وداد بيلغين – صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
يمكننا طرح السؤال نفسه بهذا الشكل، لماذا "تصر" الولايات المتحدة على قراءة حزب الاتحاد الديمقراطي بهذه الطريقة الخاطئة. أم أن هذا الشيء الذي فهمناه بشكل مغلوط هو في الحقيقة "خيار استراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة؟".
في كل دولة هناك صحف نصف رسمية تعكس "صوت مالكها"، هذه النوعية من الصحف نراها بشكل أكثر في الدول ذات الأوساط السياسية المنغلقة أما الدول الديمقراطية فهذا النوع من الصحف إما نادر أو أنه مموه بجدارة. "وهكذا ففي دولتنا ذات التقاليد اللاديموقراطية هذا النوع من الصحف النصف رسمية والتي تعكس الأيديولوجية الرسمية للنظام لا يمكن إنكاره ولا إخفاؤه خصوصا أنها لاقت رواجا في الفترة التي انتشر فيها عداء المواطن والمجتمع ، تلك الفترة التي شهدت تشويه الديمقراطية. "هذا الوضع لم يتغير إلى هذه الساعة، فهذه الصحف التركية النصف رسمية في ذاك الوقت لم تتخلى عن عدائها للمواطن وولائها لتلك السلطة السابقة وما زالت تشهر سيف العداء وتروج للبغيضة ضد السلطة الحالية ورئيس الجمهورية رجب أردوغان.
صوت المالك
الدول الغربية والأنظمة الديمقراطية كذلك تملك هذا النوع من الصحافة التي تعد خط دفاع عن المؤسسة والنظام هناك، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا تعمل من خلال جهاز مخابراتها السي آي إيه وغيره من المؤسسات على إيصال رسائل مختلفة إلى الجهات الأمريكية المعنية منها أو الخارجية من خلال وسائل الإعلام والصحافة. لعل صحيفة نيويورك تايمز إحدى أهم المؤسسات الإعلامية التي تقدم هذا النوع من الخدمات للحكومة الأمريكية. ففي الرابع والعشرين من شباط/ فبراير الماضي قامت هذه الصحيفة بنشر مقالة موقعة من مكتب التحرير أو ما يعرف بـ(The Editorial Board)، تعالج هذه المقالة المسألة الكردية التركية وتتحدث عن أن تركيا قد أخطأت في قراءة وفهم القضية الكردية. المقالة كذلك تتحدث عن إنشاء حزب الاتحاد الديمقراطي لمنطقة كردية في الشمال السوري وتشيد بالحزب وتركز على أهميته في مواجهة إرهاب داعش وتتحدث عن سيطرة الحزب على مواضع حساسة. المقالة تتحدث كذلك عن تقديم الولايات المتحدة الدعم اللوجستي والاستخباراتي للحزب في سبيل الوقوف في وجه داعش وتشير المقالة إلى أن تركيا تقف في وجه الحزب وتتخذ ضده ردات فعل خاطئة. فالمقالة تدعو رئيس الجمهورية رجب أردوغان لتقديم مشاريع المصالحة ويوجه دعوات للمفاوضات كرد على قصف الحزب وإطلاقه للصواريخ وتعديه على السيادة التركية!. المقالة تأخذ من علاقة تركيا – أكراد العراق مثالا على ما يجب الوضع عليه وتدعو لأن تكون العلاقة مع أكراد سوريا مشابهة لتلك العلاقات مع كردستان العراق. لا ينبغي إهمال أن المقالة تدل وبالشكل الصريح على أن قتال الأكراد في تركيا سبب لرفع التوتر مع الولايات المتحدة.
"إن سبب تحدثي عن هذه المقالة هنا ليس احتواءها على تحليلات أو معلومات جدية تستدعي النظر والاقتباس وإنما العكس هو الصحيح، فالمقالة مثال لا لُبس فيه على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعير شعوب المنطقة جميعهم وعلى رأسهم الأكراد أي أهمية فيما يخص المسألة السورية، أضف لذلك أن هذا المشروع الأمريكي ليس حكرا على سوريا وحدها بل يتعداها إلى الشرق الاوسط ككل".
من هو الشريك الاستراتيجي؟
سبب كتابتي عن المقالة المنشورة في تلك الصحيفة هو عدم تغير موقف الولايات المتحدة الأمريكية من حزب الاتحاد الديمقراطي رغم كل الدلائل التي قدمتها تركيا والتي تدل على أن الحزب عبارة عن تنظيم إرهابي، إضافة إلى الرسائل المضللة التي تحاول الحكومة الأمريكية إيصالها حول السياسة التركية في القضية السورية. فالصحيفة تتهم وبشكل واضح الحكومة التركية بـ"محاربة الأكراد" في سوريا دون الالتفات إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي/ حزب العمال الكردستاني يرتكب الأعمال العنصرية والجرائم بحق العرب والتركمان وحتى الأكراد الذين لا يؤمنون بفكره وأن تركيا تقف بوجه هذه العنصرية وهذا الإرهاب، إضافة إلى عمل هذين الحزبين تحت مظلة نظام البعث السوري الأمر الذي لا تنكره الأحزاب ولا الصحيفة على حد سواء.
في ضوء هذه الفكرة التي عبر عنها في السابق عدد من المتحدثين باسم الحكومة الأمريكية أتساءل هل "الشريك الاستراتيجي لتركيا" والذي نصب نفسه اليوم ليكون حكما على ما يجري في سوريا لا يعلم أن حزب العمال الكردستاني وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي قد انقلبا على محادثات السلام وفترة الحل (عملية السلام) التي قدمتها الحكومة التركية وأنهما زرعا الموت في كل مكان وعادا إلى الارهاب مرة جديدة من خلال العمليات الدموية التي نفذتها عناصرهم؟
إن دعم الولايات المتحدة الامريكية لحزب إرهابي معادٍ لتركيا بهذا الشكل الواضح والصريح ومحاولة الحكومة الأمريكية تنصيب حزب الاتحاد الديمقراطي كممثل للأكراد في سوريا لا يمكن تفسيره إلا بكونه ضرورات لسياسة مختلفة ومشروع واسع جدا؟ ما هو هذا المشروع وهل هو سري؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس