ترك برس
مؤسس حركة النورسية بديع الزمان سعيد النورسي هو من أبرز العلماء الأتراك العاملين في الإصلاح الديني والاجتماعي في القرن العشرين، ولد من أبوين كرديين عام 1878 بقرية "هزان" بمدينة بتليس شرقي تركيا.
درس النورسي المرحلة الابتدائية في بلدته، وكان يشتهر بين الطلاب بذكائه، ولذا أطلق عليه لقب "بديع الزمان" و"سعيد مشهور". في عام 1897 ذهب إلى مدينة وان في شرقي تركيا. وقد اهتم بدراسة الرياضيات وعلم الفلك والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والفلسفة والتاريخ.
افتتح سعيد النورسي مدرسة بمدينة وان، وانتقل إلى إسطنبول في عام 1907، وقدم مشروعا إلى السلطان عبد الحميد الثاني لإنشاء مدرسة إسلامية تعرف باسم "مدرسة الزهراء" في شرقي تركيا، وكان يرغب بأن يكون التدريس فيها باللغات العربية والفارسية والتركية والكردية.
أسس سعيد النورسي مع الصحفي المقرب من الإنجليز "دروش وحدتي" جمعية "الاتحاد المحمدي" في إسطنبول واستخدمو نفس شعارات جمعية الاتحاد والترقي ولكن بمفهوم إسلامي، وذلك لكشف خدعهم التي يتسترون خلفها، وتجلية حقيقتهم.
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، شارك سعيد النورسي في الحرب في جبهة القفقاس وأسر بيد الروس عام 1334. وبعد سنة هرب النورسي من مخيم الأسرى في سيبيريا. وعندما وصل إلى إسطنبول عينته القيادة العسكرية عضوًا في "دار الحكمة الإسلامية" التي كانت لا تضم إلا كبار العلماء، ونشر في هذه الفترة أغلب مؤلفاته باللغة العربية. منها تفسيره القيم "إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز" الذي ألفه في خضم المعارك، و"المثنوي العربي النوري".
توفي سعيد النورسي عام 1960، ودفن في مدينة شانلي أورفا. ولكن بعد الانقلاب العسكري الذي حدث عام 1960 هدمت السلطات العسكرية الحاكمة للبلاد قبره، ونقل رفاته بالطائرة إلى جهة مجهولة. وأصبح قبره مجهولا حتى الآن لا يعرفه الناس.
سيعد النورسي مع مصطفى كمال أتاتورك
بعد تأسيس الجمهورية في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك دعي سعيد النورسي إلى أنقرة من قبل كمال أتاتورك ولكن النورسي رفض هذه الدعوة قائلا: "أريد أن أجاهد في أخطر الأمكنة من وراء الخنادق وأنا أرى مكاني هذا أخطر من الأناضول".
ولكن الدعوة تكررت فأرسل النورسي إلى أنقرة بعض طلابه، ثم ذهب إليها في عام 1922، حيث استقبل في المحطة استقبالا حافلا إلا أنه لم يسعد في أنقرة كثيرا إذ لاحظ بأسف بالغ أن معظم النواب لا يؤيدون إقامة الصلاة، كما أن تصرفات مصطفى كمال وسلوكه المعادي للإسلام أحزنه كثيرا، ولذلك أصدر بيانًا في 19 كانون الثاني/ يناير عام 1923 يتضمن عشرة مواد موجها إلى النواب يذكرهم بالإسلام مستهلًا بـ "يا أيها المبعوثون... إنكم لمبعوثون ليوم عظيم".
كانت نتيجة هذا البيان الذي وزع بين النواب وتولى إلقاءه الجنرال كاظم قرة بكر، وهو القائد الأول لحركة الاستقلال أن ما يقارب ستين نائبا في البرلمان استقاموا على التدين وأقاموا الصلاة. ولكن مصطفى كمال لم يرضَ عن هذا البيان وجرت بينهما مشادة عنيفة، وكان مما قاله مصطفى كمال: "لا ريب أننا بحاجة إلى أستاذ قدير مثلك، لقد دعوناك إلى هنا للاستفادة من آرائك المهمة، ولكن أول عمل بجهودكم هنا هو بث الفرقة بين أهل هذا المسجد".
فقال النورسي ردا عليه: "باشا... باشا... إن أعظم حقيقة تتجلى بعد الإيمان هي الصلاة وإن الذي لا يصلي خائن وحكم الخائن مردود...".
وبعد هذا اللقاء أخرجه مصطفى كمال من أنقرة بحجة تعيينه واعظا عاما للولايات الشرقية بمرتبة مغرية ولكن النورسي رفض هذا الطلب.
حركة النور وحركة غولن
يقول مؤسس حركة الخدمة المعروفة بـ"جماعة غولن " فتح الله غولن إن جماعته هي إحدى الجماعات المنتمية إلى مدرسة سعيد النورسي. ولكن النورسي حاول طوال حياته العيش بعيدا عن السياسة، ومما اشتهر عنه قوله: "اني أعوذ بالله من الشيطان والسياسة".
الخلافات بين الجماعتين
- يهتم أتباع جماعة النورسية بسعيد النورسي ولذا يتكلمون في خطبهم وأحاديثهم عن حياته كثيرا، ولكن فتح الله غولن تتخلى من كلام عن سيعد النورسي في خطاباته غالبا.
- يرى أتباع جماعة النورسية "رسائل النور" المصدر الثالث بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن لدى أنصار جماعة غولن المصدر الأصلي هو كتب فتح الله غولن.
- يعارض أتباع جماعة النورسية تبسيط واختصار كتاب "رسائل النور"، ولكن جماعة غولن قامت باختصارها ونشرها.
- قضى سعيد النورسي 33 سنة من عمره في السجن أو المنفى ولكنه لم يفكر العيش في بلد آخر أبدا. وحتى بعد أن سقط أسيرا على يد الروس في الحرب العالمية الأولى وصل إلى إسطنبول هاربا، وكما أنصاره لم يفضّل العيش في مكان آخر إلا بتركيا. ولكن فتح الله غولن بعد الانقلاب العسكري الذي قامت به القوات المسلحة عام 1997 هرب إلى الولايات المتحدة خوفا من غضب الناس.
- كان سعيد النورسي وأتباعه النورسية بعيدين عن السياسة، ولم يفضلوا الدخول في العمل السياسي، ولكن فتح الله غولن وحركته دخلوا السياسة ودعموا الأحزاب اليسارية في الكثير من الانتخابات بتركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!