د. عمر بولاط - الاقتصاد العميق - ترجمة وتحرير ترك برس (نشرت المقالة الأصلية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
يصادف الإنسان في حياته العديد من الفرص الهامة، واستغلاله لها يشكل له نقطة تحول في حياته، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الدول، وقد يطرق النصيب أبوابها، لكن الأهم، هو أنْ تستغل الدولة هذه الفرص من أجل التطور، والتقدم، وخدمة الشعب بأفضل صورة ممكنة.
عاشت الدولة التركية أزمة اقتصادية عميقة عام 2001، لكن الفترة التالية، وتحديدا من عام 2002 حتى عام 2013، استطاعت تركيا تحقيق استقرار اقتصادي، ونهضة حضارية، وفي عام 2013 وصل الاقتصاد التركي إلى القمة، حيث أعطى أفضل مؤشرات له منذ 120 عاما، واستطاع دفع آخر الديون المترتبة للبنك الدولي، وانتقلت تركيا من دول الدخل المتوسط، إلى دول الدخل المرتفع.
لكن مع نهاية شهر أيار/مايو عام 2013، وبداية شهر حزيران/تموز، بدأت أحداث غزي بارك وشارع التقسيم، ولحقها محاولة انقلاب في الفترة بين 17-25 كانون أول/ديسمبر، وهذا بدوره شكّل ضربة قوية للاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة التركية، وزعزع الأمن المجتمعي، كما أنّ السياسة التي اتبعها البنك المركزي الأمريكي أدت إلى زيادة حجم الضرر على اقتصاد الدولة.
وبعد أشهر قليلة، قام البنك المركزي بزيادة نسبة الفائدة بصورة ملحوظة، من أجل تدارك الخطر القادم من انخفاض مقدار الاستثمار الخارجي، ورافق ذلك هبوط حاد في أسعار النفط والغاز الطبيعي، ليصل سعر برميل البترول الى ما دون 115 دولار، حيث انخفض سعر النفط خلال 4 أشهر فقط بمقدار 45-50 دولار، وهذا كان بمثابة "الهبة" للاقتصاد التركي الذي بدأ يتعافى مجددا، وتراجع عجز الحساب الجاري من 65 مليار دولار في 2013، إلى 46.5 مليار دولار، لكن عدم الوضوح في سياسة البنك الدولي وتصرفاته، جعلت الاقتصاديين الاتراك في حالة من الخوف والترقب فيما يتعلق ببطاقات الائتمان البنكي، وذلك لم تتجاوز نسبة النمو في الاقتصاد التركي 3-3.5% خلال الفترة بين 2012-2015.
وبعد الركود الاقتصادي الذي حصل في الصين، وكذلك في الدول النامية، أجّل البنك المركزي زيادة نسبة الفائدة مجددا الى شهر آذار/ مارس 2016، وهذا بدوره عزز من الصادرات التركية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبذلك سينمو الاقتصاد التركي بصورة أفضل
كما أنّ وصول ميركل وساركوزي إلى سدة الحُكم، جعل المفاوضات التركية الأوروبية تتجمد، إلا أنّ أزمة اللاجئين، وتكدسهم على الحدود الأوروبية، جعلت الاتحاد الأوروبي يُدرك أهمية تركيا، وعادت المفاوضات من جديد، بل تقدمت وتجاوزت عديد العقبات.
دائما ما كانت الدولة التركية تنجح في عبور الأزمات، بل وتخرج منها أقوى مما كانت عليه قبلها، وأسال الله ان نستغل هذه الفرص أحسن استغلال، من أجل زيادة رفعة أمتنا، وشعبنا، وهذا يتطلب قيادة وزعامة قوية للدولة، واستقرار سياسي، ووحدة وطنية، واستقرار اقتصادي يقودنا نحو مزيد من التنمية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس