عزام سعد - خاص ترك برس
منذ الأزل لم يصل العراق من تركيا إلا نهري دجلة والفرات حاملين الخير والحب والعطاء… هذه هي الحقيقة والعراقيين يدركون ذلك.
فلماذا التصعيد ضد تركيا ومن وراءه ...
كان دخول المدربين الأتراك إلى العراق لتدريب أفراد الجيش والشرطة بطلب من بغداد منذ عام 2014 كما أن عمر الوجود التركي في دهوك شمال العراق ما يقارب 20 عاما فما الذي استجد وما الذي جعل بغداد تصعد خلال الأيام الأخيرة.
من الواضح أن هناك طرف ثالث يدفع نحو تأزيم العلاقات بين بغداد وانقره لأنه يرى أن العراق منطقة نفوذ خالصة له لا تحتمل المنافسة من أحد. إنه الطرف الذي حول العراق إلى دولة للمليشيات الطائفية .
الطرف الذي أوعز الى مندوبه السامي في العراق بتسليم تنظيم داعش المحافظات السنية التي انتفضت ولم تقبل الوصاية وحكم المليشيات وأوشكت على انتزاع حقوقها؛ وبين عشية وضحاها تم تسليمها لتنظيم داعش.
الذي جعل من المحافظات العراقية السنية جحيما عبر الاستهداف الطائفي ونفذ مخطط التهجير الطائفي وجعل السنة مشردين يتنقلون بين مخيمات اللجوء ليسهل عليه تغيير ديمغرافية العراق ومن ثم التهامها.
في الوقت الذي يطالبون فيه تركيا بسحب بضعة عشرات من الجنود قدموا لغرض التدريب نجدهم يغضون الطرف عن مئات الآلاف من الإيرانيين الشيعة الذين دخلوا العراق مؤخرا لتنفيذ مخطط التغيير الديمغرافي في العراق عبر توطينهم في المحافظات السنية، وقد كشفت التقارير الصحفية أنه سيتم توطينهم في محافظة ديالى مسقط رأس رئيس مجلس النواب العراقي المحسوب على المكون السني الذي أستفزه وجود عشرات المدربين الاتراك في أطراف الموصل ونسي مئات الآلاف من الإيرانيين الذين استوطنوا محافظته وشردوا ناخبيه.
هناك من يريد فصل تركيا عن عمقها الاسلامي بصنع هذه الحواجز أمامها لعزلها عن العالم العربي ومنع أي تحالف تركي خليجي - الذي كثر الحديث عنه مؤخرا- لأنه لو كتب لهذا التحالف النجاح سيحدث تغييرات جوهرية في المنطقة وسيحمي بلدان المنطقة من التدخلات الخارجية وسيفرض متغيرات على الساحة الإقليمية بدء من المساعدة في تحرير سوريا وإعادة الاعتبار للمكون السني في العراق وإحباط الحلم الصفوي الذي يسعى لتكوين إمبراطوريته الفارسية وتنفيذ استراتيجية التمدد غربا على الأرض العربية وقضمها دولة تلو الأخرى.
باعتقادي أن هذه هي الأسباب الذي تفسر سر التحركات الأخيرة لحكومة بغداد لاصطناع أزمة الوجود التركي قرب الموصل. ويظل المشهد العراقي معقدا كالعادة متغيرا مليء بالمفاجئات؛ لكن الثابت في المعادلة أن تركيا والدول العربية يدفعون اليوم ثمن بقاءهم بعيدين عن العراق منذ الاحتلال الأمريكي لهذا البلد ومن ثم تسليمه لإيران.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس