طه أوزهان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
لم نعد نرى أي غرابة في فشل وعرقلة مؤتمر جنيف بعد كل ما خبرناه خلال الأعوام الماضية التي حملت الطابع السلبي على مثل هذه الأحداث غير اللائقة بالسياسة، فلم يكن هم أي من الأطراف الفعّالة والمؤثرة في المعادلة الأممية متعلقًا بإيقاف الأزمة الإنسانية؛ ليزيد ذلك من عمق مأساتها وتراجيديتها. ومع تحول الصراع السوري لمعركة دموية سعت أطراف الأزمة من إيران وروسيا وداعش بشكل مباشر وأمريكا بشكل غير مباشر إلى جعل مناطقهم مناطق آمنة دون المناطق التي يتواجد فيها الثقل المدني ومجموعات المعارضة، فقُسِّمت المناطق إلى مناطق آمنة تُسخّر للنظام ومناطق غير آمنة يُستهدف فيها المواطنون المدنيون صباح مساء.
مع تسارع الأحداث وتقادمها ضاع عنوان القضية الإنساني والسياسي وتحول إلى صراع جيوسياسي يتنافس فيه الأطراف على حصة الأسد في الأضحية السورية، فبينما تسعى كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لرسم خارطة شرق أوسط جديد يخدم مصالحهما، يقوم تحالف تركيا والسعودية بخوض معركته التي يؤمن بصحتها وعدالتها عبر نظرياته، وبين هذا وذاك تاه الحق وادعى كل واحد منهم أنه صاحبة والأحق به، فضاع عنوان الصراع "الأزمة الإنسانية" وراح كل راعٍ يبحث عن مصالحه الشخصية بين الأشجار الكثيفة.
ولنرى مدى تعقيد الوضع في سوريا نسمع في البداية ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي عندما قال إن روسيا في المرتبة الأولى في قائمة المسببين للأزمة، بينما في المقابل لا نرى أي فعل أمريكي حقيقي على أرض الواقع يتماشى مع تقديراتها هذه، فروسيا التي تستهدف كل أعداء نظام الأسد إلا داعش لا يتم استهدافها بتاتا، بل تُترك لتقوم بالمجازر والمذابح بحق كل المعارضين دون تفريق وتضع نصب أعينها مهمة القضاء على نصف الشعب السوري لتستطيع تثبيت أقادمها بأريحية، وتترك في المقابل تنظيم داعش كعنصر ومغذّي أساسي لنظام الأسد.
في ظل المنظومة الجديدة والمتمثلة بمقص الأسد-داعش نرى ثلاث نقاط أساسية، الأولى: هو استمرار تراجيديا المذبحة الإنسانية وأخذها أبعاد جديدة مع استمرار أزمة اللاجئين في الداخل والخارج دون توقف، الثانية: اتساع بقعة الزيت لتخترق الحدود وتحرق الأبعاد الدولية باستمرار وجود تهديدات من إيران وورسيا وتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، أما الثالثة: هو استمرار الاستخدام الأمريكي المريح لمقص الأسد-داعش دون النظر لخيارات المعارضة.
يُعد الخبير فريدريك هوف أول من حذر ونقد التوجهات والسياسات الأمريكية في سوريا التي تنبئ بسوريا غير سوريا التي نعرفها حينما قال: "لن يبقى هنالك سوريا في سوريا اليوم"، ولهذا يجب أن نأخذ تحذيرات انقضاض المقص "مقص الأسد-داعش" في سوريا على محمل الجد حتى نستطيع تفادي كوارثه والخروج بحلول على المدى القريب والبعيد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس