إنغين آرديتش - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
يستمر البعض في مهاجمة داود أوغلو، متهمين إياه بأنّه جعل تركيا "تتغول في الشرق الأوسط"، وكأنّ تركيا كانت بالقرب من جزر الكاريبي وحملها داود أوغلو ونقلها إلى الشرق الأوسط.
يقولون: "ما أجمل زمن أتاتورك، عندما كنا لا نلقي بالا للشرق الأوسط، وأدرنا له ظهرنا"، نعم، لم يسعَ أتاتورك إلى أخذ محافظة "هاتاي" على سبيل المثال، وأتاتورك لم يرغب ببدء حرب عصابات في جبال أنطاكيا، التي كانت تعد جزءا من الأراضي السورية، (الذي لم يرغب بضم هاتاي هو عصمت إنونو، هل تعلمون ذلك أيها القوميون؟).
كان الشرق الأوسط في ذلك الزمن مستعمرا من قبل الانجليز والفرنسيين، والتغول فيه يعني مواجهة هذه القوى الإمبريالية، (نحن استطعنا اقتطاع هاتاي عندما "ساءت حالة فرنسا").
نعم، في ذلك الزمن لم يكن العرب يملكون المليارات ليستثمروها عندنا، فكان من السهل عليهم التخلي عنا، ولم يكن هناك "إسرائيل"، ولا قضية فلسطينية.
ذلك الشرق الأوسط، ليس كالشرق الأوسط الحالي، والأصوات التي طالبت "بطرد الأكراد إلى سوريا كما عملت تركيا مع الأرمن" كانت هذه الأصوات امتدادا لفكر جمعية الاتحاد والترقي، فهؤلاء لم يستطيعوا حتى الآن الخروج من 1915 إلى 2015، ألا تعد هذه الأصوات تدخلا في الشرق الأوسط؟
من الممكن أن يدعم القوميون العرب، الذين كانوا سببا في انفصالهم عن الإمبراطورية العثمانية، الحراك الانفصالي الكردي، وهذا لا يعد انشغالا بمسائل الشرق الأوسط! كما يتهمون داود أوغلو بأنه جعل تركيا "دولة حاجزة" بين أوروبا والشرق الأوسط، تركيا أصلا كانت دوما "دولة حاجزة" بين السوفييت والغرب، وهذا الأمر كان واضحا جدا بعد عام 1946 وخصوصا عند تأسيس حلف الناتو (1949) ودخولنا في الحلف عام (1952)، وأمريكا حينها كانت تنتظر من تركيا "الصمود أول 24 ساعة" في حال نشوب حرب، هذه هي الوظيفة التي كانت موكلة لنا.
ألم تكن تركيا "دولة حاجزة" في السابق؟ حتى في عام 1923 كانت كذلك، حيث كانت تسعى إنجلترا القوة الإمبريالية الأقوى في العالم في تلك المرحلة، إلى إنشاء حاجز بين السوفييت وأوروبا، وكانت اليونان مرشحة بقوة لهذه الوظيفة، لكن مساحة اليونان الصغيرة، أثبتت أنها "لا تستطيع القيام بهذه المهمة".
وانقسمت الآراء في انجلترا آنذاك، بين الحكومة التي تتبنى خيار دعم اليونان من أجل هذا الهدف، وبين الاستخبارات السرية التي كانت تتبنى موقف إعطاء فرصة للقوميين الأتراك، وقد ربح الأتراك الحرب، وأسسوا "دولة حاجزة"، وبقيت الأناضول ومضيق البوسفور لنا، وهكذا لم يعد هناك حاجة لتأسيس "دولة حاجزة" في القوقاز، ولهذا أنا ادعو الكتاب، ومنهم "محمد يعقوب" إلى قراءة التاريخ بدلا من التركيز على المشاهد القاتمة بصورة منعزلة عن الظروف والأحداث.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس