ترك برس
ظهرت في عهد الدولة العثمانية بجانب "فريق الانكشارية" و"السباهي" طبقة عسكرية جديدة مكونة من الشباب تحت اسم "المجانين"، وقد أطلق عليهم الشعب العثماني بهذا الاسم ليس لأنهم ليسوا ذوي عقل سليم وإنما لارتدائهم ملابس غريبة وإظهارهم شجاعة نادرة في ساحة المعركة جعلتهم يستحقون هذا الطلب. ويعبر الشباب في الأصل عن أنفسهم بلفظ "دليل" في المعارك، لكنهم على الرغم من ذلك يعرفون باسم "المجانين".
كانت تتكون هذه الفرقة من شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عاما، وكانت أهم وظيفة للمجانين هي المشي أمام الجيش العثماني، وهدم الروح المعنوية للعدو في الحرب وجعلهم أسرى بأيديهم.
يقول الرحالة التركي "أوليا جلبي" في كتابه الشهيرة "سياهاتنامة" عن هؤلاء الشباب: "ملابسهم كانت مصنوعة من فرو الأسد والنمر والضبع والدب، كما أنهم كانوا يضعون على ظهورهم وآباطهم أجنحة النسر". إلى جانب ذلك يذكر المؤرخون الأوروبيون أن أجسام شباب هذه الفرقة قوية وشعورهم طويلة.
لم يكن الدخول في هذه الفرقة أمرًا سهلًا. فعلى الشباب الراغبين بالدخول إليها أن يكونوا ذوي شخصية قوية ومخيفة، وعليهم أن لا يخافوا من الموت والحرب، ويجب أن يثبتوا شجاعتهم أمام الكبار بقتل ثمانية أو عشرين مقاتلًا من جيش العدو في الحرب. وإذا نجحوا بإثبات أنفسهم في ساحة المعركة ينظمون مراسم رسمية لأجل مشاركتهم في هذه الفرقة.
كان يختار المقاتلون في هذه الفرقة في الغالب من الأتراك والبوسنيين والصرب. وكانوا يحملون المشمل والدرع والرمح، وراية كتب عليها "الكل يعيش ما في قدره". ولكي يتمكن المجانين من القتال دون استخدام سلاح ويدافعوا عن أنفسهم اخترعوا الصفعة العثمانية الشهيرة، هذه الصفعة تؤدي إلى الموت المباشر، ويتم التدريب عليها لزيادة قوة راحة اليد.
دخلت فرقة المجانين في القرن السادس تحت إدارة "رومالي بيلربي" ووالي البوسنة ووالي سماندرة. ومنذ نهاية القرن السابع عشر دخلت الفرقة تحت إدارة "أناضولو بيلربيي". وفي القرن الثامن عشر بسبب عزل المسؤولين برتبة بيلربيي من منصبهم من قبل السلطة فقدو الشباب أعمالهم، وقاموا بعد ذلك بهجمات على عدد من القرى في الأناضول، ونتيجة ذلك، أغلقت هذه الفرقة من قبل السلطان محمود الثاني بعام 1829.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!