إنغين أرديش - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تفاجئت تركيا وكل الشعب التركي بالنتائج المعلنة لانتخابات الاحد الماضي، لقد كنا نتوقع انخفاض نسبة التصويت لحزب العدالة والتنمية لكن ليس الى هذه الدرجة، كذلك كنا نتوقع تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية الحد الانتخابي ولكن ليس لهذا المقدار من المقاعد البرلمانية. أما الشيء الذي اعتدناه هو عنترة البعض على الحزب المُنتصر، فسمعنا الكثير من الأصوات المُعادية لحزب العدالة والتنمية رغم حصوله على نسبة الأصوات الأكبر، فرأينا عنتريات من معظم المعارضين وكان من اكبرها تصريحات لكيليتشدار.
والغير مفهم في هذه الانتخابات هو عدم قدرة الحزب المنتصر بنسبة 40% على تشكيل حكومة لوحده، طبعا هذا بسبب النظام الفاشل الذي لن يجلب الاستقرار بمثل هذه التُرّهات. كذلك عندما نرى ان الحزب الحاصل على نسبة 13% يحصل على نفس عدد مقاعد الحزب الحاصل على نسبة 14% نتأكد يقينا ان نظام الانتخابي لهذه البلاد فاشل. لكن في المقابل لو كان نظام الحكم هو نظام رئاسي لما رأينا مثل هذه المشاكل التي ستستمر حتى نهاية عام 2019 وقد يزيد، فلو كان النظام المعتمد رئاسيا لتم تشكيل الحكومة سريعا ولما عانى الشعب التركي ولسنوات قادمة من كوابيس تشكيل الحكومة، ولما رأينا الشعب يشغل باله في عقبات تعديل الدستور.
في هذه اللحظات تتردد في رؤوس الكل أفكار التحالفات الكبيرة التي بمقدورها حل كل اشكال الخلاف وتيسّر الاعمال بشكل كبير جدا، وهي القادرة على نقل البلاد من مرحلة الفوضة الحالية الى بر الامان. على الأوراق كل أنواع التحالفات ممكنة لكن في ارض الواقع تجد كل حزب وقد رسم لنفسه خطوطه الحمراء التي بدورها تعرقل مثل هذه التحالفات او التسويات المتوقعة والمطلوبة. فالتنازع على المناصب سيكون على أشده وبالتحديد على كرسي رئيس الوزراء، والذي بدورة أيضا يُضعف من إمكانية التحالفات المتوقعة.
لو فكرّنا في أكثر الاحتمالات الممكنة لتكوين تحالف او تسوية، لكان بين حزب العدالة والتنمية المنتصر وحزب الشعوب الديمقراطية الكردي، فهذا الإتلاف هو ما كنا ندافع وندعو له منذ أشهر. لكن هذا التحالف صعب التحقيق لان على الطرفان إزاحة بعض الخطوط الحمر من بينهم، ولأن حزب الشعوب الديمقراطية يريد نظام فدرالي على عكس حزب العدالة والتنمية الذي يرفض النظام الفدرالي ويريد النظام الرئاسي.
اما المؤكد بعد مشاهده الاحداث عن كثب هو تناسينا فترة الحكم 1991-2002 الذي أضاع الشعب فيها وقته من غير فائدة بل على العكس تماما، لقد كانت فترة تدهور مستمر للبلاد حتى سقطنا في فخ الانهيار الاقتصادي الذي كاد ان يدمّر البلاد. فتجربة اليوم شبيهة بالأمس، ففي حال فشلت الجهود المبذولة من اجل الخروج بحكومة خلال الفترة المطلوبة ستدخل البلاد دوامة الانتخابات المبكرة والتي اعتقد انها ليست مبكرة وانما إعادة، فلن يكون هنالك جديد في انتخابات الإعادة لأن الشباب التركي نسي تجارب الماضي وسيبدأ بالتّعلم من جديد في تجربة جديدة. والظاهر انا داخلون على أبواب فوضى جديدة بختيار الشعب!!!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس