أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
تعود الأحلام الإمبراطورية التوسعية الروسية إلى زمان الاتحاد السوفيتي أو حتى إلى فترة حكم شارلي، فاستراتيجية اختراق المياه الساخنة لم تتوقف، بل يسعون إلى استغلال كل فرصة ممكنة لمزاحمة إرادة القوى العالمية، ففي احتلال سلوفاكيا ودخولها تحت الإدارة التشيكية رأينا الشرعية الدولية تمنح للشيوعية، كما كان الحال كذلك في احتلال أفغانستان وإعطاء الحكم فيها لبابرك كارمال الشيوعي، أما اليوم فنرى روسيا وهي تدير العمليات العسكرية لنظام الأسد في سوريا.
السؤال هنا: أين أمريكا وأوروبا من روسيا وأطماعها؟ أليسوا هم الكفة الأخرى من حالة التوازن في العالم؟ أين كانوا عن الأحداث في أوكرانيا والكرم؟ في الحقيقة هم دخلوا مرحلة المساومة على شرق أوروبا التي كانت تتحول إلى صف الاتحاد السوفيتي.
في سوريا نرى الإسلاميين من مصر وتونس قد آذوا العقل الاستراتيجي الأمريكي والأوروبي، وضايقوا الربيع العربي، كما ونراهم متضايقين من أردوغان وحزب العدالة والتنمية ومن أسئلتهم المتكررة المتجددة عن العدالة والإنصاف والإنسانية.
لهذه الأسباب وليغيرها تحولوا من خلع الأسدإالى محاكمة جرائمه، ثم إلى توجيه بندقية المعركة نحو داعش؛ حتى أصبحت عنوان المواجهة، وفي هذه المواجهة بتنا نرى جواز التحالف مع بشار من أجل القضاء على داعش، وعلى نفس الأنغام كانت المبررات للتدخل الروسي، وتواترت الأحداث حتى أصبحنا على صوت وقع ضربات الطائرات الروسية التي تأتي في سياق حماية الأسد، والتي عملوا على تسويقها على أنها ضربات لداعش.
من المعلوم أن هنالك الكثير من المشترين النهمين الجاهزين الذين سيشترون ما يسوقه الدب الروسي، فباسم حرب التطرف الإسلامي نرى اليوم أن هنالك جبهة متحدة ومتوافقة من أمريكا وأوروبا حتى روسيا والصين، فأمريكا تبرر التدخل الروسي بأن روسيا تضرب المجهدين الشيشانيين، كما وتبرر التدخل الصيني بأن الصين تضرب مجاهدي تركستان الشرقية.
بعد الضربات الجوية الروسية كان الرد الأمريكي ما قالوه باستحياء "إن الأهداف التي ضربتموها ليس لداعش، وانما هي للمعارضة السورية"، لقد كان هذا الرد الضعيف يرسل الرسائل فينطق ويقول "نعلم الذي تفعلونه ولا نرى ذلك محظورا".
لقد صرح وزير الخارجية الأمريكي وقال بأن اللقاء الذي جرى بين أوباما وبوتين خرج باتفاق الطرفين على أن سوريا بعد الأسد ستكون مأمورة بنظام علماني، وهو ما يعني بأن عدم قبول الجيش السوري الحر ذو الميول الإسلامية هو نفسه عند كل من النظام الأمريكي والروسي؛ وهو ما يبرر تقديم الولايات المتحدة الأمريكية السلاح للحركات العلمانية الكردية على ما دونهم.
والسؤال المحير الذي يهيم بالأذهان هو: هل أصبحت الولايات المتحدة الامريكية مشلولة الإرادة لتمرر الاستراتيجية الروسية بردود سطحية ضعيفة، أم أن أمريكا تفضل القضاء على كل التشكيلات الإسلامية باستخدام روسيا وبتهمة الدعشنة؟
الغريب أيضا أن أمريكا لا تجد أي مبرر من أجل دعم وحدات حماية الشعب الكردي، بينما ترى أن ردودها الباهتة على ضربات روسيا الجوية أكثر من كافية. هل ستكون ردة أمريكا ساذجة وباهتة لو كانت هذه الضربات الروسية موجهة نحو وحدات حماية الشعب الكردي؟ لقد باتت الحسابات السياسية الشيطانية تأخذ أدوارها في منطقتنا؛ وهو ما يحتم علينا أن نسعى لتخليص تركيا والعالم الإسلامي منها بأقل الاضرار الممكنة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس