سامي كوهين - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن الرسالة القادمة من إسرائيل أكثر تفاؤلًا؛ فقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بخصوص إعادة تطبيع العلاقات مع تركيا مرة أخرى...

في حين تبدو أنقرة أكثر احتراسًا في هذا الصدد؛ فقد صرحت بأن هناك تقدمًا في المفاوضات الأخيرة التي أجريت في زيوريخ وأنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق نهائي إلا أن المباحثات ما زالت مستمرة...

والواضح أن كلا الطرفين بصدد الوصول قريبًا إلى إتفاق مشترك، إلا أن هناك بعض العراقيل التي يجب إزالتها لتوفير الأرضية اللازمة لوثيقة تفاهم كاملة بين الطرفين.

يمكننا القول إن من الواضح بشدة في هذة المرة وجود مؤشر قوي علي إمكانية إزالة هذه العراقيل ونية كلتا الحكوميتبن الاجماع علي صيغة اتفاق مشتركة بينهما.

 وبصيغة أخرى فإنه يمكن القول؛ إن هناك الآن رغبة وإرادة سياسية قوية في كلتا العاصمتين من أجل إعادة تصحيح مسار العلاقات الذي اهتز بشدة بعد وقوع حادثة سفينة "مرمرة الزرقاء" قبل خمسة أعوام.

الضرورة الاستراتيجية الملحة للتوصل إلى هذا الاتفاق

وباختصار فإنه يمكننا أن نعول سبب هذة المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق مشترك بين الطرفين على الضرورة الاستراتيجية التي أوجدها المشهد الراهن في المنطقة.

هناك العديد من التطورات التي فرضت هذة الضرورة الملحة لعل آخرها هو التدخل العسكري الروسي في سوريا وتكوين جبهه مضادة لتركيا التي أصبح لها دور مؤثر وقادر علي تغيير موازيين القوة في المنطقة بأكملها. ومن ثم فقد استشعرت أنقرة في ظل هذة التغيرات وجود  ضرورة ملحة تعمل على استحداث معايير جديدة في سياستها وتوجهاتها الإقليمية.

وإلى جانب ذلك فإن الإهتزازت العنيفة في الأزمة السورية والتهديد الذي تشكلة جماعة داعش الإرهابية وزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة وأيضا الغموض الذي يسيطر علي المشهد العام بالعراق؛ قد تسبب في إعادة تركيا النظر في سياساتها الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط. وهو أيضًا الذي فرض علي أنقرة هذة الضرورة الاستراتيجية المتمثلة في إعادة مسار علاقاتها مع إسرائيل إلى وضعه الطبيعي مرة أخرى.

وفي هذا الصدد أيضًا فإن إظهار إسرائيل لتركيا على أنها شريك محتمل من أجل تصدير الغاز الطبيعي الذي تنتجه لها يشكل عاملًا مهمًا في ظل سعي تركيا لإيجاد مصادر بديلة في مجال الطاقة.

الحاجة الماسة إلى وجود حوار مشترك

ولعل من المعروف توقف كافة المباحثات وكذا أيضًا التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل في الخمس سنوات الأخيرة التي شهدت قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.

وقد كان من الواضح انعدام أية فوائد لتوقف الحوار المشترك بين الدولتين، بل إن هذا التوقف قد أدى إلى ضعف دور الدبلوماسية التركية في لعب دور مؤثر وفعال في المسائل الخاصة بالمنطقة بما فيها المسألة الفلسطينية.

ومن ثم فإن إعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع إسرائيل وتأسيس تعاون مشترك معها في كافة المجالات بما فيها المجال الاستخبارتي وذلك مثلما كانت عليه الشاكلة في الماضي؛ سيؤدي إلى تقوية شوكة تركيا في المنطقة وخاصة في ظل هذة المشاكل والصراعات التي تشهدها المنطقة  إلى الآن.

وفي هذا الصدد فإن تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي في أحد خطاباته بأن "التقارب فيما بين تركيا وإسرائيل سينعكس بالفائدة علي المنطقة أكملها بالقدر الذي ينعكس به على كلتا الدولتين" يعد إشارة قوية للإرادة السياسية التي تعتزمها أنقرة في هذا الخصوص.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت