أحمد تاشكاتيران – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
نعم، إن النقطة التي آلت إليها الأوضاع ما هي إلا نتيجة حتمية للعب روسيا في النار في سوريا. والحادثة الأخيرة طبقت المثل القائل "ما بعد الأربعاء إلا الخميس".
يتعارض الوجود الروسي في سوريا من كل جانب مع السياسة التركية.
لنمعن النظر طبيعة هذا التعارض!
بداية من الواضح جدا للجميع أن روسيا لم تأتِ لقتال داعش في سوريا، ولكنها استغلت فرصة تكوين ائتلاف لقتال داعش لتقوى وتثبت وجودها في سوريا ولهذا نراها تهاجم الأحزاب المعارضة للأسف أكثر بكثير من مهاجمة وقصف داعش. ونراها تتحرك مع قوات الأسد وتدعمها، فوجود الأسد وبقاؤه ضمان لوجودها في سوريا.
فنراها تتحدث دائما عن "الحرب على الإرهاب" دون التطرق للتفاصيل والأسماء، لأنه وبهذه الطريقة فقط تكون قد تحاشت التصادم وجها لوجه مع الدول الغربية التي تقاتل ضد داعش. لكن الدول الغربية على وعي بما يحصل كما كان قد أفاد باراك أوباما حين قال: "هي قصفت المعارضة أكثر من قصفها لداعش"، لكن الطريقة اللطيفة التي قال بها أوباما جملته أفسحت المجال أمام شخص مثل بوتين ليتظاهر بعد سماعها.
تركيا وبحكم كونها دولة حدودية لسوريا، فإن أي تطور على الصعيد السوري يهمها ويؤثر على الأمن فيها بشكل مباشر. فتركيا تمثل المحطة الأولى لكل لاجىء سوري يضطر للرحيل عن وطنه بسبب وقوف روسيا بظهر الأسد ودعمها له. فأكثر من 2.5 مليون لاجىء سوري في تركيا لم يأتوا إلا بسبب تهجير قوات الأسد - حزب الله - إيران وروسيا لهم. لكن المشكلة الأساسية ليست باستضافة هذا الكم من اللاجئين.
روسيا تقوم بأحد أكثر تدخلاتها إزعاجًا لأنقرة، فهي ومن باب إكرام الأسد تقوم بأمطار جبل التركمان (بايربوجاق) بالقذائف رغم علمها حساسية وأهمية هذا الموضوع عند تركيا. فليس من المعقول عدم معرفة روسيا انه لا تواجد لقوات داعش في جبل التركمان . وليس من المعقول كذلك عدم معرفتها أن سكان الجبل هم من التركمان وأن تركيا تنظر لهم ولوجودهم هناك بأهمية وحساسية كبيرة. وإلا فماذا كانت تصنع الطائرة القاذفة للصواريخ فوق منطقة التركمان إذا.
أضف لذلك ان قصف تلك المنطقة يستوجب انتهاك الحدود التركية الجوية، وهم – أي الروس- على علم تام بمدى حساسية تركيا لقضية انتهاك الحدود. فلماذا وبعد 10 تحذيرات خلال خمس دقائق استمروا في أختراق الحدود ! لا مبرر لهم.
صحيح أن العلاقات التركية – الروسية بغاية الاهمية، وأن تركيا لا ترغب بعداء ونزاع مع روسيا لكن الوضع يستوجب ان يرى الروس انزعاج تركيا وتحسسها مما يحصل.
هل مطلوب من تركيا ان تغض الطرف عن "حالة الحب" التي تجمع الروس مع حزب الاتحاد الديموقراطي؟ وهي التي بهذا الخصوص لم تغض الطرف عن الموقف الامريكي من قبل!
فتركيا وبهذا المبحث كانت قد سألت الامريكان قائلة "أنتم على علم تام بأن تركيا بحالة حرب مع حزب العمال الكردستاني، وعلى علم كذلك أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو ذاته حزب العمال الكردستاني، ما دام كذلك ورغم الأهمية التي تعطيها تركيا لهذا الموضوع لماذا ترسلون أطنان الذخيرة لهذا الحزب".
هذا السؤال تلاه مباشرة سؤال آخر ألا وهو "هذا الأمر، كيف سيعزز آفاق الصداقة ويقوي التعاون؟".
نفس الأسئلة نجد نفسنا مضطرين لتوجيهها لروسيا بحكم الموقف.
العلاقات الروسية في وضع متوتر. أظهر بوتين ردة فعل تحمل في طياتها تهديدًا ووعيدًا عندما قال: "لقد طُعِنا من الخلف، ولا بد من جزاء لما حصل".
لكننا نشاهد ردة فعل مختلفة ونسمعهم يقولون: "سقطت ورقتنا، انتهى أمرنا، يا ساتر، يا للندم، هل سنقوى على غضب بوتين، ماذا سيحصل لو قطع الروس الغاز...".
اما أنا فاقول، أنتم تبالغون، ليس بهذا القدر. فالعلاقات ذات طبيعة اعتمادية بمعنى كيف تكونوا نكن نحن، حتى أن الكرملين صرح بأنه "لن يتم إبطال الرحلات الجوية ولن يتم إيقاف تصدير الغاز ولا نفكر برد عسكري كذلك".
تركيا بموقف لإظهار إصرارها وإثبات التزامها بخصوص الشان السوري. وفي الحادثة الأخيرة وأكثر من أهمية سقوط الطائرة، تكون تركيا قد عبرت وأظهرت أهمية تركمان جبل بايربوجاق وحساسيتها تجاههم.
أقول إن مثل هذه الحساسية موجودة بخصوص موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي، ويجب على "الأصدقاء، والحلفاء" الأمريكان أن يدركوا الأمر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس