أمين بازارجي – صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
ماذا كانت تفعل الشرطة البلجيكية والانفجارات تتوالى وتنفجر تباعا في بروكسل؟ لو بحثنا عن الجواب لوجدنا أنها كانت تقمع الشباب الأتراك الذين يحاولون إزالة خيمة حزب العمال الكردستاني من أمام مبنى الأمم المتحدة. وفي نفس السياق كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد طلب من وزارتي العدل والداخلية في بروكسل بأن يقوموا بإنهاء مهزلة خيمة حزب العمال الكردستاني وقال لهم "أزيلوا خيمة التضامن من أجل كونهم إرهابيين وليس من أجل عيون تركيا". والحقيقة هنا أن بروكسل كانت ومنذ زمن بعيد قاعدة ومرتعا للإرهابيين من حزب العمال الكردستاني وحزب التحرر الثوري الشيوعي. ففي زيارة لنائب رئيس الوزراء مسعود يلماز قامت امرأة عضو في حزب التحرر الثوري الشيوعي بسب نائب رئيس الوزراء في فندقه خلال زيارة له في المدينة وقالت له "سأحطم رأسك". فبروكسل ومن لف لفها من البلدان تعتقد بأنها ستكون بخير ما دامت افعى الإرهاب لم تقرصها، لكن هذه الأفعى سرعان ما التفت عليهم وقرصتهم من حيث لا يعلمون...
لقد شمتوا بنا عندما ضرب الإرهاب قلب تركيا في أنقرة، وقالوا وهم مبتسمون إن تركيا استسلمت للإرهاب! عن اي استسلام يتكلمون؟ إذا كان الأمر كذلك فهل تكون بروكسل قد استسلمت للإرهاب بضربها بهذه التفجيرات وهي عاصمة الأمم المتحدة كما هي عاصمة الناتو وتضم بين جنباتها أكثر من 85 دبلوماسي من جميع الأقطار؟ طبعا لا. هم لن يعاملوا بروكسل كما عاملوا أنقرة من قبل، بل سيتهمون أجهزة الشرطة التي كانت تحذر من هجمات مرتقبة ولم تستطع إيقافها، كما وسيتهمون الجيش وأجهزة الاستخبارات على ضعفها، ومن ثم سيعملون على زيادة جهودهم وتعاونهم المبذول في مواجهة الإرهاب.
كتبت في السابق وقلت مقالة كاتب فرنسي مشهور وهو فيكتور هوغو، فقبل 200 عام من الآن كتب عما نعيشه اليوم وقال "لو قتل إنسان في فرنسا سيكون ما حصل هو جريمة بشعة، لكن لو تم خنق 50 ألف أنسان في الشرق فسيكون ما حصل هو مجرد حادث عابر لا قيمة له"، وهذا ما يحدث اليوم في تعريف الإرهاب. ولو أخذنا المسألة من طرف آخر وتساءلنا عن السبب الحقيقي للإرهاب فنتساءل ونقول: لو لم تتدخل أمريكا ومن قبلها الاتحاد السوفييتي في أفغانستان هل كنا سنشهد خروج جماعات متطرفة كطالبان والقاعدة؟ ولو لم تجرم روسيا في الشيشان ولم تستبيح دمائهم حتى صارت أنهارا، هل كنا سنرى الانتحاريين والانتحاريات يجوبون الطرقات؟ ولو لم تدخل أمريكا في العراق ولم تعيث فيها الفساد ومن ثم تدعم حكومة كحكومة المالكي الذي حذذت منها حكومتنا مرارا وتكرار، هل كنا سنشهد تنظيما إرهابيا متوحشا كداعش؟ ولو لم تقم دول الغرب الاستعمارية باستعباد الشعوب هل كنا سنرى بحور الدم التي تملأ الدنيا هذه الأيام؟ بالطبع لا.
في جزء آخر من الصورة نرى أنهم يوجهون إصبع الاتهام دائما نحو العراق وسوريا كمصدر رئيسي للإرهاب والإرهابيين، لكن الحقيقة ليست كذلك، فأوروبا كانت وما تزال مصدرا أساسيا في تصدير هؤلاء الإرهابيين، فمن بينهم خرج آلاف المقاتلين الأجانب الذين انتقلوا من بلاد الغرب إلى سوريا ليغذوا الإرهاب فيها، فدولة صغيرة كسويسرا مثلا صدرت أكثر من 60 مقاتل! لتظهر لنا الحقيقة جلية من بعد هذا وهو أن أوروبا بنفسها هي من تقوم بتغذية هذا الإرهاب العالمي. ومن هنا أخلص إلى أنه ومن أجل مواجهة حقيقة الإرهاب العالمي يجب أن يغير الغربيون ما في عقولهم حتى يستطيعوا أن يغيروا ما في أحوالهم، فعقلية مثل التي تدافع عن خيمة تضامن لحزب العمال الكردستاني لن تنجح في القضاء على الإرهاب العالمي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس