نسعى للوصول إلى خط توافق مشترك بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية للوصول لقرار صائب فيما يخص الأوضاع الجارية في سوريا".
وتفيد الصحافة التركية فيما يتعلق بالتصريحات المتعلقة بالتوافق الأمريكي بأنه "وبناءًا على هذه التصريحات أصبح هناك سؤال جوهري يطرح نفسه وهو هل يلتقي نهج الثعلب التركي والنسر الأمريكي في سوريا؟ والسؤال المصاحب لهذا السؤال هل سيلتقي النهج بناءًا على الخطط التركية أما الخطط الأمريكية؟
يتضح نهج الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي صرح قائلا ً، في لقاء تلفزيوني له على قناة "سي بي أس" المحلية بتاريخ 31 آذار/ مارس 2015، بأنه "لا بد من التحاور والتفاوض مع نظام الأسد، ونحن في جميع الأحوال اتجهنا إلى أن نكون من داعمي الحل السياسي للأزمة السورية".
ولتوضيح الموقف الأمريكي من الأزمة السورية يفيد الأكاديمي في قسم العلاقات الدولية في جامعة واشنطن رشاد قصبة بأن "الولايات المتحدة الأمريكية كجميع الدول الأخرى وقعت في أزمة سياسية مؤلمة نتيجة للتحليل الخاطئ للأزمة الحالية الموجودة في سوريا".
ويضيف قصبة أن "الولايات الأمريكية المتحدة في ظل هذه الأزمة تنوي اتباع سياسية "محاولة السيطرة المتعددة" وذلك من خلال تحسين العلاقات مع إيران وبالتالي مع ابنها الأسد للقضاء على داعش وكما تريد الولايات المُتحدة الأمريكية السيطرة على تركيا من خلال إجراء اتفاقات متقاربة نوعًا ما، ومن خلال هذا التنوع والتعدد في العلاقات تسعى الولايات الأمريكية المتحدة السيطرة على الوضع في سوريا والقضاء على داعش، التي تراها العدو الأساسي لها في سوريا، وبعد ذلك التحاور وإيجاد سبل للحل السياسي في المنطقة".
وفي تقييم سياسي للاختلاف الواقع بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا يعزو قصبة هذا الاختلاف إلى "الأهداف والمحاور التي يسعى إليها الطرفان، الولايات المتحدة الأمريكية دولة واقعية براغماتية بامتياز وجل ماتهدف إلى تحقيقه دومًا هو تحقيق مصالحها، وبالنظر إلى المصالح الأمريكية في المنطقة نجدها بأنه تتسم بالتفاهم الأمريكي الإيراني الأخير وهذا يبرر مدى حاجة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتباع الحل السياسي في سوريا والإبقاء على النظام السوري الابن المدلل لإيران والقضاء على داعش العدو الأول والأساسي لجميع العناصر الموجودة في المنطقة، أما تركيا فهي دولة مجاورة لسوريا ووضعها حساس أكثر بكثير من الولايات المتحدة الأمريكية إذ أن أي تحول جيوسياسي في المنطقة قد تكون نتائجه سيئة جدًا على تركيا، كما أن لسياسة تركيا تجاه سوريا نصيب كبير من العاطفة والإنسانية على العكس من الولايات المتحدة الأمريكية التي تهدف إلى تحقيق مصالحها بشكل صارم دون أخذ العاطفة والإنسانية بعين الاعتبار".
وفي تقرير تحليلي لمركز التحليلات الجيو سياسية الاستراتيجية التركي، يؤكد المركز أنه "يمكن أن يلتقي النهجان الأمريكي والتركي، في سوريا، ولكن ليس لصالح أي طرف من الطرفين بل لصالح النقاط المشتركة بين الطرفين، حيث يمكن لتركيا أن تكسب المنطقة الأمنية العازل لو أصرت على الولايات المتحدة الأمريكية بشكل دبلوماسي محترف ولو ضغطت على الولايات المتحدة الأمريكية من خلال اتفاقية التعاون العسكري ضد داعش التي تم إبرامها بشكل رسمي البارحة بتاريخ 26 آب/ أغسطس 2015، هذه النقطة المشتركة التي يمكن الالتقاء عندها ولكن لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تضحي بسياسة "محاولة السيطرة المتعددة" وتخسر إيران، التي اتفقت معها حديثًا، من أجل الامتثال لشروط تركيا الخاصة بالقضية سوريا والتي كانت مكونة من ثلاث شروط المنطقة الأمنية العازلة، التي يمكن توافق النهج الأمريكي التركي عليها، إقامة حظر طيران جوي على طائرات النظام، ضرب النظام السوري والقضاء عليه، هاتان النقطتان يبدو من الصعب التقاء النهج التركي الأمريكي فيهما خاصة في ظل الاتفاق الأمريكي الإيراني الحديث".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!