بولنت إرانداتش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

بعد مؤامرة سايس وبيكو في تقسيم الدولة العثمانية، نرى اليوم أوروبا وبالعقلية الصليبية تقوم بحملات على كل المستويات من استخباراتية وإعلامية وغيرها؛ من أجل إيقاف القائد العثماني الجديد، فمن إنجلترا وألمانيا الى فرنسا وإسرائيل تسعى هذه الدول بسياسييها ومفكريها وإعلاميها الى قيادة الهجمات والضربات على الحكومة التركية، وكانت ذروة الحدث بعد ان بدأت تركيا في خطتها الجديدة المتمثلة بإنشاء ما يشبه المنطقة الامنة بين جرابلس وعزاز.

في سبيل السير على الخطة سمحت تركيا للولايات المتحدة الامريكية باستخدام القاعدة العسكرية إنجيرليك؛ الأمر الذي دفع الدول سابقة الذكر إلى الانتفاض والشروع بحملتها المضادة. وكان ممن شارك وظهرت عليه علامات العضب والامتعاض كلا من صحيفة الإنتدبندنت وقناة البي بي سي، فظهر الأخير ممتعضا وحانقا عندما أوردو في أحد التقارير فقالوا إن تركيا تطمع بالكعكة السورية؛ الأمر الذي دفعها إلى تحريك جيشها ومليشيات التركمان على الحدود الجنوبية بين جرابلس - اعزاز، وأضافت أن تجمع المقاتلين التركمان في اعزاز يمثل بداية الخطة التركية. أما صحيفة الإندبندنت فقد أرسلت رسائل انتقاد ينبعث من بين طياتها رائحة التهديد والوعيد؛ فقد هددت تركيا بان إنجلترا لن تسكت عن تحركات أنقرة؛ الأمر الذي قد يدفعها إلى تحريك وحدات المخابرات السرية "إم 16".

لقد كانت الحملة التركية في مكانها وفي وقتها الصحيح، فبعد البحث والدراسة كان التخطيط السليم من أجل البدء في تحركات تحدث حلول حقيقية في الأزمة السوري، وكان من أهم ما سعت تركيا إلى حله هو موضوع اللاجئين، وفي هذه النقطة كان لا بد من أن تقوم تركيا بحماية اعزاز التي تحوي ما يقارب مليون لاجئ قادم من حماه وحمص وحلب؛ ففي حال استطاعت قوات حماية الشعب الكدري أو داعش إحكام سيطرتها على اعزاز فان مأساة تهجير جديدة واردة في الحسبان. أما جرابلس فكان على تركيا حمايتها من خطة التطهير العرقي التي تقوده وحدات حماية الشعب الكردي؛ فهي تهدف الى تغيير الديمغرافيا الأصلية للمناطق التي يسيطر عليها؛ من اجل المضي قدما في الحصول على مناطق حكم محلي سواء بنظام فدرالي او غيرة، وهو الأمر الذي تحاول انقرة منعه.

وأخيرا أقول للدول التي تحمل الفكر الصليبي وتتعامل معنا على أساسه؛ بأن تركيا والشعب التركي شعب عريق بتراثه؛ فهو مجبول على أسس فكرية ومبادئ عريقة قادته إلى إنشاء دول تاريخية عظيمة على مدار 5 آلاف سنة؛ وأن أطماعكم الصليبية الليبرالية الرأسمالية لن تجد لها مكان مع قادة هذا الشعب العظيم؛ فبقيادتنا المتمثلة بأردوغان وأحمد داود أوغلو نعلم أن حكومتنا وجيشنا يسيران على خطط استراتيجية عميقة ويلعبون بقواعد تكتيكية ذكية؛ ولهذا لا تظنوا بأننا ضعفاء وإن ظننتم ذلك فاعلموا أنكم مهزومين؛ وليبلغكم التاريخ بالخبر اليقين!

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم