جلال سلمي - خاص ترك برس
"أنا شرطي، رتبتي ملازم أول، مكان عملي في المدينة، أبلغ من العمر 26 عامًا، أبحث عن زوجة جميلة ما بين 24 إلى 25 عام".
الزواج هو هدف أي شاب أو شابة بعد بلوغ السن المناسب له، وما تنقله المواثيق التاريخية أنه، منذ زمن قديم وإلى يومنا الحالي، لم تقتصر عملية الزواج على تعارف الطرفين وقبولهما الزواج من خلال طلب أهل العريس العروس من أهلها فقط، بل كانت هناك بعض الأساليب الأخرى التي يتعرف من خلالها الطرفان على بعضهما البعض قبل طلب الأهل الرسمي.
من هذه الأساليب التي ازدادت شيوعًا بعد التقدم التكنولوجي الذي طال جميع مجالات الحياة، الإعلان في الجرائد، هذا الأسلوب مع التطور التكنولوجي صار طي النسيان في يومنا الحالي، الإعلان من خلال جمعيات مُختصة بالزواج، التعارف من خلال برامج الزواج التلفازية، التعارف من خلال برامج التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية، التعارف من خلال المنتديات الخاصة بذلك الخصوص، وغيرها الكثير من الأساليب التي أصبحت وسيلة للتعارف الاستباقي بين الطرفين ومن ثم الاتجاه نحو الزواج في حين تم التوافق.
يُعد الإعلان في الجرائد من أكثر الأساليب الشائعة في العهد السابق، ولم تستطع الجرائد العثمانية الإفلات من هذه الظاهرة، بل دخلت في عبائتها وتناولت العديد من الإعلانات الخاصة بظاهرة الزاوج الظاهرة الاجتماعية الأساسية لبناء لبنة الأسرة في المجتمع.
وتذكر المواثيق والأراشيف التاريخية بأن هذه الظاهرة استطارت داخل المجتمع العثماني في عام 1908، وكان الراغب بالزواج يضع صورته ورسالته الخاصة في الصفحة الخاصة التي تم تخصيصها خصيصًا لهذا الموضوع، وكان يقوم واضع الإعلان بتحديد الأوقات التي يمكن له زيارة مقر الجريدة به، لكي يتسنى للطرف الأخر الذي يرغب بالتعارف، القدوم في الوقت المُعلن.
وحسب الأراشيف الخاصة بالجرائد العثمانية جاءات إعلانات الزواج في ذلك الوقت بالشكل التالي:
ـ "أنا شرطي، رتبتي ملازم أول، مكان عملي في المدينة، أبلغ من العمر 26 عام، أبحث عن زوجة جميلة ما بين 24 إلى 25 عام".
ـ "أنا شاب وسيم، طبعي ناعم، اشتكي من عدم إيجادي زوجة إلى اليوم، لا أدخن ولا أشرب الشراب إطلاقًا، أجيد إدارة نفسي وإدارة بيتي، أبحث عن فتاة حسناء ترعاني وأموري، أستطيع القدوم إلى مقر الجريدة بعد عصر الجمعة".
ـ "أنا جميلة أبلغ من العمر 22 عامًا، مُتخرجة من ثانوية البنات بدرجة عالية، برعة في تربية الأبناء تربية جيدة، لي القدرة العالية على الاهتمام بالبيت وإدارته، أحب الهدوء والبساطة، أبحث عن رفيق حياة".
ـ "اسمي جلال، شاب وسيم ومُقتدر، إذا كان هناك مُعجبة بصورتي أرجو وضع عنوان بيتها في مقر الجريدة".
ـ "عمري عشرين عام، راتبي 700 قروش، أسكن مع أمي في بيت واحد، أرغب الزواج من بنت أصيلة وجميلة ومُلتزمة بدينها وعفتها، ما بين 17 إلى 19 عام، تعمل ولديها راتب مثل راتبي، إذا كان هناك سيدة تزخر بهذه الصفات أرجو منها وضع العنوان في مقر الجريدة".
ـ "أنثى أبلغ من العمر ثلاثين عامًا، لم أتزوج أبدًا، أقبل برجل غني أو فقير".
ـ "بما أني شاب وسيم وابن عائلة أصيلة وغنية، أبحث عن فتاة جميلة وأصيلة وغنية، دخلي وفير وبيتي واسع".
ـ "لا ينقص علي شيء كل ما أحتاجه هو فتاة عفيفة ترافقني دربي".
ـ "أبحث عن فتاة مُثقفة تُجيد القرأة والكتابة، عنواني موجود في مقر الجريدة".
ـ "لا اشرب الكحول، لا أعرف ماهي القهوة، لا أحب المُدلالات".
ـ "أعيش حياتي ولكن سعادتي ناقصة، أسعى لإكمالها من خلال الزواج من فتاة مثقفة ترعى بيتها وزوجها".
وغيرها الكثير من الإعلانات التي كانت تُملئ الصفحة المُخصصة لها في الجرائد والمجلات، وتناقلت الأجيال التركية هذه العادة واستمر أسلوب الإعلانات المُعتمد على الإعلان في الجرائد إلى عام 1989، حيث في هذا العام تم افتتاح أكثر من قناة تركية خاصة ومنفصلة عن الدولة، تولى بعض هذه القنوات مهمة المحافظة على إعلانات الزواج ولكن بأسلوب مختلف، إذ تم تخصيص برامج تلفازية مباشرة خاصة لذلك.
ولا زالت هذه البرامج مُستمرة وشائعة إلى يومنا الحالي، ويُلاحظ بأن هذه البرامج تتمتع باهتمام ملحوظ وينضم إليها عدد كبير من المشتركين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!