سعادت أوروتش - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
"لو أن" أيلان" كبر لأصبح رجلا يتحرش بالنساء"، هذا ما أشارت إليه صحيفة شارلي إيبدو في رسم كاريكاتوري لها، حيث أظهرت الطفل السوري الذي مات غريقا ووجد جسده على شواطئ مدينة بودروم الساحلية، ومن ثم أصبح رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين "على أنه لو بقي على قيد الحياة و وصل الى أوروبا سيقوم بالتحرش بالنساء". هذا تشبيه في غاية الفاشية والبعد عن الإنسانية، حيث ترسم مجلة شارلي إيبدو الفرنسية مستقبل ذلك الطفل الذي مات غرقا على أنه سيكون حين يكبر متحرشا في النساء. في الواقع إن لسان حال مجلة شارلي إيبدو يقول: "إن موت الطفل إيلان كان شيئا جيدا، وبهذا تخلصت أوروبا من شخص لو بقي على قيد الحياة كان سيتحرش بالنساء في أوروبا".
نعم نحن نتحدث عن أوروبا التي تفرض القوانين الصارمة على مواطنيها من أجل الحد من جرائم التحرش، وكان أخر تلك القوانين قوانين التحرش بالأطفال. هنا أود الإشارة إلى أن رئيس صندوق النقد الدولي السابق دومينيك ستراوس كو انسحب من التنافس في الانتخابات الرئاسية بفرنسا في 2012 بسبب فضيحة تحرشة بأحد العاملات في أحد الفنادق. والأمثلة على ذلك كثيرة، فأوروبا التي وضعت قوانين للحد من التحرش بالنساء والأطفال والوضع الأخلاقي المريب الذي وصلت إليه المجتمعات الأوروبية يوضع جانبا ويتم لفت النظر إلى طفل مات غريقا يمكن أن يتحرش بالنساء لو أنه كبر، ومع هذا كله تقول مجلة شارلي إبيدو إن من الجيد أن الطفل أيلان مات. لأن هدف المجلة التضييق على اللاجئين، فبنظرها أفضل أنواع اللاجئين هو اللاجئ الميت. وفي الحقيقة هنا لا أدري كيف أختار الكلمات أمام ما نراه
فصحيفة شارلي إيبدو لم تكتفِ بالإساءة إلى الرسول الكريم، بل إنها تعمل كمصنع لتوزيع الكراهية، فهي لا تستطيع الشعور بالمشاعر الإنسانية التي فقدتها أمام ما تصوره من شماته في موت طفل بريء.
تحت شعار حرية الفكر تقوم صحيفة فرنسية أخرى بنشر الكراهية عبر نشرها رسومات جديدة تشكل في نظري عملا ممنهجا لنشر العنصرية والكراهية في المجتمع الأوروبي.
هنا تقوم صحيفة لوموند وصحيفة بلانتو الفرنسيتان بإظهار النساء المحجبات وهُنّ يَقُمن بنسج الملابس الإسلامية ويضعون معها أحزمة ناسفة. وبهذا تقوم تلك الصحف برسم صور تربط الإرهاب بالنساء المحجبات والرموز الإسلامية. هنا لا يوجد فرق بين ما نشرته شارلي إيبدو من رسوم وبين ما نشرته كل من لوموند وبلانتو فالكل يشترك في جرائم نشر الكراهية والعنصرية.
هل ستكتفي هذه الصحف الفرنسية عند هذا الحد من نشر الكراهية؟ أم هل ستتبعها صحف أوروبية أخرى؟ في الواقع إن الفاشية الأوروبية في نشر الرسوم المسيئة للمقدسات والتي تحرض على الكراهية والعنصرية تزداد يوما بعد يوم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس