د. عامر أبو الخير - خاص ترك برس
ربّما سيرى البعض أن لا مكان لهذا الشاهد في موضوعنا الآتي، أو يتساءل ما حجّته في هذه المقالة وهذا المقام، وهو الحديث النبوي الشريف الذي يجب أن يكون مترفعا عن الخوض به في مجالات السياسة الموصومة والمتهمة دائما من عديد الناس على أنها رجس من عمل الشيطان، أو هكذا شبّه لهم، كي تبقى هذه (الرجس) حكرا، ودولة بين دهاقنة بني قريظة وأشياعهم من (الذين ما بدوا)!؟
ولئن احتجّ البعض على حشر هذا الحديث في هذا المقام، وهو يدعو للإيثار، ومعها بركة القليل، ودرجة القبول فأجيب أنني أريد منه الحجة على أن في كثير من الأحيان القليل (الطيّب!!؟) أكبر وأكثر مصداقية وبركة ونفعا من الكثير (الآسن!!؟) ولو أعجبتنا كثرته المزورة، وهنا الشاهد.
كل هذه المقدمة المحشورة حشرا وجدت فيها (مآربي الأخرى)، كما وجدت أنّه لا بد منها ونحن نتحدث عن هوامش وحواشي الانتخابات التركية الأخيرة، ونتائجها التي ستبقى حديث الساعة واللحظة وإلى أيام قادمة، إن في العلن، أو في الكواليس، لا سيما منها كواليس غرف عمليات التآمر على إرادة الشعوب، لتزييفها وإحباطها، في ظلّ (الأبراج!!؟)، أو عند شط ّ (التوجيه المعنوي!!؟) أو عند (السلالة الشريفة!!؟).
وبيت القصيد هنا الأرقام، فكثير من المرجفين الراجفين غيظا، الذين آلمهم، وآلم ضمائرهم (الغائبة)، بل وصعقهم هذا الفوز العريض لحزب العدالة والتنمية، الفوز الذي سحق كل ما بيّتوه من مكر ودسيسة وخسيسة، وأغدقوا على خفافيشهم من أجل إفشاله، وانتظروا ثمارهم فجاءت خيبة واندحارا. هؤلاء الذين انتظروا على أحرّ من الجمر انتكاسة (العدالة) ومعها (التنمية)، نعم فالمقصود في العداوة ليس الحزب فحسب بل التجربة التي تقضّ مضاجعهم لأنها تعرّيهم أمام شعوبهم (الثكلى).
نعم انتظروا الانتكاسة من خلال نتائج تكون أسوأ من نتائج حزيران/ يونيو ــ حسب مقاييسهم في الوكاسة والانتكاسة ــ تعيد لهم الأمل في إكمال ما بدؤوه من حرب على إرادة الأمة وخيارها في الحرية والكرامة والعدالة من خلال الانقلاب على ثورات الربيع العربي، هذه الثورات اليتيمة التي كان ما تبقى من ثوارها يرتجي الخير في العدالة والتنمية كعضيد، ومناصر، وآخر أمل لهم في عودة الروح، باعتباره آخر قلاع الصمود في وجه عصائب الردة والانتكاسة.
لذلك كانت أعناق شياطين الإنس في غرف عمليات (آل سلول) مشرئبة، وهي تتأبط شرا، جامعة فلول الفلول من كافة مواخير (مضاربنا) المنتقين - بعناية ورعاية (روح القدس) - من كل بستان شوكة، لكن خاب فأل هؤلاء، خاب وانتكس، لذلك خرج بعض هؤلاء الخائبين ليشكك بنزاهة الانتخابات وبنتائجها ولكنه أيضا خاب وانتكس لأن الخاسرين فيها من خصوم العدالة والتنمية لم ولن يجرؤوا على التشكيك فيها وفي نزاهتها، وعندما رأوا ذلك، ورأوا أن خيبتهم ستعظم من خلال هذا الطرح الأخرق عمدوا إلى التهوين والاستهزاء بأرقام النتائج فـ (49,5%) بالنسبة لهم ماذا تعني!!؟ وهم الذين اعتادوا على مهزلة الـ (99,99%)، كما اعتادوا على الإقبال الجماهيري الذي يساق بالعصا، ويستضاف ركلا وصفعا (بكل عفوية)، والذي حتما (سيعبّر) عن رأيه بكل حرية!! هذا الإقبال الذي تجاوز الـ (100%) في أماكن وأزمنة عدة، عندما شاركت شياطين الجن شياطين الإنس أحياؤهم وأمواتهم انتخابهم، ثم فرحتهم وعرسهم الديمقراطي جدا!! هذا العرس الذي تبدأ مراسيمه وفرحته بالنصر قبل أن تبدأ (الأيادي الأمينة والعيون الساهرة) على حماية المكتسبات القومية بفتح صناديق الاقتراع لعدّ الأصوات، وحساب النتائج، وتنهال آيات التبريك والتهنئة على الأمّة المغلوبة على أمرها، وعلى القيادة الحكيمة التي (حازت على ثقة الشعب) وذلك قبل البدء بإعلان النتائج.
وهكذا نجد أن عرّابي الرّدة قد طاش صوابهم، ولو لزموا الصمت لكان خيرا لهم، لكنهم قوم غلبتهم شقوتهم.
وعودة إلى الشاهد لنتساءل:
هل أنّ (49,5%) وهي النتيجة "المتواضعة" لحزب العدالة والتنمية في ظل انتخابات حرة ونزيهة وشفافة يشهد لها العدو قبل الصديق، والخاسر قبل الفائز، هل هي أكثر مصداقية ونفعا.
أم (99,99%) التي يحصل عليها القائد المناضل، الفذ، الملهم، الضرورة، أو نوابه، ومجالسه من المرتزقة، والنصابين!؟ وهي نسبة يبت في أمرها حتى قبل إجراء الانتخابات نفسها!!
أيهما أكثر مصداقية وجدية (87%) من المشاركة الحقيقية لشعب حر، لم يساق بالترهيب أو الترغيب إلى صناديق الاقتراع، أو يرشه أحد.
أم مشاركة حقيقية نسبتها لم تصل الـ (10%) لكنها ستصبح بعد تدخل السماء، ربما برجاء ودعاء (الحاجة) فيفي، والحاج جمعة (أبو ولاء) ستصبح أكثر من الـ (90%) والله يضاعف لمن يشاء!!؟؟
أيهما احتراما للعقل وآدمية الإنسان انتخابات فيها (16) حزبا عريقا قائما منذ عقود.
أم انتخابات فيها (كومة) من الأحزاب الكرتونية التي صنعت على عجل – بعد إقصاء الأحزاب الحقيقية - وعلى عين الاستبداد للزوم السيناريو وحبكة النص، وبراعة الإخراج لتتنافس فيما بينها على اللا تنافس في ظل مسرحية انتخابية!!؟؟
أما عن جهلاء الديمقراطية، والمحرّضين عليها، ومنكري الانتخابات ومنتقديها، أو محرّميها، لتبرير اختفائها من قواميسهم، فمثل هؤلاء لا عتب عليهم، والحديث عنهم مضيعة للوقت، مميعة للموضوع، لكنهم لو صمتوا! وعلى رأي المثل الشعبي، أو نصفه، والباقي فتشوا عنه (عورة و...).
وكل انتصار وأنتم بخير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس