د. عامر أبو الخير - خاص ترك برس
بداية كل التهنئة للشعب التركي كله على هذا الإنجاز العظيم، الذي راهن البعض على إفشاله وقد خاب.
هذا الشعب فائزه وخاسره أثبت للعالم كله أنه جدير بالديمقراطية الراقية خصوصًا في ظل هذه المشاركة في الانتخابات التي قل نظيرها على مستوى العالم.
إن الفوز الذي حققه حزب العدالة والتنمية والذي أذهل البعض جذلًا، وأذهل البعض الآخر خذلًا، هيج الأشجان هنا، وأهاج الغربان هناك.
هؤلاء الذين ما تركوا كبيرة ولا صغيرة إلا وجيروها من أجل إفشال الحزب (اللدود) لحسابات وأجندات لعل أقلها أن في انتصاره أو فوزه انتكاسة لمشاريع القضاء على صحوة الأمة في ديارها، وعلى ما تبقى من روح ثورات الربيع العربي بالوكالة، ومنها أيضًا الخشية من أن تصل رياح هذه الروح إلى مضاربهم.
نعم إن انتصار حزب العدالة والتنمية ليس على خصومه الذين خبرناهم أنهم – على علاتهم – أرقى وأسما وأكثر مصداقية من أولئك الذين ما عهدوا وما استمرؤوا إلا الانقلابات والدسائس وحكم الاستبداد، لذلك تراهم يهزؤون من الانتخابات والديمقراطية ويقللون من شأنها وكأنها السوء عينه في زمن انقلبت فيه المفاهيم والموازين والمكاييل.
إن الأبواق التي استمرأت الدجل والنفاق لا تجد سبيلًا للخروج من سفاهتها إلا بالولوغ في السفاهة أكثر، في استعراض للأكاذيب والأراجيف العابرة للقارات مما يجعل المرء يشفق على هذه الأمة التي ابتليت بهكذا عاهات ثقافية وإعلامية.
إن نتائج الإنتخابات فعلًا صدمت بعض هؤلاء ومنهم من خرج وقد خرج صوابه عن صوابه عندما أعلن ودون أي حرج أن أكثر من 85% من الشعب التركي كان يقف عشية الانتخابات ضد سياسات حزب العدالة والتنمية التوتيرية والاستفزازية، وأنه قسم الشعب التركي إلى فئات وشيع واستطاع استقطاب المسلمين السنة، وإلى آخر هذه الترهات المشروخة والتساؤل هنا: كيف استطاع الحزب الحصول على قرابة 50% من أصوات الشعب الذي يكرهه منه 85% ويقف ضد سياساته!؟
هذا نموذج عن الذين طار صوابهم والذين أكثرهم لم يجد ما يتقيأ به فلزم الصمت، وبات على حسراته.
هذا البعض الذي لا يريد أن يصدق هذه النتيجة الصادمة، وهو الذي اعتاد على الأرقام الفلكية الوهمية التي يفوز بها زعماؤه الملهمون ومجالسه الورقية.
يتزامن هذا الاستحقاق الانتخابي مع استخفاف انتخابي آخر في ظل نظام انقلابي استبدادي، استخفاف نتائجه محسومة وموسومة، ولا داعي للقلق عليه وعلى نتائجه كما هو القلق الذي لزم الانتخابات التركية.
نعم لعل القلق الذي لازم التهيئة والاستعداد للانتخابات التركية ويوم الانتخابات ونتائجها لدليل على جدية وصدقية العملية هنا، وسخف واستخفاف الترتيبات هناك، ولعل أيضًا نسبة المشاركة – قبل النتائج– بين الاستحقاق والاستخفاف لهي دليل ساطع على مدى الجدية والأحقية والمصداقية والرقي.
وشتان بين من فاز بـ(11) استحقاقًا انتخابيًا على التوالي دون انقطاع، وبين من فشل في أول تجربة انتخابية صورية حتى وهي في ظل الجبر والغلبة.
وشتان بين من لم يتخل عن النهج الديمقراطي رغم كل ما حيك ويحاك ضده من كل القوى الشريرة المحلية والإقليمية والدولية وفيها (الصديق) وكذلك (الشقيق)، ويفوز، وبين من يقف معه كل هؤلاء السحرة ومعهم كل إمكانياتهم، ويفشل.
ثم شتان ما بين من يخرج بعد فوزه متوجهًا إلى شعبه (كله) وبلهجة متواضعة ليخبره أن المنتصر هو الديمقراطية والفائز هو الشعب كله، من صوت ومن لم يصوت، وبين من يخرج قبل الانتخابات ليهدد ويتوعد من لم يأتِ للتصويت ويعرض الرشاوي ومعها الفتاوي ثم يشوه ويزور ثم يخيب ظنه بعد أن خاب ظن شعبه فيه.
وأخيرًا لأن ترى علم الثورة السورية، وعلم فلسطين وكذلك شعار رابعة رمز ثورات الربيع العربي كلها وأيقونتها يجعلك تدرك بدون أدنى شك أنه نصر ليس لتركيا فقط وإنما لـ"جيرانها" أيضًا.
فهنيئًا للشعب التركي كله، وهنيئًا للأناقة الديمقراطية، وهنيئًا للباقة (الأكبارتية).
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس