جميل إرتم – صحيفة ملييت – ترجمة وتحرير ترك برس
عاشت تركيا إثر محاولة الانقلاب حدثا فريد من نوعه، كان ذلك بتماسك الاقتصاد التركي رغم هذا الهجوم الإرهابي الضخم، وباعتبار محاولة الانقلاب هذه وما سبقها من انقلابات في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي في تركيا وامريكا اللاتينية جيلًا جديدًا من الهجمات الإرهابية، نرى كيف كان صمود الاقتصاد التركي حدثًا تاريخيًا.
وكمثال على ذلك ننظر مثلا الى هجمات 11 سبتمبر سنة 2001 وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي، فبسبب هذا الهجوم الإرهابي تعرض الاقتصاد الأمريكي لأزمة عميقة فقد على إثرها أكثر من 1.8 مليون شخص عملهم وأصبحوا في عداد العاطلين عن العمل، بينما خسرت أمريكا ما يقارب ال 1.4 ترليون دولار في البورصة رغم محاولاتها الحثيثة في دعم الأسواق وصرفها ال 18 مليار دولار في ذلك، وخسرت كذلك 5 مليون سائح....
المقاومة الاقتصادية
في يوم الانقلاب لم يتأثر سوق السندات الا بارتفاع بسيط ب 20 نقطة، بينما حافظت ماكينات الصرافة الالية على قدرتها في صرف المال، ولم نشهد كذلك أي ارتفاع في طلبيات الصرافة، بل حصل العكس تماما عندما تم إيداع 2.5 مليار دولار في صباح ليلة الانقلاب، ولم تتأثر الفوائد التي حافظت على قيمتها ب 10.5-11.5. في اول يوم اثنين بعد الانقلاب لم نرى أي تغير ملحوظ في الأسواق الاقتصادية التركية.
الامر الذي يشير وبوضوح الى المقاومة الكبيرة التي اظهرها الاقتصاد التركي، فلو درسنا حال 90 دولة حصل فيها هجمات إرهابية مشابهة لوجدنا الحالة التركية مثال ناصع يُنير في أبها أسطر التاريخ الإنساني. في نفس السياق وبصورة متناقضة نرى تقييمات عالمية مضللة مثل تقييم موديز الذي أشار الى سقوط حاد في السوق الاقتصادي التركي بسبب المحاولة الانقلابية وتنبأتها السلبية للمستقبل السياسي التركي! ليُطرح السؤال هنا: إذا كان السوق الاقتصادي ناجح والانقلاب فاشل سياسيا لماذا تقوم تقييمات مثل موديز وغيرها بمثل هذا التقييم المشبوه؟
القضاء على المخاطر
كان الشعب التركي الحر هو من أنهي الانقلاب وأنقذ الاقتصاد عندما توجه للميادين وحارب الالة العسكرية بصدوره العارية في مساء الانقلاب، وعندما حل الصباح توجه كل الشعب الى أعمالهم المعتادة، ففتحوا الأسواق والدكاكين ودفعوا عجلة الاقتصاد من جديد. بينما في الازمة الاوربية رأينا كيف توقفت آلات الصرافة المالية عن اخراج المال في إسبانيا والبرتغال؛ الامر الذي فتح المجال واسعا للحرب الاهلية.... تقول منظمة التقييم العالمية بان انقلاب 15 تموز هو ارتفاع لوتيرة فوضى امتدت لعامين، لكن الحقيقة هو ان الإرهاب الذي استهدف رئيس الجمهورية اردوغان وامتد لعامين منذ 17-25 ديسمبر وما تخلله من عمليات إرهابية لحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش فتح الباب للنهاية الكبيرة في 15 تموز، وكيف ان ما قبل 12 ايلول فتح لما بعدها، فان 15 تموز هي القمة التي سينتهي عندها خطر استمر لعامين دونما توقف.
قرارات مجلس الامن القومي
تقوم مؤسسات التقييم الدولية بتخفيض نقاط دولة ما حسب معايير محددة ومعينة وهي على النحو التالي: 1-اثبات وبشكل اكيد انخفاض معدلات النمو في المدى المتوسط 2-ضعف قدرة الحكومة على اتخاذ الإجراءات السياسية والاقتصادية الإصلاحية المناسبة لحل الازمة 3-ضعف القدرة على التموين والاستدانة 4-ضعف المصداقية.
لنرى الان كيف كانت تركيا بعد 15 تموز: 1-ستؤدي قرارات مجلس الامن القومي التي اتخذها الى استئصال الحزب الإرهابي جماعة فتح الله غولن والقضاء على قدراته 2-اظهر الشعب التركي وبتحركاته الجماعية انه شعب ديمقراطي في اعلى مستوى من الحرية والديمقراطية؛ الامر الذي سيفتح الطريق نحو تغيير القانون الأساسي ليصبح قانونا أساسيا ديمقراطيا 3-أصبحت تركيا بعد هذا الاختبار بلدا أكثر فخرا باقتصادها واصولها ونموها وقدرتها على تامين التمويل الخارجي. اما الان فقد حان الوقت حتى نتوسع في خطوط انتاجنا الداخلية ونعمل على تطوير نماذج النمو الداخلي والخارجي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس