حسن بولنت قهرمان – جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
أعشق قلب المعادلات والنظر إلى الأمور من المنظور المخالف لأن في هذا "القلب" يكمن سر الحياة. إذا تفضلتم بقبول اقتراحاتي فحتما ستجدون في ادعاءاتي الخارجة عن المألوف التي سأسوقها لكم شيئًا من الحقيقة وستتفهمونها وتتقبلونها كذل .
أطرح لكم أعزائي ثلاثة أمور.
أولها: الولايات المتحدة تسعى لإقامة دولة كردية في الشرق الأوسط لكنها لا تعرف أكثر من ذلك فجعبتها تخلو من أي خطط أو استراتيجيات.
ثانيها: بسبب هذا النقص وهذه المحدودية تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق المكاسب يوما بيوم، ولهذا السبب تستغل الروس، وعلى الرغم من أن هذه النقطة مثيرة للعجب والدهشة إلا أنني أصر عليها، فروسيا حين تظن أنها تحقق شيئًا على الساحة السورية هي في الحقيقة تُستخدم من قبل الأمريكان. هذا "الاستخدام" يحقق لها مكاسب بكل تأكيد، لكن من سيبقى منا على قيد هذه الحياة ويشهد انحلال الأزمة وانتهاء طاولات المفاوضات سيرى من هو الفائز الحقيقي ومن الذي سيحقق أكبر الغنائم.
ثالثهما: إن حزب الاتحاد الديمقراطي هو أكثر الأطراف "استغلالا" في هذه الخطط الدموية وهذه المعادلة واللعبة الصعبة، لكن وبكل أسف الأكراد لا يلحظون ذلك، فهم يظنون أن قرابين الشباب الأكراد المقدمة على مذابح الجبال في سوريا وكل هذا الدم المسفوك سيحمل لهم المكاسب. في النهاية في هذه المعادلة السورية لا يمكن تخمين دور الأطراف كلها كما لا يمكن كذلك لأي من هذه الأطراف الحفاظ على موقفه وموقعه من المعادلة، وإنما هناك معادلة سورية "تزداد تشابكا مع كل اقتراب للحل".
***
ولأُضِف نقطة رابعة إلى ثلاثية المعادلة العكسية التي كتبتها في الأعلى وليكن ذلك بكلمات واضحة: من الآن فصاعدا سيكون حزب العمال الكردستاني مشكلة الأكراد الجديدة.
أتفهم أن موضوع حزب العمال الكردستاني هو أحد المواضيع الشائكة وأن هذه المعادلة التي حاولت أن أرسمها مثيرة للدهشة لكن من الجيد أن أصر عليها. بداية، محادثات الحل التي يرغب الجميع في عودتها وبدئها من جديد بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، لن تبدأ من النقطة التي توقفت عندها، بالطبع قد تبدأ من نقطة أكثر تأخرا أو تقفز عن بعض العقد لتبدأ من نقطة أكثر تقدما. ثانيا: بعد الأحداث التي عايشناها مؤخرا وبعد تضارب المصالح داخل ثلاثية حزب الشعوب الديمقراطي/ جبل قنديل/ أتباع أوجلان، لم تعد ورقة حزب العمال الكردستاني ناصعة البياض عند الأكراد وتشوّه نقاء الحزب وطُهره في نظرهم، هذه الرؤية الجديدة ليست نتاج سياسة غسل الأدمغة وإنما نتيجة جرح سوسيولجي اجتماعي عميق. سأوضحه لكم...
***
أولا: شهد حزب العمال الكردستاني تغيرات جدية حولته إلى حزب بيروقراطي بدرجة عالية مما حدا بالأكراد إلى النظر إليه بعيون مختلفة. ثانيا: السياسة التركية المنفتحة على العالم أبطلت ادعاءات حزب العمال الكردستاني بتجمّد الموقف السياسي الداخلي في تركيا، كما دحض هذا الانفتاح السياسي العالمي لتركيا وتبنيها مواقف سياسة فعالة ولعبها أدوارًا مهمة في العالم السياسي ادعاءات الحزب . ثالثا: إن علاقة الحزب مع المواطنين الاأكراد هي بالأصل علاقة مع جنوب غربي الأناضول بشكل عام بما فيه من خليط إثني وعرقي. أخيرًا: المواطنون الأكراد من سكان المدن الكبرى لا يمكنهم إنشاء روابط مع حزب العمال الكردستاني بكل سهولة. أضف لذلك أن التغيرات في البنية الاجتماعية - الاقتصادية في جنوب غربي الأناضول وظهور البرجوازية وتناميها هناك ستكون كافية لانقطاع حلقات التواصل مع الحزب المتشدد ذو الايديولوجية الاشتراكية العسكرية.
هذه النقاط الأربعة التي ذكرناها في هذا الإطار تظهر لنا أمرًا مختلفًا: كما كنت قد كتبت سابقا أن المسألة الكردية أصبحت قضية عالمية وقضية مناطقية وهذا يظهر لنا أن القضية تجاوزت حزب العمال الكردستاني بأميال كثيرة. رغم كل هذه التغيرات والتطورات فإن اعتبار القضية الكردية قضية حزب العمال الكردستاني وأن كل الأمور تدور حول مركزية حزب العمال الكردستاني ما هو إلا دفن للرؤوس في الرمال. فمن الآن وصاعدا لو حاولت تركيا التخلي عن موقفها وأقبلت على التفاهم مع حزب العمال الكردستاني سيكون الأكراد هم أول المحتجين والمعترضين على هذا الأمر.
فالآن ينبغي على حزب العمال الكردستاني أن يعمل لإرضاء وكسب الأكراد من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس