محمود القاعود - خاص ترك برس
اختار القدر أن يضع تركيا في مكانة متفردة من بين دول العالم، وحباها بخصائص جيوبولوتيكية وجيواستراتيجية وموارد طبيعية، مكنتها من بسط سلطانها على ثلاث قارات إبان الخلافة العثمانية، ولذلك فإن نهوض تركيا يُرهب قوى الشر في العالم، التي ما فتئت تكيد وتتآمر، ليظل العالم الإسلامي في حالة من التخلف والتأخر والتناحر.
تعتمد تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية، على وضع الخطط الاستراتيجية لمواجهة الحرب الخفية والمعلنة من قِبل الغرب الصليبي بزعامة أمريكا. لكن تظل تركيا وحيدة في مواجهة الإعصار الصليبي، لا سيما مع تفكك العالم الإسلامي وانهيار الدول المحورية به، وتحويل الغرب ثورات الربيع العربي إلى كابوس وشلالات من الدماء، كعقاب للشعوب المسلمة التي ثارت ضد الحكام العملاء، وهو ما جعل تركيا في موضع الانحناء للعاصفة الصليبية الهوجاء التي تستهدف كل ما يمت للإسلام بصلة.
حاولت تركيا أن تلتزم بنهضتها الاقتصادية والصناعية والفكرية والعلمية، وألا تسمح للمؤامرة الكبرى أن تؤثر على الاستقرار والتنمية، فكشفت المؤامرة عن وجهها القبيح وباتت تلعب علي المكشوف، لتشغل المارد التركي عن النهوض، ودفعه لأتون حروب تفكك الدولة التركية، ومن ثم يدين العالم للصليبية العالمية المسعورة.
المفارقة أن الاتجاه السائد الآن هو الاعتقاد بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وسعي تركيا نحو استيفاء شروط الانضمام، وتعد اتفاقية اللاجئين السوريين بين تركيا والاتحاد الأوروبي بداية الاندماج التركي الأوروبي، لكن نظرة متعمقة تخبرنا أن أوروبا لن تفي بالتزاماتها تجاه الأتراك، وطالما الأتراك يقولون: ربنا الله، لن ترضى عنهم أوروبا مهما قدموا أو تنازلوا. يقول الله تعالى: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ"
الآية الكريمة واضحة، ولا مجال فيها للسياسة أو المهادنة، وهو ما يُحتم على القادة الأتراك الاهتمام بالاتحاد الإسلامي، وبالدول الإسلامية، وقد أبلت تركيا بلاء حسنا لنصرة المظلومين في مصر والصومال وسوريا وميانمار وفلسطين، فتشكلت قاعدة جماهيرية كبيرة تنظر لتركيا باعتبارها قائدة العالم الإسلامي التي تجابه وتقاوم الإمبريالية الصليبية نيابة عن ملايين المسلمين في شتي بقاع الأرض.
إن الفرصة مواتية الآن لتتحرك تركيا في اتجاه اتحاد إسلامي، يبني الأمة الإسلامية ويوحد كلمتها ويزيل الحدود المصطنعة، أما الاتحاد الأوروبي فسيظل يبتز تركيا. ولن يقبل بضمها حتى تذعن وتستسلم وتخلع الإسلام تماما وهو ما لا يتصوره أى مسلم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس