برهان الدين دوران - صحيفة ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
يعد اندماج 2.7 مليون لاجئ سوري في المجتمع التركي اختبارا حقيقيا للديمقراطية في البلاد. خلال زيارته لمخيم للاجئين في مدينة كيليس في وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس، رجب طيب أردوغان، إنه يعتبر الحضور إخوة وأخوات له، وأضاف أن تركيا ستمنحهم الجنسية إن أرادوا ذلك. أشعلت تصريحات الرئيس النقاش الوطني حول مستقبل الاجئين السوريين. أعرب قادة المعارضة عن رفضهم الشديد، حيث بدأ وسم# لا أريد السوريين في بلدي يتصدر موقع تويتر.
هناك جانبان مهمان لهذا النقاش : الأول المسائل التقنية المتعلقة باندماج اللاجئين في المجتمع التركي ، والثاني بروز قضية اللاجئين السوريين بوصفها اختبارا حقيقيا للديمقراطية. إن قرار منح الجنسية للاجئين السوريين هو محاولة من جانب الحكومة لكسر الجمود الحالي في الأزمات الإنسانية. ثمة إشارات متضاربة تأتي من أوربا، مع إجبار تركيا على اتخاذ خطوات إضافية لمعالجة الأزمة الإنسانية. وحيث إن نهاية الأزمة السورية لا تلوح في الأفق فإن هناك فرصة جيدة لبقاء عدد كبير من اللاجئين السوريين في تركيا إلى ما شاء الله.
ومع وجود الأطفال السوريين الذين ولدوا لاجئين في تركيا وإلحاقهم برياض الأطفال، لم يكن أمام السلطات التركية من خيار سوى اتخاذ إجراءات عاجلة تتعلق بالاندماج الاجتماعي. لا يمكننا المضي قدما بحلول مؤقتة. ومن أجل الحيلولة دون تقوقع السوريين وإنغلاقهم على أنفسهه يتعين على تركيا اتخاذ الخطوات اللازمة لكي توفر لهم التعليم والعمل دون مزيد من التأخير.
وعند هذه النقطة لم تمنح تركيا طالبي اللجوء السوريين الوضع القانوني للجوء بسبب القيد الجغرافي الذي وضعته اتفاقية جنيف 1951 . ذلك أن الدولة إذا منحت اللاجئين الوضع القانوني، فسيترتب على ذلك أن تتحمل تركيا مزيدا من المسؤوليات، بما في ذلك المساعدات المالية والتعليم والتوظيف.
وبهذا المعنى فإن قرار منح الجنسية للاجئين السوريين يمثل الخطوة التالية بعد نظام الحماية المؤقت الذي كان مطبقا لعدة سنوات. وفي الحقيقة فإن الجهد الجديد بدأ بالقرار الذي اصدره مجلس الوزراء في فبراير 2016 بالإعلان عن اللاجئين السوريين المؤهلين للحصول على تصاريح العمل. وعلى مدى الشهور الماضية تحقق تقدم كبير في تحسين مستوى المعيشة ل 400.000 مواطن سوري ممن يعملون بصورة غير قانونية في تركيا. وقد تحركت البلاد في الوقت الراهن لكي تجعل من الممكن للسوريين، الذين يملكون أكثر من 40 ألف شركة في تركيا، أن يصيروا مواطنين مجنسين، في محاولة لتعزيز اندماجهم في المجتمع التركي.
ويرتبط النقاش حول منح الجنسية، علاوة على ذلك، بجدل أوسع حول الطرق التي تعرف بها تركيا نفسها. يتجاوز قرار منح الجنسية للاجئين السوريين حدود الإغاثة الإنسانية، ويركز على مستقبل السوريين في تركيا بوصفه مسألة سياسية طويلة الأجل. ومما لا يبعث على الدهشة أن رد المعارضة الأولي كان اتهام الرئيس، رجب طيب أردوغان بأنه يسعى للحصول على مليون ونصف مليون صوت إضافي في محاولته لتعديل الدستور، وإنشاء نظام رئاسي. وفي الوقت نفسه زعم حزب الشعب الجمهوري أن الرئيس يرغب في توطين اللاجئين السوريين في المحافظات ذات الأغلبية الكردية والعلوية. وبعد أن تعهد رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فمن المحتمل أنه سيأتي بمجموعة جديدة من الحجج العنصرية ضد تجنيس اللاجئين السوريين. وبعد ساعات من الإعلان عن منح الجنسية للاجئين السوريين زعم البعض أن السوريين سينجبون كثيرا من الأطفال لكي يزيدوا عددهم إلى 20 مليون نسمة خلال العقد المقبل، وذكر آخرون أن السوريين سيطالبون قريبا بمدارس للغة العربية، ويدعون إلى حكم ذاتي في هطاي. وفي الوقت نفسه بدأت قواعد حزب الشعوب الديمقراطية بالفعل في اتهام اللاجئين السوريين بأنهم أعضاء في داعش.
سيمثل الجدال حول منح الجنسية للسوريين اختبارا حقيقيا للديمقراطية التركية. وإذا كان هاجس المعارضة تجاه الرئيس أردوغان يحمل إشارة ما، فلن يستغرقوا وقتا طويلا حتى يختبروا حدود كراهية الأجانب والعنصرية .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس