جلال سلمي - خاص ترك برس
بدأت الثورة السورية، في أيار/ مايو 2011، ضمن إطار بسيط يضم الشعب الثائر والنظام المستبد، ولكن مع مرور الوقت تعقدت أطر وأسس هذه الثورة وأصبحت سوريا ميدان منافسة للعديد من الأطراف الدولية.
لم يكن يتوقع الشعب السوري إطلاقًا بأن أرضه خصبة جدًا من ناحية السياسة الدولية، لدرجة أنها تحولت في نهاية المطاف إلى أرض مبارزة ومنافسة دولية التقت عليها جميع العناصر الدولية بلا استثناء.
وفي هذا الشأن يرى الباحث التركي برهان الدين دوران، المنسق العام لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، في مقال سياسي له بعنوان "من الذي فتح الباب أم التوغل الروسي؟" نُشر في جريدة صباح، أنه "كان يمكن للدول الإقليمية احتواء الثورة السورية بشكل يسير جدًا وهي في أهبة صعودها الأولي، ولكن مماطلة هذه الدول وبطئها كان وبالًا خطيرًا على المنطقة ومصالحها المشتركة".
ويتابع دوران مبينًا أن "هذه الدول المماطلة لا حرج في ذكرها، فهي تعرف نفسها جيدًا، هذه الدول هي المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، وكانتقاد ذاتي تُعد تركيا أكثر الدول بطءًا في الحركة وأكثر الدول تضررًا من ازدياد النفوذ الروسي الذي نتج عن مماطلة وبطء هذه الدول".
ويُضيف دوران أنه "إلى جانب بطء الدول الإقليمية الرئيسية، فإن عدم اتضاح موقف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وترددهما المريب فتحا الفرصة على أوسع أبوابها لروسيا ونفوذها للتوغل والتوسع في سوريا".
ومن جانبه، يشير الباحث السياسي طه أوزهان، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، في دراسته الأكاديمية "الجوسياسية الروسية والإيرانية في سوريا"، إلى أن "الفراغ الجوسياسي الذي خلفته الولايات المتحدة والدول المتحالفة تحت ظلها بعد تأخرها في الدخل لدعم الثورة السورية وبعد عدم إحراز نتائج إيجابية على الرغم من مرور أكثر من عام على بدء حربها ضد داعش أفسح الأبواب على مصرعيها لروسيا وتدخلها "السافر" في القضية السورية دون أي رادع".
ويتابع أوزهان مبينًا أن "فتح الأبواب على مصراعيها لروسيا، في سوريا، عاد بالكثير من النتائج الوخيمة على الدول الإقليمية بشكل عام وتركيا بشكل خاص، حيث اعتقدت تركيا أنها بانضمامها للتحالف وبتأسيس علاقات متينة مع قطر والمملكة العربية السعودية ضمنت إقامة المنطقة الأمنة في الشمال السوري، ولكن ليس كل ما نتوقعه يتحول إلى واقع، أو يمكن أن نُحول ما نتوقعه إلى واقع في حين قمنا بالإسراع في اتخاذ الخطوات التطبيقية التي تعمل على تحويل التوقع الواقع، ولكن إذا كان هناك بطء في التطبيق فإن النتائج العكسية ستكون من حظنا لا محالة".
وفي سياق متصل؛ يؤكد الكاتب السياسي في جريدة يني شفق أرغون يلدريم، من خلال مقال سياسي بعنوان "تركيا قالت لروسيا كفى!"، بأن "التأخر في تطبيق سياسات قوية تخدم مصلحة الشعب السوري والدول الإقليمية الداعمة لثورته العادلة عاد بالضرر الكبير على هذه الدول وخاصة تركيا التي تعاني من أزمة اللاجئين المستمرة، كما تعاني من عدم الاستقرار الأمني على حدودها المتاخمة لسوريا والممتدة لأكثر من 950 كم".
ويردف يلديريم حديثه بالقول "كما أن هذا التأخر يفاقم يومًا بعد يوم من حجم التراجع الاقتصادي الذي أصاب تركيا عقب انطلاق الثورة السورية وما نتج عنها من تمدد وصل به الحال إلى ميلاد داعش التي سببت بشكل كبير تراجع الأمن والاستقرار على الحدود التركية السورية".
ويفيد يلديريم أيضًا بأن "كل ما خططت له تركيا فيما يخص القضية السورية وخط مسارها، سيذهب أدراج الرياح إن لم يشاركه تحرك ميداني جدي وحازم، ويتابع يلدريم بالقول: إن "إسقاط تركيا للطائرة الروسية يعد تحركًا "شجاعًا" تستحق تركيا عليه التحية، ولكن يُرجى من هذا التحرك الاستمرار والتنوع، لكي يتم زجر التوغل الروسي، وإن لم يتم ذلك فإن مآلات التأخر والتباطؤ في حل القضية السورية ستتفاقم وستكون له عواقب أكبر وأخطر على المصالح المشتركة لكافة المنطقة وليس تركيا فقط".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!