ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، أن تصريحات مؤسس ورئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية، الشيخ راشد الغنوشي، بشأن فصل النشاط الديني عن النشاط السياسي وتحويل النهضة من جماعة إسلامية إلى حزب سياسي، أعادت إلى الأذهان انشقاق رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورفاقه عن حركة مللي غوروش (الرأي الوطني) التي كان يقودها آنذاك الراحل نجم الدين أربكان ليؤسسوا حزب العدالة والتنمية.
جاء ذلك في مقال له بعنوان "التجربة التركية وتحول النهضة"، نشره موقع "أخبار تركيا"، قال فيه:
تجربة أردوغان ورفاقه المنشقين عن تيار أربكان نجحت، وحصل حزب العدالة والتنمية في أول انتخابات برلمانية خاضها بعد تأسيسه على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة وحده. وبقاء الحزب منذ منتصف نوفمبر / تشرين الثاني من عام 2002 في الحكم مع ازدياد شعبيته التي تجاوزت اليوم 50 بالمائة وفقا لنتائج استطلاعات الرأي، يدل على أن ذلك التغيير الذي أقدم عليه أردوغان ورفاقه حظي بقبول واسع في الشارع التركي.
الحزب السياسي الذي يمثل جماعة دينية أو طريقة صوفية يصعب نجاحه، لأن الجماعات الدينية والطرق الصوفية بينها تنافس يشبه تنافس الأحزاب السياسية، وبالتالي يتساءل الموالون للجماعات الأخرى: "لماذا نصوت لحزب يمثل جماعة تنافس جماعتنا؟".
حزب العدالة والتنمية التركي منذ تأسيسه رفض وصفه بـ "الحزب الإسلامي"، بل قال إنه "حزب ديمقراطي محافظ" مؤكدا أن الإسلام فوق جميع الأحزاب. وهو حزب سياسي لا يمثل أي جماعة أو طريقة، ولذلك يصوت له في الانتخابات ناخبون من أتباع جماعات إسلامية وطرق صوفية مختلفة.
الشيخ راشد الغنوشي في حديثه لصحيفة "لوموند" الفرنسية وصف أعضاء حركة النهضة بــ"المسلمين الديمقراطيين"، وهذا الوصف الذي اختاره الغنوشي للتعريف بأعضاء الحركة يشبه إلى حد كبير ما يعرف به حزب العدالة والتنمية التركي نفسه، كما يرى بعض المراقبين أن ما أقدمت عليه حركة النهضة يشبه تماما انشقاق أردوغان ورفاقه عن تيار أربكان ليؤسسوا حزب العدالة والتنمية، غير أن هناك فرقا بين التجربتين وأن ما نجح في تركيا ليس بالضرورة أن ينجح في تونس.
أردوغان ورفاقه انشقوا عن تيار أربكان وأسسوا حزبا سياسيا أقرب من الخط السياسي الذي رسمه تورغوت أوزال، وإن كان كثير من مؤسسي حزب العدالة والتنمية من المنشقين عن تيار “مللي غوروش” فإن الحزب جمع تحت سقفه سياسيين منشقين من الأحزاب والتيارات الأخرى، مثل حزب الوطن الأم وحزب الطريق القويم وحزب الحركة القومية وحتى من الأحزاب اليسارية. أما تجربة حركة النهضة الأخيرة فلا انشقاق فيها ولا حزب جديد ينضم إليه آخرون من خارج الحركة، بل هي عملية فصل النشاط السياسي عن النشاط الديني وتحول جماعة إسلامية إلى حزب سياسي.
وفي التجربة التركية، لم يكن أردوغان شيخا ولا زعيما لجماعة دينية، لا قبل تأسيس حزب العدالة والتنمية ولا بعده، بل كان ومازال سياسيا متدينا. أما الغنوشي فشيخ وزعيم جماعة دينية. وبالتالي، فإننا لن نشاهد فقط تحول حركة من جماعة دينية إلى حزب سياسي، بل وسنشاهد أيضا تحول شيخ وداعية إسلامية وزعيم جماعة دينية إلى سياسي ديمقراطي، في حال نجحت الخطوة الأخيرة التي تقدمت بها حركة النهضة.
حركة النهضة قررت فصل النشاط السياسي والنشاط الديني والدعوي، وإعادة انتخاب الشيخ راشد الغنوشي، الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية في تونس، رئيسا للحركة في مؤتمرها العاشر تعني أن الغنوشي اختار أن يقود النشاط السياسي، كما تعني أنه سيتخلى عن أنشطته الدينية والدعوية، ولكن هذه المهمة لن تكون سهلة.
وكان الشيخ راشد الغنوشي، مؤسس ورئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية، أعلن في حوار نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الحركة سوف "تخرج من الإسلام السياسي"، مؤكدا أن النهضة حزب سياسي ديمقراطي ومدني، له مرجعية قيم حضارية مُسْلمة وحداثية. وأضاف: "نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المسلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرّف أنفسنا على أننا جزء من الإسلام السياسي"، حسبما ذكر الكاتب التركي في مقاله.
كما قال الغنوشي في حديث لقناة "تي أر تي" الحكومة في تركيا، إنّ التجربة التركية متميزة على عدّة مستويات، وخاصة على المستوى الاقتصادي، حيث نجحت حكومة العدالة والتنمية في الإرتقاء بالاقتصاد التركي إلى أن وصلت به إلى المرتبة الـ16 على العالم، مشيرًا إلى أنّ ذلك "يعد انجازًا عظيمًا، نطمح أن نتعلم منه نحن في تونس ونسير على خطاه".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!