هلال قبلان – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تعد تركيا واحدة من الاقتصاديات العشرين الأقوى في العالم. وتملك أهم الجيوش القوية داخل حلف الناتو. كما أنها من الدول ذات الطاقات الاستثنائية فيما يتعلق بالسكان الشباب والمصدر البشري. وعلى الرغم من أهمية هؤلاء جميعًا فإننا نمتلك خاصية أخرى وهي: رغبتنا في إقامة علاقات متساوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع الاتحاد الأوروبي، وروسيا.
وإن كان الخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية أمرًا غير مرغوب فيه، ولكن عدم تردد تركيا في الاعتراض وبصوت عالٍ في الوقت الذي كان فيه دعمهم لوحدات حماية الشعب الكردي واضحًا، واعتراض رئيس الجمهورية على خيمة بي كي كي التي نصبت في بروكسل خلال مناقشة شروط اتفاقية اللاجئين، وإسقاط الطائرة الروسية "القوة العظمى" بسبب اختراقها حدودنا مرات عدة كان جزءًا من ذلك.
وإن كان العمل في السياسة الخارجية في إطار "وجود كرامة لدى تركيا، وهي كرامة قد عهد بها إلينا" يعد مغامرة لدى البعض، ورومانسية للبعض الآخر، وغباءً، فإنه لم يسمح لها بسحق كرامة الشعب والدولة كحد أساسي. ومما يدعو للأسف هو إظهار المعارضة المشكوك بوجود حدود لطاقاتها المتملقة للدول الغربية، وكذلك وجود حدود لعنجهيتها تجاه شعبها، مرة أخرى أنها معارضة أساسها الانقلاب على دولتها فحسب.
وعلى الرغم من ادعائهم بحماس أن "أردوغان لن يتمكن من الذهاب إلى أمريكا لأنه سيعتقل"، تمت استضافته في البيت الأبيض. كما ابتهجوا أيضًا "برفض البيت الأبيض اللقاء مع أردوغان" ولكنه التقى مع كل من وزير الخارجية جون كيري ونائب الرئيس جون بايدن. وفيما بعد التقى أوباما على انفراد مع قادة ثلاث دول فقط من ضمن الدول 50 التي شاركت في قمة الأمن النووي، وكان أردوغان واحدًا منهم.
وانفعلوا كذلك عندما "رفضت المؤسسات الفكرية دعوة أردوغان"، ولكن بناءً على معلومات كشفت عنها مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، فإن مؤسسات فكرية عديدة مثل معهد أتلانتك، ومعهد كارينغي للدراسات الخارجية، ومعهد بروكينغز، وكلية الدراسات الدولية المتقدمة أرسلت دعوات للحديث مع أردوغان. ووقع اختيار رئاسة الجمهورية على معهد بروكينغز من بين جميع الخيارات.
وحاولوا أيضًا مواساة أنفسهم بالقول "إن أردوغان بصفته قائدًا منبوذًا، لن يرغب أحد باللقاء معه"، ولكن كان من بين الأسماء التي التقت مع أردوغان في اجتماع مغلق بعض الوزراء السابقين مثل مادلين أولبرايت وكولن باول، ومستشارو الأمن القومي السابقين مثل زبغنيو بريجنسكي وجيمس جونز، وسفراء سابقين مثل فرانسيس ريكاردون وجيمس جيفري، وزلماي خليل زاد، وكذلك ويندي شيرمان الزميلة المقربة لأوباما بالعمل سابقًا.
وبذلك نرى من خلال الهيئات العسكرية المرسلة، ومن الحظر المتصاعد أنها بوادر تحضير روسي من أجل عملية التقارب مع تركيا، واقتراب الاتحاد الأوروبي من القبول بشروطنا مع عدم قدرته على الاستمرار بموقف المتعهد السابق بسبب اتفاقية اللاجئين. وكما قال ماركار اسيان "ستقيمون تواصل معنا على المدى المنظور"، أو أننا سنتعلم كيفية إقامته. وهي الرسالة التي تتضمن هدف "تركيا الجديد" إلى حد ما.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس