ترك برس
تناولت مجلة "دارين تاريخ" (التاريخ العميق) إحدى أشهر الساعات في عهد الدولة العثمانية، وهي الساعة الضخمة المهداة للسلطان سليمان القانوني.
تشير المجلة إلى أن السلطان العثماني كان يستقبل الكثير من الهدايا القيمة من الدول الأخرى بواسطة السفراء، ومنها الكتب، والقماش الثمين، وآلات الحرب المُزينة، والساعات الضخمة الثمينة، موضحة أن العثمانيين كانوا يحرصون على أوقاتهم خاصة لمتابعة الأذان والصلوات الخمسة، فيما اهتم بعض السلاطين بالساعات وأشكالها مثل السلطان محمد الفاتح الذي طلب بعد فتح إسطنبول عدسة مُكبرة وساعة بمنبه يتم إحضارهما من إيطاليا.
كما احتوى قصر الباب العالي تشكيلة فريدة من الساعات في عهد السلطان الفاتح، وعلم الكثير من ملوك الدول الأخرى هوايته، لذلك حرصوا على إرسال هداياهم الدبلوماسية على هذا الأساس.
وفي عام 1526 بعد أن فتح السلطان سليمان القانوني المجر توجس إمبراطور النمسا آنذاك "فرديناند"، فأرسل على الفور وفدًا إلى السلطان سليمان القانوني يحمل ساعة ضخمة يصعب على 12 من الرجال الأشدّاء حملها، لطلب الصلح وإظهار رغبته في التعاون مع الدولة العثمانية بعيدًا عن الحرب.
تطرق الكثير من المؤرخين الأتراك والنمساويين إلى هذا الحادثة ودلالاتها الدبلوماسية. تصور المجلة استقبال السلطان سليمان للهدية من خلال الإشارة إلى أن الهيئة الدبلوماسية التي أرسلها إمبراطور النمسا كانت تضم أكثر من 20 شخصًا، 12 منهم فقط لحمل الساعة وتقديمها، والآخرون كان بعضهم سفراء والبعض الآخر وزراء مقربون جدًا من الإمبراطور، أي باللغة الدبلوماسية الحديثة كان وفدًا رفيع المستوى يدلل على مدى جدية الإمبراطور النمساوي في مسعى إرساء قواعد السلام بينه وبين الدولة العثمانية.
عندما وصلت الهيئة إلى مشارف إسطنبول نودي في القصر بأن هناك هيئة دبلوماسية رفيعة قادمة من النمسا إلى القصر، فأمر السلطان سليمان القانوني وزرائه بتجهيز حفل استقبال يليق بالهيئة القادمة، ومع وصول الهيئة قرعت الطبول ورافق الهيئة طابور عسكري حتى وصولها إلى السلطان سليمان القانوني الذي وقف احترامًا للهيئة الرفيعة.
رحب السلطان سليمان بالهيئة وأثنى على التحرك الدبلوماسي الذي قام به الإمبراطور "فرديناند"، وعرض عليهم الجلوس، ثم تحدث أحدهم قائلًا: "هذه الساعة القيمة مُقدمة من الإمبراطور المُقدر لمقامكم "فرديناند"، سعيًا في ترسيخ عُرى الصلح بين إمبراطورية النمسا وإمبراطورية مقامكم المعظم. هذه الساعة لا تُظهر التاريخ والساعة فقط، بل تُظهر أيضًا حركة النجوم، كما أن هناك كتابا يوضح آلية استخدامها، رجاؤنا هو قبولكم للهدية المتواضعة وفتح صدوركم رحبة لإرساء السلام بينكم وبين الإمبراطورية النمساوية".
تورد المجلة رد سليمان القانوني بقوله: "هديتكم ثمينة وقبولها واجب، احترامكم لنا يوجب علينا تقديركم وتقدير إمبراطوركم المبجل، استريحوا في قصر الضيافة، وأما الصلح فهو قائم بيننا ولا ريب في ذلك".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!