د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

مع كل يوم يمر على الثورة الشامية العظيمة نكتشف طبقات جيولوجية نفاقية جديدة في التفكير والممارسة الغربية والشرقية تتقازم أمامها كل أفكار ميكافيلي وكتابه الأمير الذي غدا مسكيناً ولا يصلح حتى طالباً أمام فراعنة اليوم، ومع كل ساعة نتأكد أن كل شعاراتهم دجل وكذب لم تكن إلا لتخدير شعوب مغلوب على أمرها، اليوم يراقب العالم كله التغريبة الحلبية أو تسونامي العصر الذي يُرغم عشرات الآلاف وربما يصبح مئات الآلاف على الاقتلاع من بيوتهم وأرضهم تحت قصف الطيران الروسي المجرم وبحضور مليشياوي أفغاني وباكستاني ولبناني وعراقي وإيراني ووو، وبتشجيع غربي وعالمي قل نظيره ...

أن تتحول حلب إلى جزيرة منفصلة ومنعزلة عن باقي سورية، ومحاصرة لتنضم إلى شقيقاتها المحاصرة الأخرى  من الزبداني ومضايا والمعضمية والغوطة والنبك والوعر وغيرها فهذا لا يعني شيئاً للعالم المجرم المتآمر على كل شامي، وأن يأتي الأفغاني والباكستاني والعراقي واللبناني الشيعي لقتل الشام وأهلها فهذا ممدوح في عرف العالم المجرم، لكن المذموم والمرفوض والقابل لتُجيش له الجيوش وتُجرد له الحملات بضع شباب انتفضوا لنصرة الشام بعد أن تخلى العالم كله عنها وسعى إلى إبادتها، وهنا لا بد من اتخاذ قرارات في مجلس الأمن تطبق مباشرة ودون أي تفسير لها، بينما قرارات أممية 2254 الذي وقعت عليه روسيا وينص على وقف القصف والحصار عن مناطق السنة فطرقه غير سالكة..

المضحك أن نرى تصريحات سياسية غربية تطالب تركيا بفتح حدودها أمام الآلاف من النازحين عن حلب، ويخرج مسؤولون غربيون يتعهدون بأموال ومنح لتركيا من أجل استقبال النازحين، ويعكس هذا الإعلام الغربي وكأن المشكلة في تركيا المتمهلة في فتح حدودها خشية أن يندس بين هؤلاء النازحين إرهابيين قتلة من الطائفيين لتنفيذ عمليات إرهابية في تركيا، بينما في الجانب الآخر يتعامى الغرب سياسيون وإعلاميون عن تسونامي روسيا الذي يهدد البشر والحجر ويقتلع أهل الشام الأصليين لإحلال الطائفيين المجرمين القادمين من أدغال وجحور أفكارهم الظلامية المجرمة ..

هذا النفاق الغربي لم يعد ينطلي على أحد ولم يعودوا  يضحكون على أحد بعد أن تم تعريتهم تماماً في ظل الثورة الشامية العظيمة، وعلى الرغم من خروج الآلاف من مواطنيهم متظاهرين ضد تدفق اللاجئين والنازحين السوريين إلى أوربا لا نجد ساسة الغرب  يتحركون لمعالجة جذر المشكلة وهو العدوان الاحتلال الروسيين وذلك بالضغط على المجرم بوتين لوقف قصفه الذي يرغم الشاميين على الهجرة والنزوح ، بل على العكس يمارسون هواياتهم المفضلة في الضغط على أصدقاء السوريين بمنع تقديم أي سلاح نوي يوقف هذه الإبادة التسونامية البوتينية ..

الظاهر والجلي أن الغرب والشرق قرر استنساخ التجربة العراقية تماماً في الشام، من حيث القضاء على الجماعات الجهادية والثورية المعتدلة ولكن المنفذ الحقير هذه المرة روسيا المجرمة نظراً لدناءتها وحقارتها في القدرة على تنفيذ هذه المهمات القذرة منذ تدخلها في جورجيا والشيشان وأوكرانيا وغيرها، واليوم في الشام، ليتبع بنظرهم القضاء على المعارضة السياسية التي لا تزال تظن أنها في مأمن من مكرهم وإبادتهم، وحينها يستفردون بالشام، أرضاً لا شعباً، لكنه وهم وسراب دونه خرط القتاد.

على الشاميين أن يستوعبوا الدرس العراقي فحين تم إقصاء كل معارض للعصابة الطائفين في بغداد  حتى شركاء العملية السياسية ولهم في نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي المقيم في الخارج و  المتهم بقضايا فساد ووو أسوة وقدوة في تنفيذ استراتيجية أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ...

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس